بسم الله الرحمن الرحيم
ماجاء في كتاب"ذيل طبقات الحنابلة" في ترجمة القاضي(ابي بكر محمد بن عبد الباقي البزاز)يروي لنا حكاية عن نفسه ثم جاء كتابكم ليعيد ماحكاه بمداده فنقول
كنت مجاورا بمكة المكرمة حرسها الله تعالى,فأصابني يوما من الايام جوع شديد
ولم اجد شيئاً في داري ادفع به عني الجوع فخرجت التمس الطعام فسمعت الآذان
يؤذن للصلاة وبينما كنت متوجهاً للحرم الشريف إذ بي ارى في الطريق كيسا مشدوداً
بخيط من ذهب,
فأخذته وجئت به الى بيتي فحللته فوجدت فيه عقداً من لؤلؤ لم أرى مثل جماله ابداً
وأخذت اقول في نفسي ياليت هذا العقد لي .!
فخرجت فإذا بشيخ ينادي عليه ومعه خرقة فيها خمسمئة دينار, وهو يقول:
أيها الناس هذا لمن يرد لنا الكيس الذي فيه اللؤلؤ هذا لمن لديه شهامة وأمانة
فقلت في نفسي انا محتاج,وانا جائع فلم لاآخذ هذا الذهب فانتفع به, فو الله لاأظن
احدا في مكة كلها مثلي معوز وجائع.
فناديته:تعال معي تعال, فأخذته وجئت به الى بيتي, فاعطاني لون الكيس وعلامة
اللؤلؤ وعدده والخيط الذهبي, فاخرجته ودفعته اليه, فسلم إلي خمسمئة دينار
فرفضت ان آخذها وقلت له :يجب علي ان اعيده لك ولا آخذ له جزاء ولا شكورا فقال:
لابد ان تاخذ والح علي فلم اقبل ذلك منه , فتركني ومضى,
واما ماكان مني فإنني شددت رحلي وخرجت من مكة وركبت البحر,
فلما استويت على ظهر السفينة اخذت افكر في حالي وفقري
ومن اين لي ان آتي بالمال فرفعت يدي ودعوت ربي
(رب اني لما انزلت الي من خير فقير)
وبينما كنت متكئا على السارية احسست بالسفينة تعلو وتهبط ليس كعادتها ثم ان البحر بدأ يثور واخذت امواج البحر تتلاطم بالسفينة من كل مكان ودب الرعب والذعر وزاد الصراخ الناس فاخذت انظر فإذا واذا بموجة عظيمة
كالطود العظيم جاءت فضربت السفينة فانكسر المركب وغرق الناس وهلكت اموالهم
وسلمت انا على قطعة خشبية من المركب فبقيت مدة بالبحر حتى لاحت لي يابسة
فاخذت اسبح بما بقي لي من قوة حتى القيت بنفسي على شاطئ جزيرة فجاؤوني
صبيانها وحملوني الى اهلهم فاطعموني وسقوني
ثم اني خرجت بعد ثلاثة ايام فقعدت في بعض المساجد , فسمعوني اترنم بالقرآن واقرأ,فلم يبقى في تلك الجزيرة أحد إلا جاء إلي وقال : علمني القرآن,
فحصل لي من اولئك شيء كثير من المال ثم اني رايت في ذلك المسجد اوراقا من مصحف فأخذت اقرا فيها فقالوا: اتحسن الكتابة والخط ؟ فقلت نعم, فقالوا علمنا الخط, فجاؤوا باولادهم من الصبيان والشباب فكنت اعلمهم فحصل لي ايضاً في ذلك شيء من المال الكثير ,
فقالوا لي بعد ذلك ,
عندنا صبية يتيمة, ولها شيء من متاع الدنيا والاموال , نريد ان تتزوج بها , فامتنعت فقالوا
لابد والزموني فأجبتهم الى ذلك.
فلما زفوها الي مددت عيني انظر اليها , فوجدت ذلك العقد بعينه معلقاً على عنقها
فما كان لي حينئذ شغل الا النظر اليه والتفكر في امره فقالوا: ياشيخ كسرت قلب
هذه اليتيمة من نظرك الى هذا العقد ولم تنظر اليها , فقصصت عليهم قصة العقد
فصاحوا وصرخوا بالتهليل والتكبير حتى بلغ الى جميع اهل الجزيرة فقلت:
مالخبر ايها الناس ماذا بكم؟ فقالوا: ذلك الشيخ الذي اخذ منك العقد هو والد هذه
الصبية اليتيمة, وكان يقول قبل موته: ماوجدت في الدنيا مسلماً كهذا الذي رد الي
هذا العقد وكان يدعو ويقول اللهم اجمع بيني وبينه حتى ازوجه بابنتي , والآن
قد حصلت وتحققت دعوته فلله الامر جميعاً وهو الذي يصرف الامور كيف يشاء!!
فبقيت معها مدة ورزقت منها بولدين جميلين , ثم انها مرضت مرض الموت فماتت
رحمها الله فورثت العقد عنها ذلك العقد اللذي ابيت ان آخذ ثمناً له لأمانتي عندما وجدته
فجعله الله من نصيبي ومعه وفوق غلامين جميلين من صاحبته؟
يزاج ربي كل خير