تخطى إلى المحتوى

الصفح والعفو عند المقدره

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحبتي الكرام أسعد الله أوقاتكم بالخير والعافيه
أحبتي لعلي أتطرق ألى موضوع غفلنا عنه كثيرا موضوع قد نعايشه في حياتنا اليوميه ألا وهو العفو عند المقدره أحبتي لعلنا نتفق أو نختلف ولكن هنا سؤال أطرحه فلنجيب عنه بصراحه بيننا وبين أنفسنا قلي بالله عليك أليس من الجميل أن تعيش حياتك متسامحا لين الجانب .ألم يكن الحبيب صلى الله عليه وسلم قدوتنا أنظر يارعاك الله ‘"كيف كان الحبيب متسامحا كان يعامل قومه وقد أذاقوه الأمرين انظر كيف كان مع أصحابه يعاملهم ببشاشة الوجه واللطف ولين الجانب
أذا لابد أن نأخذ على أنفسنا عهدا وليكن العهد
الذي نأخذه على أنفسنا في هذا اليوم هو بعنوان: الصفح, أن تصفح عمن أساء إليك, وهذا العهد أيها الإخوة صعب وشاق, ولكن لو قرأنا بعض آيات من كتاب الله عز وجل لعرفنا أهمية الصفح. أعرف أن قلبك مجروح, وقد أسيء إليك, وربما يكون قد أُكل مالك أو اتهمت في عرضك أو أسيء إليك بكلمة جارحة, وكلنا هذا الرجل, فما منا إلا مسيء أو مُساء إليه, وربما أن يكون أحدنا مسيئاً ومساءً إليه في آن واحد.
يذكر أن بعضهم كان يلح على الله في جوف الليل ويقول: اللهم انتقم لي من فلان, ـ ودعوة المظلوم مستجابة ـ فألقى الله في قلبه: إني سأستجيب لك, أي سأنتقم لك منه, وإن فلاناً يدعوني عليك, لأنك أسأت إليه في يوم من الأيام, أأستجيب له؟ قال: لا يا رب. لِمَ يستجيب لك ولا يستجيب لمن أسأت إليه؟
ولنقرأ بعض آيات من كتاب الله عز وجل, يقول تعالى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم}, ما الجواب؟ نعم نحب أن يغفر الله عز وجل لنا.
ويقول سبحانه: {وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيم}.
ما معنى الصفح؟ الصفح هو الإعراض عن ذنب المذنب فلا تؤاخذه ولا تعاتبه بذنبه, اسمع قول الله عز وجل: {فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير}.
أتمنى عليكم أيها الإخوة أن تعلموا بأنك إن عفوت وصفحت لم تنتهِ المسألة بين العبد وربه, بعض الناس يقول: إن عفوت فإن هذا الرجل سيتمادى! مَنْ قال لك إن هذا الرجل سيتمادى؟ من قال لك إن هذا العبد انتهت قضيته عند ربنا عز وجل؟ أنت عفوت وصفحت فنلت الأجر من الله, أما هذا العبد فإن بقي مُصِرّاً على ذنبه فلن يفلت من قبضة الله عز وجل, قال تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَار}. فإنك إن عفوت ما زال هذا العبد في قبضة الله, فإن تاب إلى الله فالله يقبل توبته, ومن تمام التوبة أن يعيد الحقوق إلى أصحابها, فإذا عفوت ولم يتب ولم يعد الحقوق لأصحابها فاعلم أنه في قبضة الله, ولذلك قال ربنا عز وجل: {فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ}. وعندما توضع الموازين القسط يوم القيامة تقول: يا رب أنا عفوت عن هذا العبد, فيقول ربنا عز وجل: وأنا قد عفوت عنك, ادخل الجنة, ولكن ذاك يقال له: احضر وزنك. فما هو قائل لربه عز وجل؟
ولذلك كان الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله يعفو ويصفح, فسأله ولده عن ذلك فقال: وما ينفعني إن عذَّب الله عز وجل عبداً في النار من أجلي؟ أنا سأعفو ولكن الأمر لمن؟ لله عز وجل, انظر إلى قول الله: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين}, والإحسان أن تقابل من أساء إليك بالإحسان, فتكون بذلك محبوباً عند الله عز وجل.
فإذا عفوت وصفحت فلا ينبغي أن يبقى في قلبك شيء من الحقد, ولكن هذا لا يعني ألا تطالب بحقك, بل إن استطعت أن تطالب بحقك فطالب به, وإذا رأيته مصرّاً فاعف واصفح لتربح الأجر عند الله عز وجل, إذا ذهب المال فلا تُذهب أجر مصيبتك عند الله عز وجل, هذا الأجر الذي قال فيه سبحانه: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين}.
هذا العهد ثقيل جداً على النفس, لأن حقوق العباد مبنية على المشاحّة, قال تعالى: {وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ}, نفوسنا شحيحة, ولكن علينا أن نعفو ونصفح لأن الله عز وجل يرغبنا فيقول: {أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم}, ألم تمر عليك آية في القرآن العظيم أن عبداً من عباد الله يتمنى أن ينقذه الله من النار بملء الأرض ذهباً؟ فإن أردت ألا تعفو فقف في عرصات يوم القيامة, ولا تدخل الجنة حتى تصفي الحسابات بينك وبينه, والله لا نريد هذه الوقفة, بل نريد أن ندخل جنة الله بسرعة, والله الذي لا إله غيره إن عفوت وصفحت فأنت الرابح ولست بالخاسر.
لذلك يقول ربنا عز وجل: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيل}, والصفح الجميل هو الذي لا عتب فيه, كذلك الأعرابي الذي سُرق فرسه فقال للسارق: وهبتُك إياه, قال: قبلته. لأن من عفا وصفح فإنه ينظر إلى دار البقاء, ومن أصرَّ على عدم العفو فإنه ينظر إلى دار الفناء. ولا تظنَّ أن الإسلام يربيك بهذا على الجبن, معاذ الله, لكن ربنا عز وجل عندما يقول لك: {فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ} يعلمك على الأخلاق والمستوى العالي في التعامل بين الرجال, لذلك يقول ربنا عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُون}, ويقول: {فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ}, أتريد اطمئناناً أكثر من هذا؟ وكن على ثقة بأنه قد يأتي يوم من الأيام فتنزل بهذا العبد الذي ظلمك كارثة, وإذا بقلبك يتحرك شفقة ورحمة عليه, لذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم يريد منا أن نكون رحماء, وربنا عز وجل يحنِّننا على بعضنا البعض, من أجل مصلحتك أيها العبد, يقول سبحانه: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم}, من أجل أن أعفو عنك وأصفح, فإذا لم تكن رحيماً على أخيك, فلن يكون أحد رحيماً معك. إذا كان زيد قد أساء إليك, ألست أنت مسيئاً مع غيرك؟ راجع حسابات ترى نفسك مسيئاً, فكيف تحب أن يعاملك غيرك؟ إذاً عامل غيرك بما تحب أن تُعامَل.
أيها الإخوة: يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود) [رواه أبو داود], أي سامحوا ذوي الهيئات إلا إذا تعدى حداً من حدود الله فلا عفو ولا صفح, وربنا سبحانه وتعالى يعلمك كيف تعفو وتصفح لتتخلق بأخلاق الرحمن, كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أُتي الله بعبد من عباده آتاه الله مالاً فقال له: ماذا عملت في الدنيا؟ قال: يا رب آتيتني مالك فكنت أبايع الناس, وكان من خلقي الجواز, فكنت أتيسّر على الموسر, وأُنظر المعسر, فقال الله: أنا أحق بذا منك, تجاوزوا عن عبدي). فإذا كنت تتجاوز عن تقصير العبد معك, فالله أحق بهذا منك, ألا تريد أن يتجاوز الله عنك؟
ويروي الإمام البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (أن رجلاً كان قبلكم رغسه الله مالاً ـ أي أكثر له المال وبارك له فيه ـ فقال لبنيه لما حُضِرَ: أيَّ أبٍ كنت لكم؟ قالوا: خيرَ أب, قال: فإني لم أعمل خيراً قط, فإذا مِتُّ فأحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في يوم عاصف, ففعلوا, فجمعه الله عز وجل فقال: ما حملك؟ قال: مخافتك, فتلقَّاه برحمته). ألا تتخلق بأخلاق الرحمن؟
وانظروا إلى سيدنا يوسف عليه السلام, هل يوجد بيننا من أُسيء إليه كما أُسيء إلى سيدنا يوسف عليه السلام, قال لإخوته لما حضرته الوفاة: يا إخوتاه, إني لم أنتصف لنفسي من مظلمة ظُلمتها في الدنيا, وإني كنت أظهر الحسنة وأدفن السيئة, فذلك زادي في الدنيا, يا أخوتي إني شاركت آبائي في صالح أعمالهم. وها هو يقول لأبيه عندما التقى بإخوته: {مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي}, فألقى اللوم كله على الشيطان.
ويقول سيدنا معاوية رضي الله عنه: عليكم بالحلم والاحتمال حتى تُمكنكم الفرصة, فإذا أمكنتكم فعليكم بالصفح والإفضال.
كن حليماً وتحمّل حتى تتمكن من غريمك, ثم اعف واصفح, أما كان هكذا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟ كان حليماً وتحمَّل, فعندما تمكَّن من أعدائه قال: (ما ترون أني صانع بكم؟), قالوا: خيراً أخ كريم وابن أخ كريم, قال: (اذهبوا فأنتم الطلقاء) [رواه البيهقي], والله تبارك وتعالى يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}, فهل ستصفح أم لا؟ فكِّر في الموضوع, عمرك طويل, وبعد سنة أو سنتين هل ستعفوا أم لا؟ أعلمُ بعض الإخوة لا يتكلمون مع بعضهم من أجل قطعة أرض منذ عشرين سنة!! فكّر يا أخي في الصفح ولم تفتك الفرصة بعد, وإذا انقلبت إلى الله وسألك: لِمَ لَمْ تعف يا عبدي, فقل: يا رب سأعامله بالعدل, وسيأتيك الجواب: وأنا سأعاملك بالعدل. مَنْ منكم يرضى أن يعامله ربنا عز وجل بالعدل؟ إذاً فاعف عمن ظلمك.
أيها الإخوة: أنا أشهد الله وأُشهدكم في هذه الساعة أني عفوتُ عن كل من أساء إليَّ ويسيءُ وسيسيء, لأن سيئاتي كثيرة, فإن عفا الله عني فأنا الرابح, وأسأل الله أن يجمعني مع كل من أساء إليَّ في الفردوس الأعلى, وأسأل الله أن يلهم من أسأتُ إليه أن يعفو ويصفح, إنه سميع مجيب, والحمد لله رب العالمين.

دمتم أحبتي في حفظ الرحمن ورعايته

تسلمين غلاي ع الطرح والله فتحتي عيني على اشياء كنت ناستنها …. ربي يحفظج وبارك الله فيج…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.