تخطى إلى المحتوى

حديقة الأحلام

  • بواسطة

حديقـــــة الأحـــلام

صحا الناس على صوت قرع الطبل, ومنادٍ ينادي :
– أيها الناس، يا أبناء هذه الأمة .. قرار صادر عن القمة، ودعوة موجهة إلى الجميع للمثول أمام الأمير . من نساء, وأطفال, وشيوخ, ورجال, وعلى الجميع التنفيذ في الحال .
واجتمع أهل المدينة, وكثر القيل والقال, وخرج الأمير منتصباً فوق شرفة قصره, وهتف قائلاً :
– يا أخوتي .. يا أبناء هذه الأمة بما أني راعيكم, وأنتم رعيتي فإن سعادتكم تعني سعادتي . لذلك قررت أن أفاجئكم بأمر لم يخطر على بال أحد من قبل . هنا وراء باب قصري أمرت ببناء حديقة غنّاء, فريدة من نوعها, غريبة بسحرها أسميناها ( حديقة الأحلام ) , يكمن سحرها في تجسيدها للأحلام الوردية؛ لذلك وضعنا من شروط الدخول إليها أن يدخلها كل شخص ٍ على حده ليقضي فيها من الوقت ساعةً ً واحدة, وعندما يسمع النداء يعود في الحال ليحدثنا عن حلمه هنا وأمام الجميع . وأعلمكم بأنني قد ألحقت بالحديقة غرفة سرية يدخلها المرء لتتحقق له الأحلام الوردية. الفرصة متوفرة لكل الناس باختلاف الأعمار والأجناس, وسنبدأ منذ الآن وفي الحال, وليتقدم الراغب بدءاً من الرجال .
فتقدم رجل رث الثياب فقير, وقال : أتسمح لي أيها الأمير ؟
فأمر بإدخاله في الحال ليمضي ساعته في السير والتجوال . وعاد بعد أن أمضى وقته في حلم جميل في رأيه ليس له مثيل, وامتثل أمام الأمير, وقال :
– لقد حلمت أيها الأمير بأني صاحب قصر كبير, وطعام وفير, ومال كثير, فأسرفت, وتمتعت, وأطعمت عائلتي, فأشبعتهم, وشبعت . فهل من الأحلام أكثرت ؟
فقال له الأمير : إنّ حلمك صغير . وأمر بإدخاله الغرفة السرية لتتحقق له الأحلام الوردية .
وتقدمت من بعده فتاة مغناج أكثرت من وضع المساحيق والماكياج, وعادت بعد ساعة لتتحدث عن حلمها بصوت عذب وبلاغة, فقالت :
– أيها الأمير لقد حلمت بالمال الكثير, وقد أصبح الوجه كالقمر المنير, وشعري على كتفي يتدفق كالحرير, وحينما أمشي الرؤوس تستدير, حينما أمرّ ينفذ أمري في الحال, وإذا رفّت أعيني مال الرجال . فهل تستطيع أن تحقق الآمال ؟
فكر الأمير قليلا ً ثم قال : والله هذا محال فعلى الحلم أن يكون مقبولا, ولا يتعدى حدود المعقول .
ووصل شيخٌ كبير بكل بطء يسير, وطلب من البواب العبور, فنهره شخصٌ من الحضور, وقال :
– دع الحلم للشباب, وابتعد عن هذا الباب, فبم سيحلم عجوزٌ مثلك, أبعودة الشباب والفتوة, أم بعودة أيام العز والقوة ؟
فقال العجوز الحلم لجميع الناس, وعلى اختلاف الأجناس أليس كذلك ؟ ثم عبر الباب بعد أن فتح له البواب, وعاد بعد ساعة باكيا ً على عكس الجماعة, فقال له الأمير :
– حدثنا عن حلمك أيها الشيخ الجليل .
فقال له : بل دعني في دربي أسير, إن حلمي مستحيل .
– ليس قبل أن تحدثنا, ونقوم بالواجب .
فقال : لقد حلمت بالشيء الكثير, ولكن أجمل أحلامي حينما حلمت بأنه قد نفخ في الصور, فانبعث الصدق من القبور, فتطهرت العقول, وتنورت الصدور, وعاشت الضمائر على الأرض, وانتشرت في ربوعها بالطول والعرض, فلم يبق ظالم ولا مظلوم, لا حاكم ولا محكوم, لا جلاد ولا معدوم, وينمحي الكره, والحب يدوم، وأعود لأصحو من غفلتي لترافقني خيبتي, فدعني بابني لبليتي .
فقاطعه الأمير قائلا ً: على ما كل هذا الهم أيها الشيخ الجليل ؟ فإن حلمك بالأمر اليسير, وما عليك سوى دخول الغرفة السرية لتتحقق أحلامك الوردية, فأسرع إليها في الحال لتسرع في نيل المنال, فدخل الشيخ إلى حيث أشار الأمير, وبومضة من سيف ا لسياف الذي التقاه على الباب وجد نفسه في أجمل مكان, برفقة حوريات حسان, حلوات اللسان, ونظر إلى نفسه باستغراب, وصرخ : متعجبا ً يا إلهي ها قد عاد الشباب, وارتديت أجمل الأثواب0 إن هذا أكثر مما حلمت, وأبدع مما تخيلت, فأنا لن أستطيع أن أوفي الأمير حقه, مهما حاولت و شكرته . فها أنا في أمان, وكأنني في جنة الرضوان .
فقالت له إحدى الحوريات : ليس عليك أن تشكر أحد, لأن أ كثر الأحلام لا تتحقق على الأرض, فأنت الآن في جنة الخلد

صارت بمحكمه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.