ج: إن الإسلام يرى في الطفل أمانة عند والديه، وعندما جعل الولاية للأب، فإن هذه الولاية لا تعني تسليط الأب على الطفل بشكل مطلق، بحيث يأخذ حريته في التصرف بشؤونه حسب مزاجه، بل عليه أن يتصرف بما يصلح أمر الطفل، وليس له أن يتصرف أي تصرف ضرري أو مشتمل على مفسدة تتصل بحياته. وعلى ضوء هذا فإن عليه أن يربّي الطفل ويستخدم كل الوسائل التي تجعله إنساناً متديناً طيباً صالحاً في أخلاقه وفي علمه وفي دينه وفي سلوكه العام مع الناس، ولا يجوز له ممارسة الضغط ما دامت الوسائل الأخرى كافية للوصول إلى الهدف التربوي، أما إذا توقفت التربية على الضرب، فيجوز له ذلك بأن يضربه ضرباً تربوياً، بمعنى أن يكون الضرب وسيلة من وسائل الضغط النفسي والجسدي، ولكن بشرط أن لا يتعسّف في ضربه. وقد وضع الشرع حداً للضرب الذي لا يوجب شيئاً وهو أن لا يؤدي إلى احمرار الجلد احمراراً مستقلاً، فإذا بلغ ذلك يكون مأثوماً، كما أنه يجب عليه دفع الديّة[1]، ولكن إذا كانت المسألة من المسائل الملحّة جداً والتي تتصل بحماية الطفل من أخطار كبيرة يمكن أن يقع فيها ولا يمكن ذلك إلا بالضرب المبرح، فإن ذلك جائز في هذه الحالة تحديداً، وللأب أن يتحرّى الدقة والاحتياط في تقدير الحالة من حيث وصولها إلى درجة الخطر الذي يبيح للأب أن يتصرف بأكثر من الوضع الطبيعي، لئلا يشتبه عليه الأمر فيقع في الخطأ من حيث أنه يريد الصواب، أو يقع في الحرام من حيث يريد الحلال.
منقول
يزاج الله خير