كشف باحثون بريطانيون ان الرضع الذين يستمعون إلى كلام بلغات أجنبية في الشهور التسعة الاولى من حياتهم يجدون سهولة اكبر في التقاط اللغات في المدرسة أو في سن الشباب مقارنة بغيرهم.
وذكرت صحيفة “صنداي تليجراف” البريطانية ان علماء النفس في جامعة بريستول اكتشفوا ان المخ الآخذ في النمو يمر بفترة من “البرمجة” في الطفولة تشكل على مدى الحياة قدرته على التعرف إلى الاصوات الرئيسية وتمييزها مهما كانت لغته الام.
قال الباحثون إن هذه العملية تساعد المخ على فهم الكلام باستبعاد الاصوات غير المستخدمة في اللغة الام، ولكنها تجعل ايضاً من تمييز الاصوات غير المألوفة من لغات أجنبية والتعرف إليها أمراً أكثر صعوبة.
وأضافوا ان الرضع الذين يتعرضون على نحو حاسم إلى سماع لغات متعددة خلال الشهور القليلة الاولى من حياتهم يحتفظون بالقدرة على تمييز الاصوات والتعرف إليها من جميع اللغات التي يسمعونها.
وذكرت نينا كازانينا الخبيرة في علم النفس اللغوي بجامعة بريستول “عندما يولد رضيع، فإنه يمتلك القدرة على تمييز كل نوع من صوت الكلام والتعرف إليه. وحتى إذا كان الآباء انجليزاً، فإن الرضيع تكون لديه القدرة على تمييز الاصوات اللينة كاليونانية والصينية. وعندما يبلغ الرضيع الشهر السادس يمكنه ان يميز فقط الحروف اللينة من لغته الام، وفي غضون شهرين أو ثلاثة شهور أخرى يحدث نفس الشيء للاصوات الساكنة. ومن ثم فإنه في غضون ما بين 9 إلى 10 اشهر، تنحسر القدرة اللغوية العامة لأي رضيع لتقتصر على لغته الام”.
وأوضحت كازانينا ان هذا يحدث لأن المخ يحاول فهم الاصوات المستخدمة في الكلام في سياق اللغة الام، ومن ثم يطبق نوعا من الاستبعاد وتصفية الكلام للمساعدة على فهم الكلمات بصورة أيسر.
وكشفت كازانينا، وهى تستخدم تقنيات تقيس مستويات وموقع النشاط الكهربائى في المخ عند الاستجابة لأصوات كلام مختلف، انه بينما ولد متحدثو اللغة الغيلية (السلتية) الايرلندية حالتين منفصلتين من النشاط عند الاستماع إلى صوتي ال”K” و”G” الصلب واللين، لم يولد متحدثو الانجليزية سوى حالة واحدة من النشاط تجاه الصوتين لأنهم غير قادرين على اكتشاف الاختلاف الدقيق بينهما. وقالت “بينما يعد هذا الامر مفيداً للغة الام، يمكن ان يكون له اثر مؤسف عندما يتعلق الامر بتعلم لغات اجنبية.
وعادة ما يتم التعرف إلى الاصوات الاجنبية وتمييزها باستخدام مرشح من اللغة الام ويمكن ان يقود إلى فكرة خاطئة”.
وتعتقد الخبيرة ان هذا يوضح لماذا يكافح متحدثو اللغة الانجليزية لتعلم الفرنسية مقارنة بمتحدثي اللغتين الايطالية والاسبانية الذين لديهم المزيد من الاصوات المماثلة في لغتهم الام.
وذكرت كانانينا ان التأثير يمكن ان ينجح في الاتجاه المعاكس ايضاً، وأضافت ان متحدثي الانجليزية وجدوا ان بإمكانهم نطق الحروف اللينة الروسية بصورة اسهل مما يمكن للروس أن ينطقوها في الانجليزية لأن الانجليزية بها المزيد من الحروف اللينة، ومن ثم فإن من يتحدثونها لديهم مخزون اوسع منها.
وقالت إنه بالمثل لا يستطيع من يتحدثون اليابانية والصينية تبين الاختلاف بين “R” و”L”، ومن ثم يحدث ارتباك فيهما عندما يتحدثون الانجليزية.
وذكر التقرير ان البحث البريطاني أيدته دراسة منفصلة جرت في جامعة واشنطن اظهرت أيضاً ان تحدث لغات مختلفة امام الرضع في حياتهم المبكرة يمكن ان يكون امراً حاسماً في مساعدتهم على تعلم لغات جديدة في وقت لاحق من حياتهم. وفي الدراسة الأمريكية، كشف الباحثون ان الرضع الذين يتم التحدث اليهم بالصينية لمدة ساعة اسبوعياً يجدون من الاسهل تمييز اللغة الصينية والتعرف إليها عندما يكبرون.
المصدر : جريدة الخليج ( ملحق الصحة و الطب)
مشكوره الغاليه