: : * : : * : : * : : * : :
من قبل أن تذوي الزهور . . . خلجات نفس . . ونبضة رمس . . لكل زوج وزوجة . . امتد بهم عمر الزوجية . .. فشاخت أيامهم . .. وانطوت ذكرياتهم . . وتبددت أحلامهم، فعاشوا على ذكريات ( كان ) وسالف العصر والأوان!
من قبل أن تذوي الزهور . . . همسات دافئة . . ولمسات حانية . . لكل زوجين . . عروسين . . تسلل إليهم الفتور . . أو تململوا السرور والحبور . .
فأورث النفور .. لهم . . ولكم . . ولهنّ . . ولكنّ . . سطّرت هذه الهمسات . .
: : * : : * : : * : : * : :
أمّا قبل …
يقول الله جل وتعالى : " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ "
كم هو عظيم هذا القرآن يوم جعل هذه العلاقة .. سكناً . . وجعل هذا السكن يتحقق من جانبين . . " وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً " فتأمل قوله "بَيْنَكُم" ولم يقل ( وجعل لكم ) إنما جعلها " بَيْنَكُم " ليسعى كل منكما إلى تحقيقها . . ليشعر كل منكما بتبعته ومسؤوليته في تحقيق ( السكن الزوجي ) ورعايته . . لتتحقق المودة والرحمة.
واليوم قد امتلأت المكتبات بكل كتب العلاقة الزوجية . . من حيث الواجبات والحقوق . . من حيث الابتداء والانتهاء . . من حيث التربية والأبناء . . ونحوها، لكن قلّ فيها تلك ( الكتيّبات ) – على استحياء – التي تُعنى بمهارات الحياة الزوجية . . تلك المهارات التي من شأنها أن تحقق الواجبات والحقوق على وجهها – أو تكاد – ! مهارات تجعل تكاليف ( الحقوق ) أمنيات، ومشقّأت ( الواجبات ) أعطيات . . وتحدّ من عور المشكلات ..
هذا . . وإن من أكثر ما يطرق بيت الزوجية من المشكلات . . هو طارق ( الفتور ) أو طارق ( النفور )! نعوذ بالله من شر طوارق الليل والنهار . ..
برود في العاطفة . . أو ملل ونفور . . وذلك إنما ينشأ من جهتين .. من جهة قلّة الوعي بمهارات العلاقات الأسرية .. أومن جهة الجمود على الرتابة والروتين في الاتصال بين الزوجين .. وبعيداً عن الإسهاب في رقم المظاهر والأسباب . . إلى الدخول في اللباب . .
: : * : : * : : * : : * : :
أمّا بعد . .
(*) الزواج النفسي أولاً . . !!
يدخل بعض الأزواج الحياة الزوجية . . باحثاً عن المتعة الجسدية . . من أجلها ينام ولأجلها يأكل ويشرب . . ويتخيّر المقويّأت والمنشّطات!
حتى حواراتهم . . نواديهم . . رسائلهم . . بل وتوصيات الاصحاب ليلة الزفاف: كيف تصل إلى المتعة ؟ من غير أن تسكب دمعة! على أن الوصول إلى المتعة سهل . . لكن الأصعب هو بقاء هذه المتعة ودوامها. ولذلك كان من أهم المهارات في الحياة الزوجية هو أن يحافظ الزوجان على هذه المتعة . . وتلك لن تدوم في لحظة سكرة.
إن اللقاء الجسدي كجزء من الزواج إذا لم يتم بين النفوس والقلوب أولاً فسيتحول إلى عذاب متبادل يعذب فيه كل طرف الآخر بدلاً من أن يمتعه؛ لأن تزاوج القلوب والنفوس يحول هذا التواصل الجسدي إلى لغة للتعبير عن الحب بين الزوجين يعبر فيها كل طرف للآخر بلغة الجسد عن حبه عندما تعجز لغة الكلمات عن التعبير أو استكمالاً للغة العيون، أو تسهيلا للغة الآمال والأحلام والأفعال. – اللقاء الجسدي – هنا ليس وظيفة أو أداءً لواجب أو تخلصا من احتقان أو من رغبة جسدية فائرة. . بقدر ما هو أثر حقيقي ( مثالي ) لتوحّد الأرواح في مشاعرها وعواطفها.
إنه ما يكاد ينفصل الزوجان عن بعضهما بعد اللقاء .. حتى تجدهما يتعانقان في لحظة تالية في شعور غريب بالارتياح ناتج عن هذا الحب الذي شعر به كل منهما ناحية الآخر .
إن دوام اللذة والمتعة هو بدوام الحب وتجدده في نبض العرق. وإن حياة سعيدة بين زوجين اثنين لن تدوم بغير الحب ..
الحب الذي به : تدوم العشرة . . وتحلو الحياة . . الحب . . . صمام الأمان . . ودافع العطاء . . أكسير الحياة . . به تتلاشى ذكريات الآلآم . . .
بحقائق الأيام . . . ولن تفور العاطفة . . . وتنفض عنها لبوس الفتور . . .إلا حين يفور بين الجوانح هذا ( الحب )!
وحتى يرتفع رصيد الحب بينكما:
* صارح زوجتك / صارحي زوجك: بالحب!
عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على جيش وفيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ، فلمّا رجعت قلت : يارسول الله من أحب الناس إليك ؟
قال : " وما تريد ؟ "
قلت : أحب أن أعلم!
قال : " عائشة " !
قلت: إنما أعني من الرجال ؟!
قال : " أبوها "
ومرة يُرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم إليه فدخلت وهو مضطجع مع عائشة في مرط لها فقالت : يارسول الله إن أزواجك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة !! فقال لها صلى الله عليه وسلم : " ألست تحبين ما أحب ؟ " قالت : بلى !! قال : " فأحبي هذه " وأشار إلى عائشة رضي الله عنها .
المقصود أنه صلى الله عليه وسلم كان يصرّح بحبه لزوجته عائشة رضي الله عنها . . . .
فهل تذكر أيها المبارك : أنك أخبرت يوماً أباك بحبك لزوجتك ؟! أو أخبرت أمك بذلك ؟! أو حدّثت أبناءك بمثل هذا وأنك تحب أمهم !! فضلا عن أن تتجرأ على ذكر ذلك أمام إخوانك وخلاّنك !!! بل فضلاً عن زوجتك .. !! هل صارحتها بالحب .. . وشوقك .. وعاطفنك نحوها من غير أن تكونا على الفراش ؟؟!!
من خلال :
1- رسالة جوال .
2 – بطاقة الكترونية .
3 – رسالة صوتية عبر صحيفة أو إذاعة أو فضائية .
4 – ورقة صغيرة تعلقها على المرآة مكتوب عليها ( أحبك يا زوجتي )
5 – عند اتصالك بها ( هاتفياً ) .
6 – أو تبعث لها سلاماً عاطراً من خلال أهلك ( والدك – والدتك – أخواتك )
7 – هدية صغيرة تغلفها بكلمات دافئة تعبّر فيها عن نبض مشاعرك نحوها
إن إعلان الحب لزوجتك بالكلام والمصارحة من أعظم ما يديم العشرة ويقر العين . .. وخاصة إعلان ذلك أمام أهلك وأهلها وإخوانها وأقاربها بشكل لا يزري! إنه يرفع من رصيد الحب بينكما. إن ذلكم هو ( الرسول ) بين الزوجين.! جاء في بعض الآثار : " لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة وليكن بينهما رسول " قيل : وما الرسول ؟ قال : " القبلة والكلام . "
وهو المعنى الذي أراده صلى الله عليه وسلم في وصيته الذهبية لكل من أراد الزواج في الحديث الصحيح : " هلاّ بكراً تلاعبها وتلاعبك "
فإن الوصية بالقُبلة والكلام والمداعبة أوسع من أن تكون في لحظات … ثم تخبو حتى تحين ذات اللحظات في مرة أخرى !! إنها ليست هي لغة ( المساء ) فحسب!! إنما هي وصية تشمل كل لحظة في الحياة الزوجية . . . لغة تحفّ كل الحياة الزوجية في كل حرفها ومصطلحاتها . . .
لقد كان صلى الله عليه وسلم يبيّن لنا هذا الشمول في سيرته العملية فقد ثبت في الصحيح عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان يقبّل زوجاته وهو صائم.
إن فتور الشهوة لا يعني فتور الحب، وحين تكون القبلة والكلام هي لغة ( المساء ) فحسب .. فإن ذلك يولّد عند الطرفين شعوراً بـ ( مصلحيّة ) الآخر منه فقط . . الأمر الذي ينغّص العيش ويكدره . .. ويصهر حلاوة اللقاء . .. ليصبح لقاء ( ميكانيكياً ) ينتهي بانتهاء ضجيجيه! لقد كان صلى الله عليه وسلم يعبّر عن هذا الحب ولا يجعله مكتوماً بين جنبيه . . لما في إظهار هذاالحب ومشاعره من دوام للألفة … ودوام للحياة الزوجية في خضم هذا الهيجان المستعرّ من الشيطان وجنده لتقويض هذا الحصن الوديع !! فاجعل بينك وبين زوجتك ( رسول ) . . واجعلي بينك وبين زوجك ( رسول ) . .
* شارك زوجتك / شاركي زوجك !
– كان صلى الله عليه وسلم يغتسل مع زوجته من إناء واحد وفي مكان واحد فتقول له : دعْ لي، ويقول لها : دعي لي. وهو امتزاج جسدي نفسي بين الزوجين متمم لما كان قبله من التقاء وامتزاج . . وملاطفة بريئة هادئة . .. ( دع لي ودعي لي ) !!
عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: كنتُ أغتَسلُ أنا والنبيُّ صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحد من جَنابةٍ.
كان صلى الله عليه وسلم في بيته يكون في مهنة أهله!
عنِ الأسودِ قال: «سأَلْتُ عائشةَ: ما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَصنعُ في بيتِه؟ قالت: كان يكونُ في مَهنةِ أهله ـ تَعني خِدمةَ أهله ـ فإذا حضَرَتِ الصلاةُ خرجَ إِلى الصلاة».
كم من زوج اليوم يستطيع أن يدخل ( مطبخ بيته ) ليشارك زوجته إعداد وجبة عشاء !! أو ليشاركها بعد إكرامها ضيوفه في تغسيل الأواني ونحو ذلك. ربما أن بعض الناس يستعظم ذلك من نفسه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم خير من وطئ الحصى إذا كان في بيته يكون في خدمة أهله!
– كان يتعمّد صلى الله عليه وسلم الشرب من حيث شربت عائشة رضي الله عنها. وتأمل أيها الزوج المبارك الأثر النفسي على الزوجة وهي ترقب نظرات زوجها وقسمات وجهه وهو يتتبع أثرها في الإناء. فما أعظمك يا رسول الله وأنت ترسم لنا منهج الحب الذي تمتزج فيها الأجساد والأرواح .
* ومن المشاركة الزوجية في البناء ( المشاركة الروحية الإيمانية ) – التعاون الإيماني بين الزوجين .
هذه المشاركة الإيمانية التي تطهر الروح . . وتسمو بالنفس .. وتزكّي القلب . . فقلب بهذا الطهر والسمو .. وروح بهذه الشفافية الإيمانية . . .
كيف يكون الحب بين شغافها وسويداء فؤادها !!
– عن عطاء قال: انطلقت أنا وابن عمر وعبيد بن عمير إلى عائشة رضي الله عنها، فدخلنا عليها وبيننا وبينها حجاب، فقالت: ياعبيد ما يمنعك من زيارتنا ؟ قال: قول الشاعر: زر غباً تزدد حباً. فقال ابن عمر: ذرينا أخبرينا بأعجب شيء رأيتِهِ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكت وقالت: كل أمره كان عجباً، أتاني في ليلتي حتى مس جلده جلدي، ثم قال «ذريني أتعبد لربي عز وجل» قالت: فقلت والله إني لأحب قربك، وإني أحب أن تَعَبَّد لربك، فقام إلى القربة فتوضأ ولم يكثر صب الماء ثم قام يصلي فبكى حتى بل لحيته، ثم سجد فبكى حتى بل الأرض، ثم اضطجع على جنبه فبكى حتى إذا أتى بلال يؤذنه بصلاة الصبح. قالت: فقال: يارسول الله، ما يبكيك وقد غفر الله لك ذنبك ما تقدم وما تأخر ؟ فقال: «ويحك يابلال، وما يمنعني أن أبكي وقد أنزل علي في هذه الليلة {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ }» ثم قال «ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها» . .
فسبحانك ربي ما أعظم وأرق فؤاد نبيك محمد صلى الله عليه وسلم . . بعد أن يمس جلده جلدها . . ويده يدها . . يقوم عنها في حنو وتواضع "ذريني .." عبارة فيها معنى الحنو والتحفيز . . . صلى الله عليك يارسول الله .
– ومرّة تقسّم عائشة رضي الله عنها ذبيحة كانت عندها وأبقت الكتف لعلمها أن حبيبها صلى الله عليه وسلم يحب لحم الكتف ، فلمّا جاء صلى الله عليه وسلم إلى بيته َقَالَ النبيُّ : «مَا بَقِيَ مِنْهَا؟» قَالَتْ مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلاَّ كَتِفُهَا. قالَ: «بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفهَا» . تخاطبه الصديقة بنت الصديق بالخبر و يخالطها شعور الفرح وشيء من الحزن وهي تقول له : ذهبت كلها إلاّ كتفها !! وهو يقول لها في ابتسامة : " بل بقيت كلها إلا كتفها " !!
لقد كان صلى الله عليه وسلم يشارك زوجته هموم العمل التطوعي الإيماني وكانت هي كذلك تشاركه هذا الهمّ . .
ولعظم هذه المشاركة في البناء الروحي دعا صلى الله عليه وسلم بالرحمة للزوجين المتعاونين في هذاالبناء الإيماني فقال : «رَحِمَ الله رَجُلاً قامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ في وَجْهِهَا المَاءَ. رَحِمَ الله امْرَأَةً قامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ في وَجْهِهِ المَاءَ».
سبحانك ربي حتى في طريقة المشاركة .. طريقة حانية لطيفة .. " نضح في وجهها الماء " و " نضحت في وجهه الماء " إنه نضح يشعر بحنو العاطفة والإشفاق .. نضح يشعر بعمق الحب . .
يكاد مسيل الماء يخدش جلدها : : : إذا اغتسلت بالماء من رقّة الجلد !
: : * : : * : : * : : * : :
كيف ترفع رصيدك من الحب ..؟
أيها الزوجان حتى ترفعا من رصيد الحب بينكما:
* حقق أمنيتها / وحققي أمنيته !!
– يرخي كتفيه صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها لتلتصق به وتنظر إلى لعب الحبشة ! !
– كان إذا هوت شيئاً تابعها عليه !
عَنْ جَابِرِ بْنُ عَبْدِ اللّهِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا، فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ ، أَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ. فحاضت فلم تستطع أن تعتمر ، فلما قضت قالت يارسول الله يرجع الناس بحج وعمرة وأرجع بحج ؟؟
قَالَ جابر : وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ رَجُلاً سَهْلاً. إِذَا هَوِيَتِ الشَّيْءِ تَابَعَهَا عَلَيْهِ. فَأَرْسَلَهَا مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَـنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَأَهَلَّتْ بِعُمْرِةٍ، مِنَ التَّنْعِيمِ.
وأذكر مرة أنّي كنت في مركز للتموين وكان أمامي عند المحاسب رجل وزوجته – فيما يبدو – ولمّأ انتهى من حساب أغراضه مدّت إليه زوجته بقطعة ( شيكولاته ) تريدها … فرأيته ينظر إليها نظر المستزري لاختيارها فأخذها من يدها بقوة ووضعها في كيس الأغراض بشكل انفعالي مما أحرج زوجته أمام الناس!
ترى يا كرام في تلك اللحظة كم تكسّر من معاني الحب في نفسها؟! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمنا كيف نتابع زوجاتنا على ما يهوون – طالما أنه بالإمكان – بطريقة تشعرهم بالحب لهم . إنه بناء الحب ورسول الحب ورسالة الحب !!
– اترك لزوجتك فرصة للترفيه !!
عن عائشةَ رضيَ الله عنها قالت: «كنتُ ألعَبُ بالبنات عندَ النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لي صَواحبُ يَلعبنَ معي، فكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل يَتَقَمَّعْنَ منه، فيُسَرِّبهنَّ إليَّ فيلعَبْنَ معي». وفي رواية : " يأتي بصواحبي يلعبن معي "
ما بال بعض الأزواج اليوم يحرم زوجته هذه الروح التي جبلت عليها من حب الترفّه والمتعة بالمباح ؟؟!
ألم ينظر كيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عطّل مسير جيش بأكمله مع فقدهم الماء لأجل الحبيبة عائشة رضي الله عنها ؟!
عن عائشة رضي الله عنها زوج النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالت: «خرجنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفارهِ، حتى إذا كنا بالبَيداءِ أو بذاتِ الجيش انقطعَ عقدٌ لي، فأقام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على التماسِهِ. وأقام الناسُ معه، وليسوا على ماءٍ وليس معَهم ماء. فأتى الناسُ إلى أبي بكرٍ الصدِّيق فقالوا: ألا تَرى ما صنَعَت عائشة؟ أقامتْ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم وبالناس، وليسوا على ماءٍ وليس معهم ماء. فجاء أبو بكرٍ ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم واضعٌ رأسَهُ على فخذي قد نام، فقال: حَبستِ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم والناسَ وليسوا على ماءٍ وليس معهم ماءٍ. قالت عائشةُ: فعاتبني أبوبكر وقالَ ما شاءَ اللَّه أن يقولَ، وجعلَ يَطْعُنُني بيدهِ في خاصِرَتي، فلا يَمنعُني من التحرُّكِ إِلاّ مكانُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم على فخِذي، فقامَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حينَ أصبحَ على غيرِ ماءٍ، فأَنزَلَ اللَّهُ آيةَ التيمُّم، فتيمَّموا. فقال أُسَيْدُ بنُ الحُضَيرِ: ما هيَ بأَوَّلِ برَكَتِكمْ يا آلَ أبي بكرٍ. قالت: فَبَعَثْنا البَعيرَ الذي كنتُ عليهِ، فأَصَبْنا العِقْدَ تحتَه.
* فعّل جانب التشويق ( بالبعد الجسدي … – تأخر قليلاً عن البيت . .- سفر ، زيارة ، . . – )
كان صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى غزوة أقرع بين زوجاته فأيّهم طلع سهمها أخذها معه .
إنه باستطاعته صلى الله عليه وسلم أن يصحبهن كلهنّ معه في سفره ، لكنه يعلمنا هنا أموراً منها : كيف نفعّل روح التشويق عند الزوجة .
إن تأخر الزوج عن زوجته أو غيابه عنها – باقتصاد – أمرٌ ينمّي روح التشويق والشوق سيما وإن تخلل ذلك رسالة شوق عبر جوال أو غير ذلك على أن هذا الأمر ينبغي أن يُعمل بحذر من غير إفراط ولا تفريط ، إنما حدّه أن يكون جانب تشويق لا تفريق وتفريط!
* جدد . . غيّر ! في التعبير عن حبك . . . في جذب زوجتك إليك . . .
التجديد والتغيير .. ينفض الرتابة .. ويجدد العواطف . . ويُذكي المشاعر . .
– غيّر عطرك . . . نوع ثوبك . . نوع ( شماغك )!
– سجل مقطوعة بصوتك على شريط تسجيل واهده لزوجتك أو فاجئها به أثناء سفركم على طريق طويل بالاستماع إليه في مسجل السيارة !
– أخرج مع زوجك في نزهة .. في سفر ..
– غيّر في أثاث بيتك . . غرفتك . . من غير إسراف ولا مخيلة واجعل لزوجتك حظاً في اختيار المناسب للبيت .!
* تعلّم كيف تصنع الباقات من الأزمات . .
ليست هناك حياة زوجية تخلو من أزمة . . أو مشكلة . . . وهذه المشاكل والأزمات ربما أنها بسوء التصرف تهدم بنيان عمر طويل!
إن بعض الأزواج ربما يفرض سلطانه على زوجته من خلال ( كبريائه وسلطانه ) !! فلربما قبلت منه زوجته ذلك .. لا حباً فيه ..
إنما خوفاً من مستقبل ( كئيب ) لها ولأبنائها .. ولذلك من كان هذا حاله فله نصيب من وصف الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بقوله : " إن من شرار الناس من ودعه الناس اتقاء فحشه "!
ولذلك فإن الحصيف اللبيب من يجيّر هذه المشاكل والأزمات ليصنع منها . . . باقات من الحب العاطر . . . وصناعة الباقات من الأزمات مهارة في حدّ ذاتها لها فنونها ووسائلها وطرقها ربما يطول الحديث بذكرها .. لكن من أهم ما يحافظ على الحب أثناء الأزمات هو :
1 – المقايسة والموازنة بين الثابت والمتحرك .
بين القليل والكثير . . . بين آثار الحب وآثار البغض . . . يقول صلى الله عليه وسلم " لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر"
2 – السعي الجاد للحل ، وليس السعي للاقتناص والتربص .
من الأزواج أو الزوجات من يتربص بخطأ الآخر ليسجّلها سابقة له تحفظ عليه في أرشيف ( المثالب ) حتى إذا حانت لحظة اتقاد النار أفرزت الملفات وأبديت العورات . ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كيف أن المشكلة أمر طبعي يقع بين الزوجين ، لكن الأدب في ذلك هو أن يسعى الزوج والزوجة إلى إيجاد الحل لا السعي إلى تعميق المشكلة .
مرة يختلف صلى الله عليه وسلم مع زوجته عائشة رضي الله عنها فيطلب منها أن يحتكما إلى عمر رضي الله عنه فتأبى ، فيقترح عليها أن يحتكما إلى أبي بكر رضي الله عنه فتوافق ، فلمّا وقف أبو بكر رضي الله عنه موقف الحكم بينمها ، قال لها صلى الله عليه وسلم : أأتكلم أم تتكلمين ؟
فتقول بل تكلّم أنت !! فما هي إلا أن تتامت لها هذه الكلمات حتى لطمها أبوها … فوقف صلى الله عليه وسلم بينه وبين حبيبته الراضية المرضية وهو يقول ما دعوناك لهذا!!
3 – غض الطرف ..
فما كل خطأ يتحمل العتاب …. فبعض الأخطاء إنما حلها بإغضاء الطرف عنها . . .
أنس بن مالك رضي الله عنه يخدم الرسول صلى الله عليه وسلم عشر سنين ويقول : ما قال لي لشيء فعلته لِمَ فعلت هذا ، ولا لشيء لم أفعله لِمَ لم تفعل هذا !!
هذا وهو غلام صغير مظنة الخطأ والتقصير وعاش معه عشر سنوات فقط . . .
فما بالكم بزوجاته صلى الله عليه وسلم الذين عاش معهم حتى توفي عنهن رضي الله عنهن ، لكن ما نقلت لنا كتب السنة أو السيرة زخماً من المشكلات في بيت النبوة إلا حوادث يسيرة . الأمر الذي يدلنا على أنه صلى الله عليه وسلم ما كان يعاتب على كل خطأ ( زوجي ) . .
بل كان يغض الطرف عن ذلك .. ضماناً لهذا الحب الذي زرعه في قلوب زوجاته رضي الله عنهن .
تلك إشارات في همسات . .
في سبيل تعميق الحب بين الزوجين ، وطرد حالة الفتور التي قد تصيب الحياة الزوجية في ظل الرتابة التي نفرضها على أنفسنا من غير مبرر منطقي معقول .
: : * : : * : : * : : * : :
الآن. . . وقد عرفت كيف ترفع من رصيد الحب … فكيف تكون بارعاً في الاتصال ؟! براعة الاتصال . . . ثانياً.. ها وقد عرفت كيف ترفع من رصيد الحب بينك وبين زوجك . .
براعة الاتصال ( الزوجي ) !
لفت انتباهي مشكلة كتبتها إحدى الزوجات متزوجة لأكثر من عشر سنوات ولها ثلاثة أطفال لكنها تقول : أنها تشعر إن لحظة التقائها بزوجها أصعب عليها من لحظات حملها وولادتها !! الأمر الذي يسبب لها نفوراً عن زوجها حين يطلبها أو يريدها !!! وأعجب من هذا شكوى تلك الزوجة التي استهلت شكواها بطلقة تقول فيها : ( الرجل ألا تلحقه اللعنة ؟ !! ) تقول : كلّما شكينا أزواجنا إلى العلماء والمختصين أوصونا بالصبر عليهم !!!
وكلّما شكانا أزواجنا إليهم جاءتنا الصرخات التي تقول أننا ملعونات إن لم نجب أزواجنا إلى وطرهم ؟! فإن كانت المرأة تريد الرجل والرجل ينفر عنها ولا يأتيها ألا تلحقه اللعنة ؟!! وبغض النظر عن صياغة الشكوى ..! إلى النظر في أبعادها . . الأمر الذي يعطينا مؤشراً خطيراً في تحوّل الحياة بين الزوجين من الألفة إلى النفور ..! والنفور الجسدي يؤثر – حتماً – على التوافق النفسي والروحي بين الزوجين ، ولذلك هما أمران متعلقان مرتبطان ببعضيهما . . التمازج النفسي والتمازج الجسدي !
إن براعة الاتصال . . من أعظم وسائل صناعة الحب . .تنمية الحب . . بقاء الحب . . إنه رواء هذا الحب !!
* أَنَّى شِئْتُمْ . . !
يقول الله جل وتعالى : " نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ "
ذلكم هو أدب القرآن . . وتوجيه الوحي . . ومنهج الوحي والنور والهداية والسرور . . " أَنَّى شِئْتُمْ . . " !
وهو التوجيه المؤدب اللطيف الذي يفتح للزوجين آفاقاً أبعد من الأداء الروتيني للقاء بينهما . . . إنه توجيه يراعي فطرة البشر التي تحب التغيير والتجديد والتطور . . . وهي الفطرة التي جعلت بعض الصحابة رضوان الله عليهم يسلك هذا التغيير حتى خاف من كونه أحدث أو أذنب . .
فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدّثه عن ذلك ، فمرة جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يارسول الله هلكت، قال ما الذي أهلكك ؟ قال: حولت رحلي البارحة، قال، فلم يرد عليه شيئاً. قال: فأوحى الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } «أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة»
الأمر الذي يدلّنا على أن الفطرة البشرية تحب هذا التجديد والتغيير دون البقاء على رتابة واحدة ، وأن هذا التغيير لمّا كان هو داعي الفطرة من أجل لقاء ماتع جاءت الشريعة لتؤكد على هذا . .
إن المرء حين يقف عاجزاً عن التغيير فإنه ولا شك يفتر وينفر وينفّر !! وهكذا حتى في أدق أمور الحياة الزوجية وأشدها حساسية وشفافية يأتي توجيه القرآن ليقي هذه الحياة من التصدع . . بفتح هذا الباب ( المهاري ) في العلاقة الزوجية – أو قل : في اللقاء الزوجي – !!
إن علاقة الاتصال الزوجي كعملية فطرية بين الرجل وزوجته قضية لم يتركها الوحي هملاً ليرتع فيها من شاء بما شاء . .
وإنك – اليوم – ربما تصاب بالغثيان النفسي وانت تقرأ بعض الكتابات السامجة التي تعرض لهذه العلاقة في إغراق سامج يخالف الذوق والأدب . .
وذلك حين خالفوا أدب الوحي في عرض هذه القضايا . ..
براعة الاتصال . .
إنما هي تنبيهات وتذكير لبعض المهارات التي ربما تغيب عن بعض الأزواج إمّا جهلاً أو عجزاً أو كسلاً …
فحتى لا يكون اللقاء رتيباً .. مملاً .. منفّراً . . إليكما هذه الملامح في مهارة التغيير وبراعة الاتصال الزوجي :
– وليكن بينكما رسول !!
سبق في الأثر : " لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة وليكن بينهما رسول"… " القبلة والكلام ."
وعند الديلمي "ثلاثة من العجز"، وذكر منها أن يقارب الرجل زوجته فيصيبها قبل أن يحدثها ويؤانسها . . "
وهذا الرسول ( القبلة والكلام ) قد بيّنا أثره حين يكون رسولاً دائماً في الحياة الزوجية ، واثره في نماء الحب بين الزوجين وبقائه وتجدده .
وأيضاً هذا الرسول ( القبلة والكلام ) له أثره أيضاً عند اللقاء . . وفي ذلك مهارات يعرفها الإنسان بطبعه وفطرته . . . فمن ذلك حسن التجمّل والتطيب والتزين من كلا الزوجين . . كان ابن عباس رضي الله عنهما يُدني المكحلة فيمشط رأسه ويكتحل ثم يقول : إني أحب أن يرى أهلي منّي مثل ما أحب أن أرى منهم !! إلى غير ذلك من الأمور التي هي مقدمات للقاء ( مشوقات له ) !! المقصود هو التنبيه على أهمية هذا الرسول بين الزوجين ورعايته بينهما .
– حوّل رحلك !!
" أَنَّى شِئْتُمْ " جاء في اللسان لابن منظور أن كلمة ( أنّى ) تأتي لمعانٍ ثلاثة:
1 – كيف .. ومنه قوله تعالى : " قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ"
2- أين .. ومنه قوله تعالى : " وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ "
3- متى . . ومن ذلك : سافر أنّى شئت !
وحين نقرأ قوله " ِنسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ " في التفسير يقول المفسرون : " أنى شئتم أي : كيف شئتم غير ان ذلك في صمام واحد !
وحين نتأمل براعة التعبير القرآني بالإتيان بكلمة " أنّى " نجد أن كلمة ( أنّى ) هنا تصلح أن تنزّل عليها المعاني الثلاثة :
– كيف ( للهيئة ) !
– أين ( للمكان ) !
– متى ( للزمان ) !
وهو معنى عظيم لطيف بديع في الآية . .
كما أن كلمة ( أنّى ) في الاستخدام تأتي لثلاثة استخدامات :
1 – الاستفهام .
2 – الاستبعاد .
3 – التنويع أو التخيير .
و( أنّى ) هنا في اية البقرة إنما هي في باب التنويع والتخيير ..
فتأمل عظمة هذا المنهج وأدبه الذي اختزل هذه المعاني بتفاصيلها في كلمة واحدة !!
فأيها الزوج المبارك . .
حوّل رحلك . .. :
1- الهيئة .
كما قال صلى الله عليه وسلم : " إن شئت مجبية وغير مجبية غير أن ذلك في صمام واحد " " واتقوا الحيضة والدبر " !!
إنه ليس من هدي القرآن ولا من أدب النبوة الإغراق في تفاصيل كيفية اللقاء والاتصال بين الزوجين بقدر ما هو أدب يفتح الباب للزوجين في أن يستمتع كل واحد منهما بالآخر كيف شاء إلا في حدود معينة .
حوّل رحلك . . . :
2 – المكان .
والمكان هنا لا يحتمل إلا المكان المعد للقاء . وليس هو محل التقاء الختانين لأن هذا المحل لا يحتمل التغيير لورود النهي عن ذلك .
لكن يحتمل المحلّ المعدّ للقاء ( غرفة كانت أو غيرها ) . فمن باب التغيير وتحويل الرحل غير المكان . . يوماً هنا وليلة هناك . فليس شرطاً أن يكون اللقاء في ( غرفة النوم ) بل خارج غرفة النوم المعتادة كليّا، بحسب ما يسمح به تصميم البيت وظروفه.
حوّل رحلك في . . . :
3 – الزمان .
غيّر موعد اللقاء ، فليس ضروريا أن يكون التلاقي في ساعة متأخرة من الليل، بل قد يكون في الصباح أو بعد العصر .
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه روضة المحبين إلى أن الجماع وقت النهار من أفضل الأوقات لأن النهار محل انتشار الحركات ، والليل وقت تبرد فيه الحواس وتطلب حظّها من السكون قال تعالى : " وهو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه "
المقصود أن تحويل الرحل في الهيئة والمكان والزمان مما يبدد النفور ويبعث على الحبور والسرور بين الزوجين .
– الحوار الممتع . . . !
إن الزوج المثالي حقاً هو الذي يحافظ على لذّة الإمتاع قبل وأثناء وبعد اللقاء . . !! ولذلك كان من أهم الأمور أهمية في مهارة الاتصال الزوجي بين الزوجين . . أن لا ينقطع الوصال بعد الاتصال . . بل يبقى من خلال الحوار . . !! الحوار الزوجي في مثل هذه الخصوصيات والدقائق الزوجية من أهم ما يبدد النفور بين الزوجين! هل سألت زوجتك عما يمتعها؟ عما يثيرها؟ عما تريد أن تفعله من أجلها؟ هل تحاورها بذلك قبل اللقاء ؟؟! أثناء اللقاء ؟؟! ها سألتها عن بلوغها وطرها ؟! هل أكملت حوارك معها بعد انقضاء الوطر ؟؟ في ما هي أكثر المواقف قد أمتعها اليوم؟ وهل سألتها عن مشاعرها؟ وماذا وكيف و . . . . ؟
إن بعض الأزواج يؤدي هذه العملية كعملية ( باردة ) روتينية في هدوء ( تام ) وكأنما هي مهمة حان وقتها وانقضت !!
إن الزوجة تخاف أن تعبر عن رغبتها في وضع معين أو معرفتها بصورة معينة من الممارسة أو الإثارة خوفًا أن تثير شكوك زوجها.. في مصدرها للمعرفة.. أو للممارسة السابقة لمثل هذا الأمر فتفضل أن تسكت وهي لا تحصل على متعتها وقد تظل كذلك طول عمرها.. وربما لا تدرك ما معنى الوصول للذروة أو لو علمت فإنها تخجل أن تطلب من زوجها أن يفعل ما يوصلها لها.. أو أن يصبر عليها حتى تصل لذروتها لأن بعض النساء يتأخرن عن الرجال..
وبسبب هذا الخجل من جانب وعدم وعي الزوج بأهمية هذا الحوار الزوجي في هذه اللحظة من لحظات حياتهم – من جانب آخر – يصبح عند الزوجة نفوراً من زوجها ، وربما تطلّعت إلى غيره . . !!
فإن عفّت وكتمت أثّر ذلك عليها في أعراض جسمية مثل الصداع أو الآلام المتنقلة في الجسم والتي تحتار ويحتار معها الأطباء في التشخيص، وهي ببساطة لا تستمتع أثناء لقائها مع زوجها الذي تحبه ، وربما أثّر ذلك عليها نفسياً فصارت عصبية كثيرة السخط والجزع !!
يا أيها الأزواج ما رسوا الحوار الممتع مع زوجاتكم وأفضوا إليهن . . .
إن هذا الحوار الزوجي الماتع .هو أحد اسرار التعبير القرآني في قول الله تعالى : " وقد أفضى بعضكم إلى بعض " !!
إن اللقاء الرتيب ( الصامت ) ينتهي كما بدأ بصمت … صمت في المشاعر .. صمت في العواطف . . صمت في كل شيء !! بل الغريب – والخطير – أن يسرح خيال كل منهما في غير الآخر حال اللقاء !!! إن تمام اللذة والمتعة الزوجية في هذا اللقاء لا تكون حتى يأخذ كل عضو حظه من اللذة . .
النظر … السمع .. الفم ..
ولله درّ ابن القيم رحمه الله حين وصف ذلك بقوله :
. . . . فإن صادف ذلك وجهاً حسناً وخلقاً دمثاً وعشقا وافراً ورغبة تامة واحتساباً للثواب فذلك اللذة التي لا يعادلها شيء ولا سيما إذا وافقت كمالها فإنها لا تكمُل حتى يأخذ كل جزء من البدن بقسطه من اللذّة ، فتلتذّ العين بالنظر إلى المحبوب ، والأذن بسماع كلامه والأنف بشم رائحته والفم بتقبيله واليد بلمسه وتعتكف كل جارحة على ما تطلبه من لذّتها وتقابله من المحبوب فإن فقد من ذلك شيءٌ لم تزل النفس متطلّعة إليه متقاضية له فلا تسكن كل السكون !! ( روضة المحبين ص 143 )
– لا تنزع حتى تُمْتِع !
عند أبي يعلى في مسنده : " إذا جامع أحدكم أهله فليصدقها فإذا قضى حاجته قبل أن تقضي حاجتها فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها".
وفي الأثر الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " وفي بضع أحدكم صدقة " !
ومعلوم أن الصدقة شأنها عظيم عند الله ، ويعظُم أجر الصدقة بقدر ما تقع الصدقة موقعها ومحلها ..
ولمّا كان " في بضع أحدكم صدقة " كانت هذه الصدقة تعظم عند الله كلّما وقعت هذه الصدقة موقعاً وافياً تامّاً . . !!
إن بعض الأزواج يعيش حالة من الأنانية الذاتية . . إذ ما يكاد يُنهي وطره وحاجته حتى قلب لزوجته ظهر المجنّ وهي بعد لمّأ تقضي وتأنس به كما أنس بها . . والله تعالى يقول : " ولهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف " ..
يقول ابن القيم رحمه الله عند هذه الآية: وعليه أن يشبعها وطئاً إذا أمكنه ذلك كما عليه أن يشبعها قوتاً …
ففي هذا :
* كمال اللذة
* وكمال الإحسان إلى الحبيبة .
* وحصول الأجر وثواب الصدقة .
* وفرح النفس .
* وذهاب أفكارها الرديئة عنها .
* وخفّة الروح وذهاب كثافتها وغِلَظِها .
* وخفة الجسم .
* واعتدال المزاج .
* وجلب الصحة ودفع المواد الرديئة .
فيا أيها الزوج تخلّ عن أنانيتك . . ولا تنزع حتى تُمتِع !!
– لا تأت أهلك إلا إذا وجدت الرغبة
لا تزال بعض الدعايات تطالعنا من خلال ( دوريات ) أو ( مدونة ) متخصصة وغير متخصصة ، ببعض العقاقير ( المقويّة ) للباءة ! والعجيب في الأمر أن مثل هذه العقاقير إنما وُصفت كحالة علاجية – في حال مرض معين – !! لكن تجد أكثر اللاهثين وراءها أولئك الذين يبحثون عن الامتاع الجسدي !! حتى يصير الواحد منهم إنما هو آلة تصدير . . !! فتبرد متعة اللقاء . . وتصير عملية اعتيادية ممجوجة حتى تصل إلى مرحلة تكون فيها هذه العملية لـ ( فك الاحتقان ) فقط !!
وبغض النظر عن الآثار الصحية على الأصحاء الذين يلهثون وراء هذه ( المقويّأت ) إلى النظر في الأبعاد النفسية وأثرها على سلوك الزوجين من حيث حصول المودة والرحمة ورغبة كلٍّ بالآخر ، وعدم النفور منه !!
إن الإدمان على الجماع إدماناً بغير حاجة – طبيعية له – له آثاره الصحية والنفسية سواء على الزوج أو الزوجة . وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن مداومة الجماع مما يعجّل بالضعف والوهن والهرم !! و من أجل أن يكون اللقاء ماتعاً لا تأتِ أهلك إلا حين تشعر بالرغبة الطبيعية . أنت / أو هي !
العجيب أن التوجيهات النبوية والنصوص والآثار التي سيقت في تحسين الأداء والتجديد في الاتصال بين الزوجين ؛ جاءت لتخاطب الرجل ! أمّا النصوص التي جاءت فيها مخاطبة الزوجة في هذا الباب إنما جاءت في سياق ( الكم ) بمعنى أن عليها تلبية طلب الرجل كلّما أرادها .. لكن الرجل عليه أن يجدد ويحسّن في الأداء .. ليتم بذلك ( الكم والكيف ) !!
أخيراً . . .
إن الإرادة والوعي بأهمية بذل الجهد في التجديد والتغيير ونفض الرتابة عن الحياة الزوجية هما نبع السقاء ؛ حتى يستمر الحب…. ويظل اللقاء حيًّا حارّا ومتجدّداً. …. وتبقى زهور المودّة والرحمة …. ريّة نديّة . . . تعبق بأريج الحب … وتنطف بعبير الوفاء . . .
بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما على خير …
المصدر: ناصح للسعادة/ صيد الفوائد
كتبه أبو أحمد
المصدر https://akhawat.islamway.com/modules….rticle&sid=801
لا تنسوني من دعواتكم الله يفرج همي و يحقق مبتغاي و يسعدني يارب يارب يارب