أمي و زوجتي ماذا تفعل أيها الزوج
كيف نتعاون على حل هذه المشكلة؟
إنها مشكلة العصر
ما إن تبدأ الزوجة حياتها الجديدة مع من اختارته شريكاً لعمرها و حياتها ، و ما هي إلاّ أن تضع خطوتها الأولى على أعتاب الدّار حتى تجد في الاستقبال ( حماتها ) أم زوجها ..!!
قد يبدو اللقاء الأول بينهما حميميّاً دافئاً تلفّه الزغاريد و التهاني . . . أيام جميلة .. ولحظات أجمل .. سرعان ما تنقضي و تبدو ضئيلة جداً حين تتحوّل الزغاريد إلى سيلٍ من الكلام الجافي ، فتبدأ الزوجة إما بالتضجّر .. أو تنطوي على ذاتها بين جدران غرفتها تندب حظّها في حماتها التي صارت لها كابوساً مخيفاً ، و ضجيجاً مزعجاً !!
ليست قليلة تلك الرسائل التي تشتكي فيها الزّوجات سوء معاملة ( الحموات ) لهنّ أو تغيّرها و تقلّبها . .
فتلك تشتكي :
– كره حماتها لها
وأخرى تقول :
– ( حماتي ) تتدخّل في كل شؤون حياتي …!!
بل إنها تتدخل حتى في نوع الملابس التي سأرتديها
وثالثة مقهورة :
– حماتي تكره أبنائي ولا تحبهم فهي تضربهم لأتفه الأسباب – ألا تعلم أنهم أطفال صغار – ؟.. !!
و بحيرة تتساءل إحداهن :
– هل من حق والدة زوجي أن
تمتلك نسخة من مفاتيح بيتي ؟! إنني محتارة ولا أشعر بالإستقرار في حياتي !!!
– وتلك تخنقها عبرتها وهي تشتكي حماتها :
– دائمة النقد لي أمام زوجي فلا يعجبها لبسي ولا مشيتي ولا صمتي أو كلامي ، و كأني الجريمة الوحيدة في حياتها !!
بل قد وصل الحدّ ببعض ( الحموات ) :
– أن تحرّض ابنها على طلاق زوجته ، لأنها أساءت إليها أو ( لم تدخل مزاجها ) !!
لقد أصبحت ظاهرة ( الحـــمــاة ) ظاهرة مجتمعيّة مؤثرة على العلاقة بين الزوج وزوجته – سلباً أو إيجاباً – سيما وأن الإعلام ببعض برامجه يحاول أن يصوّر ( الحماة ) بصورة مزريّة وأنها شخصيّة متسلّطة غشومة جبّارة ..
وبعض نصائح الصديقات والجارات تفرض على الفتاة حصاراً نفسيّا ( متوجّساً ) من والدة الزوج ، حتى لا تكاد تدخل الفتاة بيتها إلاّ وهي تترقّب لحظات الاشتعال !!
ومع هذا كله تُصاب الزوجة بموقف زوجها
الحائر
أو الغشوم الظلوم
أو البارد
الذي لا يعنيه شيء من ذلك . . !!
السؤال : لماذا تتأزّم العلاقة بين أم الزوج وزوجة الابن ؟!
وما هو السبيل الأمثل للتعامل مع ( والدة الزوج ) – خصوصاً – وأهل الزوج عموما ؟!
صحيح أن من ( الحموات ) من تكون بلسماً ونسمة هادئة على ( زوجة الابن ) تعطف عليها وتحنّ إليها وتشتاق لرؤيتها كما لو أنها بنت من بناتها .
لكن هناك صنفا من أمهات الأزواج معقّدة المزاج و صعبة التعامل والمراس قد لا أقول أنهم قلّة لكن صارت القضية ( ظاهرة مجتمعيّة ) .. فلماذا تظهر بعض الأمهات بسلوك التسلّط والتدخّل المباشر في حياة أبنائهم بعد الزواج ؟!
لعل ذلك يعود إلى بعض العوامل والأسباب النفسية والاجتماعية والفكرية التي لها أكبر الأثر في صياغة السلوك ، من هذه الأسباب والعوامل :
1 – الدلال الزائد الذي تربّى عليه الشاب قبل الزواج .
فبعض الأمهات من شدّة تدليلها لابنها تحاول أن تتدخّل حتى في حياته بعد الزّواج ، فهي تطلب من زوجته أن تفعل وأن لا تفعل ، وهكذا تجد الزوجة أنها في نظر والدة زوجها مقامها مقام الخادمة لولدها فقط !! دون مراعاة لأحاسيس هذه الزوجية وأحقيّتها بمقتضى الشراكة في الحياة بينها وبين زوجها !!
2 – ضعف شخصيّة الزوج .
فالزوج لا يستطيع أن يقرر ولا أن يتحمّل المسئولية ، كلما عنّ له أمر أو حدث في حياته الزوجية رفع سماعة الهاتف على والدته يكلمها ، وبعض الأزواج – أصلحهم الله – بلغ به ضعف شخصيته أن وصل إلى حدّ السذاجة حتى صار يحدّث أمه في كل ما يفعله مع زوجته حتى في بعض أسرار غرفة النوم !!
هذه الشخصيّة الضعيفة تغري الوالدة بفرض سيطرتها وشخصيتها سيما لو كانت الزوجة أقوى شخصيّة من زوجها حينها تحاول الأم أن تسدّ الثغرة في ولدها بإظهار سلطتها وشخصيتها على هذه الزوجة !!
3 – الجهل وقلة الوعي .
فبعض الأمهات لا تدرك خطورة التدخّل في حياة ابنها الزّوجية فضلاً عن أن تدرك مواطن التدخلات الحكيمة في حياة ابنها مع زوجته .
4 – الغيرة .
الغيرة من الأخلاق التي جبل الله تعالى عليها الرجل والمرأة ، لكن لمّا كانت المرأة أشدّ انجذاباً إلى عاطفتها صارت تسلك بالغيرة مسالك تصل بها إلى حدّ الغلو والإضرار بالآخرين بعيداً عن التعقّل والرويّة .
ومن هنا قد تكون الغيرة – غير المنضبطة – من أهم الأسباب التي تؤزّم العلاقة بين أم الزوج وزوجة الابن .فهي تغار من جمال شكلها أو من حسن زينتها و لبسها أو تغار من حسن ترتيب وجمال أثاث بيتها وهكذا مما تغار منه النساء بعضهنّ من بعض ؛ فإن والدة الزوج ليست بمعزل عن هذه الطبيعة في النساء من شدّة الغيرة وعدم الاتزان فيها .
5- عدم اتزان المفاهيم ووضوحها عند الزوج .
بعض أمهات الأزواج ربما تقسو وتخطئ أو تسيء إلى زوجة الابن ، وبعض الأبناء يرى أن من البرّ عدم حماية زوجته من خطأ أو قسوة والدته أو على أقل تقدير مفاتحة والدته في هذا الموضوع .
6 – غياب روح التفاهم والمواساة بين الزوجين .
بعض الأزواج يعرف أن في والدته طبعاً غير محمود ، و يعرف أن والدته ربما أساءت إلى زوجته لكنه لا يُلقي لهذا الجانب بالاً ، ولا يكلّف نفسه حتى مشاركة زوجته هذا الهمّ بالتصبير والاحتساب و التذكير بعظيم أجر الصبر ، وتعويضها بما يخفف عنها هذه المصيبة .
والزوجة من إصرارها تصبح غير قابلة لئن تتفهم واقع ( حماتها ) وأن تتعايش مع هذا الواقع بالطريقة التي تضمن لها سلامتها من الإساءة و الإيذاء ، فهي لا تفكّر بالحل إلاّ من جانب واحد وهو : الطـــــــــــــــــلاق !!
هذه جملة من الأسباب والعوامل التي تؤثر في الحقيقة على علاقة أم الزوج بزوجة الابن ، ومثل هذه الظاهرة أو ( المشكلة ) هناك خطوطاً كثيرة للتعامل معها وتجاوزها تجاوزاً إيجابياً بل والانسجام معها انسجاماً حيوياً .
وهنا يظهر دور الزوج في حلّ هذه الأزمة ،
فلا يعتقد بأن زوجته وحدها هي المسؤولة عن حل هذه المشكله ولعلّي أن أشاركه ببعض الوصايا و الأفكار التي تساعده في ذلك .
أنت أيها الزوج لك دور كبير في تنمية العلاقة بين والدتك وزوجتك ، وفي المقابل موقفك السلبي من هذه المشكلة له دور في تأزّم العلاقة بينكم جميعا ( أنت وزوجتك ووالدتك ) ، ولذلك من المهم جدّاً أن تشعر بأهمية دورك في التنمية و خطورة موقفك عند التجاهل وعدم الاهتمام ، ولأجل أن تكون إيجابياً فاعلاً متفاعلاً مع واقع العلاقة بين والدتك وزوجتك :
1 – أشعر زوجتك أولاً بعظيم حسن البرّ بالوالدين وخصوصاً الوالدة ، وأن بركة الحياة وبركة الرزق والسعادة ربما أنه أثرٌ من آثار البر و الإحسان إلى الوالدة . المقصود أن تجعلها تشاركك همّ البرّ و الإحسان واستشعار قيمة هذا البر .
إذ أن استشعار قيمة هذا البر والإحسان يجعلها أقوى على الصبر والرضا و التفاؤل ، و أكثر مرونة و تغاضياً على هفوات ( الوالدة ) . وأكثر تقبّلاً لها .
2 – أشعر زوجتك بحبك لها وصارحها بذلك وامدح موقفها الإيجابي مع والدتك ، واجتهد في أن تعوّضها بما يشعرها بقيمة صبرها على ( أخلاق والدتك ) . بهدية أو بسمة أو كلمة دافئة أو تحقيق أمنية لها …
3 – كن أشد حرصاً على إكرام أهل زوجتك و احترامهم و السؤال عنهم و رعايتهم ، و إشعار زوجتك بذلك ، فإن الزوجة متى ما شعرت منك أنك تكرم أهلها و والديها فإنها حتماً ستبادلك نفس الشعور والاهتمام .
4- استمع إليها بهدوء ، واسمح لها أن تفضفض ما في صدرها حين تكون المشكلة متعلقة بوالدتك ، ولا تكبتها أو تضجر من السماع إليها ، إن تفريغها لشحنات المواقف التي تحصل بينها وبين والدتك من خلال شكواها إليك وهدوءك عند الاستماع إليها ، يُشعرها بأهميتها عندك وحمايتك لها . كما أن كبتك لها أو الضجر عند شكواها من أمك يقطّع بقية حبال الوصل بين زوجتك وبين والدتك ويشعرها بالكره والبغض والحقد .
5 – كن عادلاً !
من أعظم ابوب الخير هو البرّ بالوالدين ، لكن البرّ لا يعني ظلم الآخرين بمفهوم ( البرّ ) . فلا تظلم زوجتك ولا ترغمها أو تكرهها على قبول الخطأ والاعتذار مما لم تفعله ، لكن اجلس مع زوجتك و اعتذر لها نيابة عن والدتك واتفق معها على أسلوب معيّن للتعامل مع والدتك بحيث لا تظلم زوجتك أو تسيء إلى والدتك .
6 – لا تعنّف أو تعاتب زوجتك ( أبداً ) أمام والدتك .
لأن هذا التعنيف والعتاب المباشر وأمام والدتك يكسرها كسراً وربما أورثها الحقد والانتقام والعناد ، كما أن هذا العتاب يفتح باباً لوالدتك على زوجتك بمتابعة العتاب والذمّ واستغلال هذه الفرجة !!
7 – اشعر والدتك باحترامك أنت لزوجتك وحبك لها ، وذلك كأن تثني على أدبها وأخلاقها أمام والدتك .
8 – أشعر والدتك أيضا بحب زوجتك لها من خلال شراء بعض الهدايا باسم زوجتك لوالدتك ، و أبلاغها السلام و التحايا كلما زرت والدتك أو اتصلت بها ، المقصود أن يكون لك دوراً في تقريب القلوب وتأليفها .
9 – كن حازماً .
بعض المواقف تحتاج منك إلى الحزم ، والحزم ليس معناه الغلظة و الفضاضة ، وإنما من الحزم أن تقول ( لا ) في مكانها لكن بهدوء ومن غير ضجيج !!
تحتاج إلى الحزم لإيقاف بعض تدخلات والدتك ، وتحتاج إلى الحزم مع زوجتك في بيان أن والدتك ليس فيها مجال للمساومة بقدر ما أن هناك مجال للمفاهمة !!
تلك جملة من الأفكار و الوصايا التي تساعد الزوجين على التعايش الإيجابي مع ( والدة الزوج ) و حسن التواصل و البر و الإحسان على أن ما يقال في ( والدة الزوج ) قد يكون واقعياً أيضا في ( والدة الزوجة )
عسى الله أن ينفع بهذا كل زوج و زوجة وأن يديم بينهما الألفة والمحبة في ظل طاعته ..
منقول للفائدة
للرفع
لا إله إلا أنت وحدك لاشريك لك.. لك الحمد ولك الشكر وأنت على كل شيء قدير