هل سجود التلاوة سجدة أو سجدتين ؟
سجود التلاوة سجدة واحدة يسجدها المسلم إذا قرأ آية من آيات السجدة ، وهي معروفة في المصحف.
ما هي الأحكام المتعلقة بسجود التلاوة ؟؟
أولاً : دليله : عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما – قَالَ (رُبَّمَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ فَيَمُرُّ بِالسَّجْدَةِ فَيَسْجُدُ بِنَا حَتَّى ازْدَحَمْنَا عِنْدَهُ حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُنَا مَكَانًا لِيَسْجُدَ فِيهِ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ ) ( حديث صحيح – أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب المساجد ومواضع السجود ، وأبو داود في سننه ، والإمام أحمد في مسنده ) 0
ثانياً : فضله : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ ، اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي يَقُولُ : يَا وَيْلَهُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ يَا وَيْلِي أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ ، حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَعَصَيْتُ فَلِيَ النَّارُ) (حديث صحيح – أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب الإيمان).
ثالثاً : حكمه : ذهب جمهور العلماء إلى أن سجود التلاوة سنة للقارئ والمستمع ، لما رواه البخاري عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ – رَضِي اللَّه عَنْه – قَرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِسُورَةِ النَّحْلِ حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ الْجُمُعَةُ الْقَابِلَةُ قَرَأَ بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ رَضِي اللَّه عَنْهم وَزَادَ نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّهم عَنْهمَا إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضِ السُّجُودَ إِلَّا أَنْ نَشَاءَ ) ( حديث صحيح – أخرجه الإمام البخاري في صحيحه – كتاب الجمعة ).
وعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ – رَضِي اللَّه عَنْهم ( فَزَعَمَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّجْمِ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا ) ( متفق عليه ) 0
وقد رجح الحافظ بن حجر أن الترك كان لبيان الجواز ، وبه جزم الشافعي ، ويؤيد ذلك ما رواه البزار والدراقطني عن أبي هريرة – رضي الله عنه أنه قال ( إن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في سورة " النجم " وسجدنا معه ) ( قال الحافظ في الفتح : ورجاله ثقات ) 0
ما هي مواضع السجود في القرآن الكريم؟
هي في القرآن الكريم خمسة عشر موضعاً 0 فعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ – رضي الله عنه – ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَأَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِي الْقُرْآنِ ، مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ وَفِي سُورَةِ الْحَجِّ سَجْدَتَانِ ) ( حديث حسن – أخرجه الترمذي في سننه ، وأبو داود في سننه ، وابن ماجة في سننه ، والإمام مالك في الموطأ ) ، وهي :
1. (إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون ) ( سورة الأعراف – الآية 206).
2. (ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرها وظلالهم بالغدو والآصال ) ( سورة الرعد – الآية 15 ) 0
3. (ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون ) ( سورة النحل – الآية 49 ) 0
4. (قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجداً ) ( سورة الإسراء – الآية 107 ) .
5. (إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكياً ) ( سورة مريم – الآية 58 ) 0
6. (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) ( سورة الحج – الآية 18 ) 0
7. (يأيّهَا الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ) ( سورة الحج – الآية 77 ) 0
8. (وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا ، وزادهم نفورا ) ( سورة الفرقان – الآية 60 ).
9. (إلا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون ) (سورة النمل – الآية 25 ).
10.(إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خرُّوا سجداً وسبحوا يحمد ربهم وهم لا يستكبرون) (سورة السجدة – الآية 15 ).
11. (وظنَّ داود أنما فتناه ، فاستغفر ربه وخرَّ راكعاً وأناب ) ( سورة ص – الآية 24)
12. (ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون ) ( سورة فصلت – الآية 37) 0
13. (فاسجدوا لله واعبدوا ) ( سورة النجم – الآية 62).
14. (وإذا قُرئ عليهم القرآن لا يسجدون ) ( سورة الانشقاق – الآية 21).
15.(واسجد واقترب ) ( سورة العلق – الآية 19)
حكم سجود التلاوة أثناء الصلاة؟
يجوز للإمام والمنفرد أن يقرأ آية السجدة في الصلاة الجهرية والسرية ويسجد متى قرأها 0
عَنْ أَبِي رَافِعٍ – رضي الله عنه – قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – صَلَاةَ الْعَتَمَةِ فَقَرَأَ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ، فَسَجَدَ فِيهَا فَقُلْتُ لَهُ : مَا هَذِهِ السَّجْدَةُ ، فَقَالَ : سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ ) ( حديث صحيح – أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب المساجد ومواضع السجود ) 0
ما حكم سجدة التلاوة ، وهل لها تسليم أم لا ، إذا كان المرء تاليا وليس مصليا ، وما دعاؤها ، وهل إذا كان المرء مصليا وكانت سجدة التلاوة في نهاية السورة هل عليه بعد السجدة أن يقرأ ما تيسر من السورة التي بعدها أم يركع مباشرة ؟
سجدة التلاوة سنة ، ولم يرد نص في السلام منها ، فليس على من سجدها سلام منها ، وليس على من سجد لتلاوة آية سجدة في آخر سورة كـ: (الأعراف) و(النجم) و(اقرأ) وهو في الصلاة أن يقرأ قرآنا بعدها وقبل الركوع ، وإن قرأ فلا بأس ، ويقول في سجوده للتلاوة ما يقوله في سجوده للصلاة .
هل يكبر القارئ في سجود التلاوة في الخفض والرفع منه أو في الخفــض فقط ، وهل يقرأ التشــهد أولا، وهل يســـلم منـه أو لا؟
أولا : يكبر من سجد سجود التلاوة في الخفض ، لما رواه أبو داود في سننه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن، فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا ) أخرجه أحمد2/17، والبخاري 2/33،34 ، ومسلم 1/405 برقم (575) ، ولا يكبر في الرفع من السجود؛ لعدم ثبوت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم ، ولأن سجود التلاوة عبادة، والعبادات توقيفية ، يقتصر فيها على ما ورد ، والذي ورد التكبير في الخفض لسجود التلاوة لا للرفع منه ، إلا إذا كان سجود التلاوة وهو في الصلاة فيكبر للخفض والرفع ؛ لعموم الأحاديث الصحيحة الواردة في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان يكبر في كل خفض ورفع .
ثانيا : لا يتشهد عقب سجود التلاوة ولا يسلم منه ، لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه ، وهو من العبادات ، وهي توقيفية ، فلا يعول فيه على القياس على التشهد والسلام في الصلاة .
ماذا تفعل المرأة عندما تكون تقرأ القرآن وتقابلها آية سجدة هل تسجد وهي بدون غطاء أم ماذا تفعل ؟
الأولى للمرأة إذا مرت بآية سجدة أن تسجد وهي مخمرة رأسها وإن سجدت للتلاوة بدون خمار فنرجو ألا حرج ، لأن سجود التلاوة ليس له حكم الصلاة ، وإنما هو خضوع لله سبحانه وتقرب إليه مثل بقية الأذكار وأفعال الخير .
ماذا يقول المصلي عندما يسجد لسجدة القرآن الكريم ؟
يقول الساجد في سجود التلاوة مثل ما يقول في سجوده في صلاته : " سبحان ربي الأعلى " والواجب في ذلك مرة واحدة ، وأدنى الكمال ثلاث مرات ، ويستحب الدعاء في السجود بما يسر الله من الأدعية الشرعية المهمة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " أما الركوع فعظموا فيه الرب ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم" . فقمن أي : جدير
وقوله صلى الله عليه وسلم : « أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء » رواهما مسلم في صحيحه ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده : « سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي » متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها ، وكان صلى الله عليه وسلم يقول أيضا في الركوع والسجود : « سبوح قدوس رب الملائكة والروح » أخرجه مسلم في صحيحه .
ويجوز لمن سجد سجود التلاوة دعا بما شاء ، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك إلا حديث عائشة وعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ( حديث طويل ) إلى أن قال ( 000 وإذا سَجَدَ قَالَ : اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) ( حديث صحيح – أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب صلاة المسافرين ) .
حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الوهاب الثقفي حدثنا خالد الحذاء عن أبي العالية عن عائشة قالت "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في سجود القرآن بالليل سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته".
إذا كان الإنسان يستمع إلى تلاوة القرآن الكريم بواسطة جهاز التسجيل ومر القارئ بآية فيها سجدة تلاوة فهل يسجد؟
لا يشرع للمستمع أن يسجد إلا إذا سجد القارئ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ عليه زيد بن ثابت رضي الله عنه سورة النجم ولم يسجد فلم يسجد النبي صلى الله عليه وسلم .
فدل ذلك على عدم وجوب سجود التلاوة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على زيد تركه . كما دل الحديث أيضا على أن المستمع لا يسجد إلا إذا سجد القارئ .
هل يشترط الطهارة لسجود التلاوة؟
لا يشترط لسجود التلاوة ما يشترط للصلاة ، لعدم الدليل على ذلك ، ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن في مجلسه بين أصحابه فإذا مر بآية السجدة سجد وسجدوا معه ، ولم يقل لهم لا يسجد إلا من كان على طهارة .
والمجالس تجمع من هو على طهارة ، ومن هو على غير طهارة ، فلو كانت الطهارة شرطا لنبههم النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك ، لأنه صلى الله عليه وسلم أفصح الناس ، وقد أمره الله بالبلاغ ، ولو كانت الطهارة شرطا في سجود التلاوة لأبلغهم بذلك رضي الله عنهم ، ولو بلغهم لنقلوا ذلك لمن بعدهم ، كما نقلوا عنه سيرته وأحاديثه عليه الصلاة والسلام.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين