قال مالك بن دينار: دخلت على جارٍ لي وهو في الغمرات يعاني عظيمَ السَّكَراتِ ، يُغمى عليه مرَّةً ويفيقُ أخرى ، وفي قلبه لهيبُ الزَّفرات ، وكان منهمكاً في دنياه ، متخلِّفاً عن طاعة مولاه ، فقلت له : يا أخي تُبْ إلى الله وارجع عن غِيِّكَ ، عسى المولى أن يشفِيكَ مِنْ ألَمِكَ ويعافيك مِنْ مرضِك وسقمِك ويتجاوز بكرمه عن ذنبك . فقال : هيهات هيهات ! قد دنا ما هُو آت ، وأنا ميتٌ لا محالةَ ، فيا أسفي على عمرٍ أفنيته في البطالة . أردتُ أن أتوبَ ممَّا جنيتُ .
فسمعت هاتفاً يهتف من زاوية البيت : عاهدناك مِراراً ، فوجدناك غدَّاراً..
نعوذ بالله من سوء الخاتمة ، ونستغفره من الذنوب المتقادمة
قال الفضيل بن عياض لرجل : كم أتت عليك ؟ قال ستون سنة ، قال : فأنت منذ ستين سنة تسيرُ إلى ربك يُوشِكُ أن تَبلُغَ ، فقال الرجل : إنا لله وإنَّا إليه راجعون ، فقال الفضيل : هل تعرف تفسير ما تقول : قال : لا ، قال : أنت لله عبد وإليه راجع ، فمن علم أنه لله عبد ، وأنه إليه راجع ، فليعلم أنه موقوفٌ ، ومن علم أنه موقوف ، فليعلم أنه مسؤول ، ومن علم أنه مسؤولٌ ، فليُعِدَّ للسؤال جواباً ،
فقال الرجل : فما الحيلةُ ؟ قال يسيرة ، قال ما هي ؟
قال : تُحسِنُ فيما بقي يُغفرُ لك ما مضى ، فإنك إن أسأتَ فيما بقي ، أُخذتَ بما مضى وبما بقي.
قال بعض الحكماء : من كانت الليالي والأيام مطاياه ، سارت به وإن لم يسر .
فيا من كلما طال عمره زاد ذنبه ،
يا من كلما ابيض شعره بمرور الأيام اسود بالآثام قلبه ،
يا من تمر عليه سنة بعد سنة وهو مستثقل في نوم الغفلة والسنة ،
يا من يأتي عليه عام بعد عام وقد غرق في بحر الخطايا فعام ،
يا من يشهد الآيات والعبر كلما توالت عليه الأعوام والشهور ،
ويسمع الآيات والسور ولا ينتفع بما يسمع ولا بما يرى من عظائم الأمور ،
ما الحيلة فيمن سبق عليه الشقاء في الكتاب المسطور :
(( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور )) ،
(( ومن لم يجعل الله له نور فما له من نور ))
وباااارك الله فيج
[08]دمــــــــــتي بود[/08]