فالكذب يصبح أكثر خطورة عندما تنتقل الطفل الى مرحلة المراهقة، لأن الطفل يفعل ذلك عن وعي، وإدراك كامل للعواقب، وتكمن خطورة هذه العواقب عندما يتعلق الأمر بالواجبات المدرسية، والخروج من المنزل، وقيادة السيارة (طبعا بدون ترخيص) والتدخين، والكحول، والمخدرات، والعلاقات بالجنس الآخر، فإذا اكتشفت ان ابنك المراهق يكذب، فحاول ان لا تفقد أعصابك، وبادر بالحديث إلى ابنك عما يحدث في حياته.
فمـا الذي يدفع المراهق إلى الكـذب؟
عندمـا يكذب المراهق فليس ذلـك مؤشـرا لحـدوث شيء خطـر فربمـا يكذب لأحد الأسـباب التاليـة:
1- حماية خصوصيته؛ فعندما يدخل الطفل في سن البلوغ، يحس انه بحاجة نفسية للانفصال والاستقلال عن الوالدين، فربما يكذب الطفل إذا سألته عما فعله الليلة الماضية، ليس لان ما فعله خاطئ، بل فقط لاعتقاده انك تريد أن تعرف كل تفاصيل حياته.
2- للإحساس بأنه كبر؛ هناك مبررات لدى بعض الأبناء بأن الراشدين يتوقعون منهم أن يتصرفوا كراشدين ويعاملوهم كأطفال، والكذب حول تفاصيل يوم المراهق يمنحه شعورا بالسيطرة او القوة، والاحتفاظ بشيء خاص به طريقة لبناء استقلاله وشخصيته.
3- للمحافظة على شـعور الآخرين؛ فعندما يخبر المراهق صديقا لا يريد مرافقته أن لديه عمل في البيت ولا يسـتطيع أن يخرج معه، فلا يعني هذا انه ينوي الكذب، بل يعتقد انه يتصرف بلباقة.
4- لتجنب القيام بعمل ما؛ فالطفل الذي يكذب دائما بسبب الواجبات المدرسية لا بد انه يواجه مشكلة في دراسته، وهو يحتاج إلى دروس تقوية او مساعدة لتنظيم لدراسته ووقته.
5- تجنب الوقوع في مأزق؛ وهو احد أهم أسباب الكذب عند المراهقين، إلا أن له جانبا ايجابيا، فهو يعني أن المراهق يعرف الصح من الخطأ، وهو يكذب لان ما فعله او ينوي فعله غير مقبول.
كيف أتصرف عندما يكذب ابني المراهق؟
قد يكون إخفاء المراهق لأمور معينة ذا عواقب وخيمة والأولى أن لا تترك هذه القصص لتمر بدون تدقيق، ولكن المراهق قد لا يستجيب للأساليب التربوية التي كانت مفيدة عندما كان طفلا، فبدلا من استخدام العقوبات ينصح الخبراء التربويون بالتركيز على الانفتاح والتواصل وبناء الثقة المتبادلة.
يمكن البدء بإعطاء المراهق مسـاحة من الخصوصيـة، حتى لا يشعر بأنه مضطر للكذب ليتخلص من ملاحقتـك، وإظهار الاهتمام بنشـاطاتـه وأصدقائه، ولكن بدون التدخل في شـؤونـه الخاصة.
وبدلاً من التشـبث بقواعد كانت تنفع عندما كان أصغر سـناً، تناقشا معاً لتحديـد حدود وعواقب معقولة. مع الانتباه لأي مؤشـرات بأنه يسـتطيع التعامل مع مسـاحة الحرية، والتأكيد على وجودك بالقرب منه للإرشاد، والدعم، والحب، وتأكد أن ابنك المراهق يفهم الحدود التي ترسـمها، وماذا سـيحدث لو تجاوز الحدود
وعندما تضبط ابنك وهو يكذب لا تأخذ الأمور بشكل شخصي، او تستسلم للغضب، فلن يجعله التأنيب قادرا على الثقة فيك في المرات التالية، اظهر له عدم موافقتك، وافرض أي عقوبة معقولة مثل الحرمان من امتياز معين كمشاهدة التلفزيون، او الذهاب إلى حفلة، أما إذا كان رد فعلك مفرطا، فيمكن أن يتمسك بموقفه ويتمرد، فمن المعقول معاقبته لليلة واحدة، أما إذا عاقبته عقوبة طويلة، فسوف ينسى تجاوزاته مقابل ما يراه معاملة قاسية غير عادية.
انتبه لما يكذب المراهق بشأنه، فإذا كانت الأنشطة غير خبيثة فيمكن الحد منها بشكل جيد. فهل تفرض عليه قوانين صارمة بالنسبة لطالب في المرحلة الثانوية؟
هل قوانينك متقاربة مع تلك التي تفرضها أسر أخرى مشابهة بالقيم والاهتمامات؟
إذا كان الكذب يتم لتغطية تصرف خطر، فيجب مراجعة القوانين من جديد والتأكيد على أن الهدف من القوانين حمايته وليس والتحكم بشخصيته وسلوكه، وتذكيره بأهمية الالتزام بالقوانين وعواقب تجاوزها.
قم بمدح المراهق عندما يقول الحقيقة رغم معرفته أن ذلك سيزعجك، فالحقيقة وان كانت مؤلمة أفضل من الكذب، ويجب التعامل على هذا الأساس.
وبكلمة أخرى؛ عندما يكون الطفل في سن المراهقة يجب ان لا يعاقب الفعل الخاطئ الذي يعترف به بنفس الطريقة التي يعاقب بها الفعل الخاطئ الذي ينكره او يحرفه. وطبعا التصرف الخاطئ يجب أن يكون له عقوبة حتى لو اعترف المراهق، لذلك يفضل منحه اعتبارا خاصا إذا بادر بالاعتراف بالخطأ حتى يعتاد ذلك فيما بعد.
متى يصبح كذب المراهق سببا للقلق؟
إن قيام المراهق بالكذب من حين لآخر، او ذكر أنصاف الحقائق ليس مؤشرا خطرا لمشكلة حقيقية، أما إذا رافق الكذب تصرفات خاطئة، مثل السـلوك العدواني، والسـرقة، والمقاطعة في الصف، او اسـتمر بالكذب بشكل مسـتمر بعد أن تم تنبيهه لذلك، او ظهرت عليه أي من المشاكل التالية:
1- تأليف ونسج قصص مقنعة؛ فالأطفال الصغار يحكون قصصا قبل أن يميزوا بين الحقيقة والخيال، وهي مرحلة طبيعية في تطورهم ونموهم، أما إذا كان المراهق يبالغ، ويحاول تزيين كل شيء، فهذا مؤشر على حاجته لاهتمام خاص.
2- الكذب المزمن، فإذا بقي المراهق يكذب بشكل مستمر فهذا مؤشر على تبلور عادة سيئة يحتاجها لمساعدته في تأكيد ذاته وإظهار نفسه، او بأنه لا يميز بين الصح والخطأ، ويمكن للمرشد النفسي مساعدته لتطوير الوعي لديه كما يمكن مساعدته مع عائلته لتجاوز المشاكل الاجتماعية التي قد تعوق تطوره العاطفي.
3- الكذب لإخفاء مشـاكل خطرة؛ فقد يكذب المراهق بشكل دائم لتورطه في شـرب الكحول او المخدرات لإخفـاء الحقيقـة، والحل هو تحديد المشـكلة الأسـاسية التي أدت إلى هذا السـلوك المدمر.
4- الكذب بدون سبب؛ وفي بعض الحالات النادرة لا يفكر المراهق ولا يشعر بالأسف لأنه كذب او استغل الآخرين، وفي هذه الحالة تستدعي القلق لان المراهق ليس لديه وازع معين، كالوازع الديني، لمنعه من خداع الناس.
استمرار وجود المشكلة، رغم محاولات الأهل للمساعدة، وترافقت بانحرافات سلوكية، فمن الضروري الاستعانة بأخصائي العلاج النفسي لتقديم المساعدة والعلاج الضروريين.
منقول للفائدة
لا تحرمينا من جديدكِ…موفقه دائماً