تخطى إلى المحتوى

آثار الاستغفار ()

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع جدا رائع .. لا تقولون طويل اقروه للاخر ..

جاء رجلُ إلى الحسن البصري يشكو إليه الجذب والقحط فأجابه قائلاً : " استغفر الله " ، ثم جاءه رجلُ آخر يشكو الحاجة والفقر فقال له : " استغفر الله " ، ثم جاءه ثالثُ يشكو قلة الولد فقال له : " استغفر الله " ،
فعجب القوم من إجابته فأرشدهم إلى الفقه الإيماني والفهم القرآني والهدي النبوي وتلا قول الحق جل وعلا :
{ فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموالِ وبنين يجعل لكم جناتِ ويجعل لكم أنهاراً } .

تأمل – أخي المسلم – إلى هذا الفهم والفقه واليقين في إجابة هذا الإمام من أئمة التابعين ليس قولاً مجرداً ولا فلسفةً ولا هرطقة وإنما يقين ومعرفةُ وتجربةُ وتوكلُ واعتمادُ على الله سبحانه وتعالى .

فهل فكرت يوماً عندما يصيبك همٌ أو غمٌ ، أوعندما تقع في مشكلةِ ومعضلة هل فكرت في أن المخرج هو مد الحبال إلى الله – عز وجل – دعاءً وتوسلاً واستعانة وخفض الجبهة وتمريغها ذلاً وخضوعاً واستغفاراً واستكانة .
هل عرفنا مثل هذا النهج الذي كان عليه أسلافنا في واقع حياتهم ؟

تأمل كيف رأى الحسن البصري هذه الآية ورأى صدقها يقيناً في واقع الحياة فأرشد المسترشد ، وأجاب السائل إجابةً موجزةً إيمانيةً واقعيةً لمن أيقن بها وصدقها : { فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموالِ وبنين ويجعل لكم جناتِ ويجعل لكم أنهارا } .

الخير عند الله في السماء يمسكه عن الناس لذنوبِ أحدثوها وفضائع وجرائم ارتكبوها ولولا شيوخ ركّع وأطفال رضع وبهائم رتع ومن يدعو الله – عز وجل – لحرم الناس القطرة ولأصيبوا بالسنين والجدب ولأنزل الله – عز وجل – عليهم السخط والعذاب .
من أين لك يا حسن البصري مثل هذا الفقه ؟ ..لقد تلقاه من صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذين أخذوا عن النبي – عليه الصلاة والسلام – الذي ترجم لهم القرآن ترجمةَ عملية .

فهذا الحديث يكشف لنا عن سرِ من هذه الأسرار وهو من رواية عليِ بن أبي طالبِ قال :
كان الرجل يحدثني فأستحلفه على حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وحدثني أبو بكرِ – رضي الله عنه – وصدق أبو بكرِ قال أبو بكرِ سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول :
( ما من رجلِ يذنب ذنباَ ثم يقوم فيتطهر فيحسن الوضوء ، ثم يقوم فيصلي ركعتين ثم يستغفر الله – عز وجل – إلا غفر له ثم تلا – عليه الصلاة والسلام – قول الحق جل وعلا : { والذين إذا فعلوا فاحشةَ أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون } ) .
هذه الآية القرآنية وهذا هو التقريب والتفيهم النبوي وهذه هي الرواية الصحابية وذلك هو الفهم التابعي وتلك هي الحياة الإسلامية التي تربط بالله – سبحانه وتعالى – وتدرك أن الأمور كلها مغاليقها ومفاتيحها وأسبابها ومنعها بيد الله سبحانه وتعالى .

فانظر – رعاك الله – إلى آثار هذا الاستغفار في دفع الرزايا والبلايا والمشكلات والمعضلات الدنيوية ، وانظر إلى الأثر الذي ثبت في هذا الحديث من أثر الاستغفار في محو الذنوب والآثام وصقلها وإزالتها من صحائف المسلم بإذن الله عز وجل .
فإذاَ نحن في بابِ عظيمِ من أبواب نعم الله – عز وجل – وفي رحمةٍ واسعةٍ من رحمات المولى – سبحانه وتعالى – فأين نحن منها وأين فقهنا لنا وأين ارتباطنا بها وأين عملنا بمقتضياتها ؟

فوائد كثيرة ومنافع عديدة تفوتنا نفرط فيها نغفل عنها نتجاهلها تعصف بنا رياح الفتن تمر بنا زينة الدنيا نغرق في أوحال الشهوات نتعثر في المعاصي والسيئات وننسى أحبال النجاة وننسى سبل السلامة التي جعلها الله – عز وجل – قريبةٌ منا وساقها إلينا وأهداها لنا لتظل القلوب موصولةَ به لتظل الدموع تدرف خوفاَ وتضرعاَ وخضوعا لتظل الجباه تسجد تضرعاَ واستكانةَ لله – سبحانه وتعالى – ليظل عند المسلم سلاح من الله – سبحانه وتعالى – يستعين به على أمور دينه ودنياه .

أثر عظيم من الآثار لهذا الاستغفار ورد في حديث أبي سعيدِ الخدري – رضي الله عنه – وهو عند الحاكم والطبراني بسندِ حسن أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال :
" يقول إبليس لله – عز وجل – بعزتك وجلالك لا أبرح أغويهم ما رأيت الأرواح فيهم " .
هذه مهمته وهذا قسمه الذي خلده القرآن بأن يغوي بني أدم :
" بعزتك وجلالك لا أبرح أغويهم ما رأيت الأرواح فيهم " فيقول الحق جل وعلا :
( فبعزتي وجلالي لا أبرح أغفر لهم ما استغفروني ) .

وأثرُ رابع عظيم ينتظره الإنسان في وقتٍ يكون فيه أشد احتياجاً إلى ما ينفعه بين يدي الله – عز وجل – في وقتٍ تنقطع فيه الأسباب وتنعدم فيه الإعانة يحتاج حينئذٍ إلى ذلك الاستغفار الذي لهج به لسانه ، وخفق به قلبه ، وظهر على سمته وخضوعه وخشوعه وخشيته من ربه هذا حديث الزبير أخرجه الطبراني في الدعاء بسندٍ حسن والبيهقي بسندِ لا بأس به عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : ( من أحب أن تسره صحيفته فليكثر فيها من الاستغفار ) .
من أحب أن تسره صحيفته يوم القيامة فليكثر فيها من الاستغفار ، وعند ابن ماجه بسندِ صحيح وعند النسائي في عمل اليوم والليلة بسندِ صحيح أيضاَ عن عبد الله بن بسر – رضي الله عنه – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراَ كثيرا ) .

كل ذلك من أقوال سيد الخلق – صلى الله عليه وسلم – وانظر إلى تطبيقه العملي فهذا حديث السنن يروي فيه الصحابة أنهم كانوا يعدون للنبي – صلى الله عليه وسلم – في المجلس الواحد أنه يقول : ( أستغفرك وأتوب إليك في المجلس سبعين مرة وفي بعض الروايات مائة مرة ) .

وفي حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : ( إني لأستغفر الله في اليوم والليلة سبعين مرة ) . وفي بعض الروايات : ( مائة مرة ) .

فلو تذكرنا – أحبتنا الكرام – هل نستغفر في يومنا وليلتنا مثل هذا العدد ؟ وهل استغفارنا لو استغفرنا مثل هذا العدد مثل استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وهل حاجتنا ونحن مثقلون بالذنوب والخطايا مثل حاجة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – للاستغفار وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ؟

فقد كان – عليه الصلاة والسلام – دائماَ في عبادةِ وتقربِ وتضرعِ لله عز وجل وازديادِ في الخير فيستغفر إن لم يكن زاد في الخير لا يستغفر من ذنبِ وقع فيه وقال بعض أهل العلم في هذا أيضاَ : " إنه السهو الذي ليس فيه عملُ باطل لكنه يستغفر أن لم يشغل كل وقتِ بطاعةِ وذكرِ واستغفارِ وتهليلِ وتسبيحِ لله عز وجل " .
وقيل ايضاً :
"
إن هذا الاستغفار منه تشريع لأمته تعليمُ لهذه الأمة التي يمتد أمدها إلى قيام الساعة أن تعلن دائماَ أنها ذات أوبةِ ورجعةِ إلى الله عز وجل وأنها ذات طلبِ واستجداءِ واستعانةِ بالله سبحانه وتعالى " .
وذكر في ذلك أيضاَ قولُ آخر وهو :

أن استغفاره – صلى الله عليه وسلم – استغفارُ لأمته ؛ فإنه كان – عليه الصلاة والسلام – دائم الدعاء لأمته ودائم السؤال لربه في حق أمته ) … وقد جاء قول الحق سبحانه وتعالى : { استغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات } .
فهذا رسولنا – صلى الله عليه وسلم – يقول : ( إنه لن يغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم والليلة مائة مرة ) .
وهذا التطبيق العملي يجعل القلب في انصقالٍ دائمٍ وفي حياةٍ وارتباطٍ قوي بالله سبحانه وتعالى .

وانظر كذلك إلى الأثر العظيم المهم من آثار الاستغفار وهو دفع العذاب ورفع المصائب ، مصداقاً لقول الله عز وجل : { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم و ما كان الله يعذبهم وهم يستغفرون } .

وقد ورد في معنى ذلك آثار وأحاديث فيها ضعف لكن المعنى الذي في الآية واضح بين أن الاستغفار من أسباب رفع العذاب وعدم نزول نقمة رب الأرباب سبحانه وتعالى .

وهذا رسولنا – صلى الله عليه وسلم – يبين هذا في حديثِ صحيحِ عظيم يخطئ بعض الناس فهمه ويسيؤن تصوره واستخدامه وهو حديثه عليه الصلاة والسلام الذي يقول فيه كما في صحيح مسلم : ( والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا فتستغفروا لذهب الله بكم ولجاء بقومِ يذنبون فيستغفرون الله فيغفر الله لهم ) .

وهذا الحسن البصري يخاطبنا مرةً أخرى ، ويقول مخاطباً لذلك الجيل الذي كان فيه ولذلك العهد لذي كان فيه من الخير والصلاح ما فيه يقول : " لقد أدركت أقواماً – يعني الصحابة الكرام رضوان الله عليهم – كانوا أخوف ألا تقبل منهم حسناتهم منكم من ان تحاسبوا على سيئاتكم " يقصد الذين يحدثهم : لستم في خوفِ من المحاسبة على السيئات وأنتم تعلمونها وأنتم ترونها وأنتم تقعون فيها ، وقد كان القوم من قبلكم قد أمنوا هذا ؛ لأنهم لم يقعوا في تلك المعاصي ولكنهم عندهم خوفُ أعظم وهو ألا تقبل منهم الحسنات ، فأين نحن من هذه القلوب الحية والمواقف التي كانت في سير أسلافنا رضوان الله عليهم بل أين نحن من أمرِ أعظم وأجل من هذا أين نحن من هذه الرحمة الواسعة والنعمة العظيمة التي يقدمها الله لنا ويسوقها إلينا ، ثم نغفل عنها كأن لا نعظم ربنا كأن لا نفتقر إليه كأن لا ندرك عبوديتنا له – سبحانه وتعالى – كأن قدر أدبرنا بظهورنا وأعرضنا بغفلتنا وسهونا وشهواتنا عن باب ربنا الذي فتحه لنا ، وعن دعائه الذي دعانا إليه من الاستغفار والتوبة الدائمة إليه ، ولذلك قد قال أهل العلم في معنى هذه الأحاديث إن الله – عز وجل – قد فتح الباب لعلمه بطبيعة العبد وأنه يحتاج إلى ذلك الاستغفار ؛ فإنه قد ورد في الصحيح عند الإمام مسلم :
( أن عبداً أذنب ذنباً فقال يا رب أذنبت ذنباَ فاغفرلي فقال الله – عز وجل – لملائكته : علِمَ عبدي أن له رب يغفر الذنب ويؤاخذ به فاستغفرني أشهدكم أني قد غفرت له ، ثم أذنب ذنباَ فقال يا رب أذنبت ذنباَ فاغفرلي فقال الله – عز وجل – : علم عبدي أن له رب يغفر الذنب ويؤاخذ بالذنب أشهدكم أني قد غفرت له ، ثم ثالثةَ فيعاد القول فليعمل عبدي ما شاء فإني أغفر له ) . . ( يا ابن أدم لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لقيتك بقرابها مغفرة ) .

لو لم ترد نيل ما أرجو وأطلبه **** من جود كفيك ما علمتني الطلب

وهذا مصداق قول الله – عز وجل – في قصة أدم أن الله – عز وجل – هو الذي علّمه الكلمات : { فتلقى أدم من ربه كلماتِ فتاب عليه } .
علّمه الاستغفار حتى يغفر له فضل من الله سبحانه وتعالى عظيم لماذا ؟
لأنه يعلم طبيعة الإنسان وغفلته وما يقع منه من سهوِ : { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير } .

استغفرك اللهم واتوب اليك

يزاج الله الف خير

استغفر الله

استغفر الله

استغفر الله

خليجية

فعلا ما فى شى احسن من ذكر الله و استغفاره اللهم انى استغفرك واتوب اليك جزاج الله خير

اللهم أنت ربي لا إله الا انت
خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت
أعوذ بك من شر ما صنعت
وأبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي
فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت

آستغفر الله الذي لآ إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.