أيتها الزوجة المسلمة: كوني أجمل النساء
يوسف إسماعيل سليمان
لم يُعنَ دينٌ من الأديان بأمر النظافة والعِناية بالجَسَدِ والاهتِمام به مثْل الإسلام؛ إذ إن مُجمَل التعاليم والنصوص الإسلامِيَّة تَدْعَمُ الاهتِمام بالطهارة، وتحثُّ على الاهتِمام بالجَسَدِ والمحافظة عليه؛ قال – تعالى-: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222].
وعَدَّ الإسلامُ الحِرْصَ على النظافة والطهارة نصف الإيمان؛ فقال – صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((الطُّهور شَطْرُ الإيمان))؛ رواه مسلم.
كوني شامَة بين النساء:
ذلك أن الإسلام يحبُّ لأبنائِه أن يكونوا شامَة بين الناس، مُتَميِّزين في زِيِّهم وهَيْئاتهم وسائر تَصَرُّفاتهم، فيكونون بِحُسْنِ مظهرهم دليلاً على حسن مَخْبَرِهم الذي يَعمُره هذا الدين وهذا الإيمان؛ ففي الحديث أن النبي – صلَّى الله عليْه وسلَّم – قال لأصحابه وكانوا في سفرٍ قادِمين على إخوانهم: ((إنكم قادِمُون على إخوانكم، فأصلِحوا رِحالَكم، وأحسِنُوا لباسكم حتى تكونوا كأنَّكم شامَةٌ في الناس؛ فإن الله لا يحب الفُحْشَ ولا التفحُّش))؛ رواه أبو داود.
فاعتَبَر أن الهيئة الرديئة، والحالة الزرِيَّة، وإهمال العناية بالمَظْهَر، والتبذُّل في اللباس أو المَرافِق المفروشة – فُحْشًا وتفحُّشًا يُبغِضُه الله، ويكرهه الإسلام، ويَنْأَى عنه، وكيف لا والنظافة من أهمِّ الأسباب التي يؤكِّد الأطبَّاء على دورها في الحِفاظ على الصحَّة العامَّة، والوِقاية من كثيرٍ من الأمراض؟!
أطهر النساء وأجملهنَّ:
وإذا كان الحال هكذا مع عموم المسلمين، فما بالنا بالزوجة المسلمة في بيتها ومع زوجها وهي تسمع قول النبي – صلَّى الله عليْه وسلَّم – مُجِيبًا لِمَن سأله عن خيرِ النساء، فقال: ((التي تسرُّه إذا نظر))؛ رواه الإمام أحمد.
إنك لترى الزوجة المسلمة حين تسمع هذا الحديث تُبادِر إلى رضا ربها، وإسعاد زوجها، بالترقِّي إلى هذا المستوى السامي الوَضِيء من الخيريَّة، من خلال تَعهُّد نفسِها وبيتِها وأولادِها بالتنظيف والتهذيب، وتُقبِل على العنايَة بمَواقِع نظر زوجها من نفسها وبيتها إقبالَ الرَّبِيع، الذي يُقبِل على الحياة فينضرها بالسعادة والسُّرور والمَرَح، فتسرُّ زوجَها، وتُرضِي نفسه، وتُسعِد قلبه بما يراه من هيئة نظيفة، وثِياب أَنِيقة، ورائحة عَطِرَة، وشعر مُصَفَّف مُزيَّن، وأسنان ناصِعَة لؤلؤيَّة، خلف شفاهٍ تبضُّ نضارة وحيوية.
فالزوجة المسلمة هي الأنضر والأنظف والأجمل من بين زوجات العالم؛ لأن الإسلام يُرِيدها كذلك لزوجها، ولأنها لا تَقْبَل بأن تكون أقلَّ من ذلك ما وَسِعَتْها الوسائل المشروعة وباعتدال، وهي أبعد النساء في هيئتها الخاصَّة أو بيتها عن أن تكون مُهْمِلة، أو فَوْضَويَّة، أو مُنفِّرة.
نُبْلُ الجوهر يتألَّق بجمال المظهر:
إنَّ الزوجة المسلمة الذكِيَّة نظيفة أنيقة، لا تُهمِل نفسها أو بيتها أبدًا، ولا تنساهما في غمْرة التكاليف التي تحملها علي عاتِقِها تجاه مختلف الشؤون؛ منزليةً كانت أو غير منزلية؛ إيمانًا منها بأن مظهرها الحسن لزوجها من أوجب أولويَّاتها، ومن أسباب خَيْرِيَّتِها – كما في الحديث – وأن اهتِمامها وعنايتها ببيتها من ألزم مسؤوليَّاتها، واعيةً أن الشكل المرتَّب الحسن أَلْيَقُ بجوهرها النَّبِيل، ومُحتَواها الجمِيل، وأن عنايَتَها بمظهرها الحسن يُنبِئ عن فهمها لشخصيَّتها، ويدلُّ على ذوقها ودقَّة نظرتها لمهمَّتها في الحياة، ولا تُسَوِّغ لنفسها أبدًا أن يكون ثِقَلُ المسؤوليات وكثرة الأعباء المُلقَاة عليها مُبَرِّرًا لإهمالها في نفسها، أو مملكتها الخاصة، أو زوجها.
ولعلَّ من المُفِيد هنا أن نذكر بعض توجيهات الشريعة الغرَّاء، والبُيُوت السعيدة، التي تُساعِدُكِ على التألُّق الدائم والمتجدِّد، وتحفظ النظافة والجمال لك ولبيتك بشكل دائم، ونعرضها في العناصر التالية:
1- نظافة البدن والثياب:
فالزوجة المسلمة أنظف الناس، فهي تستحمُّ كثيرًا، وفي فترات مُتقارِبة، مُستَجِيبة في ذلك لهدي النبي – صلَّى الله عليْه وسلَّم – الذي حَثَّ على الاغتِسال الكامل والتطيُّب، وخاصَّة يوم الجمعة؛ فقال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اغتَسِلوا يوم الجمعة، واغسِلُوا رؤوسكم وإن لم تكونوا جُنُبًا، وأَصِيبوا من الطِّيب))؛ رواه البخاري.
وهي نظيفة في ثيابها وجوربها، فلا تَرْضَى ولا تَقْبَل أن يَفُوح من أردانها أو قدميها روائح مُنَفِّرة، بل تتعهَّدهما باستمرار بالتنظيف والطِّيب، وتَستَقبِل زوجها بأنظف الثِّياب وأجملها وأطيَبِها؛ إذ لا يحسن بها أن تَلْقَى زوجها بثِياب مهنتها التي مسَّها العَرَقُ والتُّراب، وعَلَتْها روائح الطعام.
وهي تهتمُّ بنظافة أسنانها؛ لئلاَّ يشمَّ منها الزوج رائحة مؤذِيَة، فتُوالِي تنظيفها مرَّتين يوميًّا – على الأقلِّ – بالسِّواك، أو ما شاءَتْ من المطهِّرات والمنظِّفات، وتحرِص على سلامتها من التسوُّس، وتُبادِر إلى علاجها إن احتاج الأمر، بحيث تبقى لامِعَة مُنَضَّدَة، فتبرُق حين تُكَلِّمه أو تَبتَسِم له عن مثْل اللآلئ البيضاء، ويَبْقَى فمها نقيًّا مُعطَّر الأنفاس، وقد روت السيِّدة عائشة أن رسول الله – صلَّى الله عليْه وسلَّم -: "كان لا يرقد ليلاً أو نهارًا فيستيقظ إلا تسوَّك قبل أن يتوضَّأ"؛ رواه أحمد وأبو داود، ومثل ذلك الاهتِمام يُقال في سائر أعضاء الجسم، وفي مقدِّمتها مُحيَّاها الجميل.
2- تعهُّد البيت بالتَّنظيف والتَّرتيب والتَّجميل:
قال رسول الله – صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((إن الله طيِّبٌ يحبُّ الطَّيِّب، نظيف يحب النَّظافَة، جوَادٌ يحب الجُود، فنَظِّفوا أفنِيتَكم ولا تَشبَّهوا باليهود))؛ رواه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب، فالزوجة المسلمة تُعنَى بنَظافة بيتها، وتهتمُّ بترتِيبه وتنسِيقه؛ ليبدو حسن الهيْئة، أنِيق المظْهر، من غير مُغالاَة ولا سَرَف، بحيث تَرْتَاح لِمَرآه العيون، وتَأنَس به النفوس، فلا تقع عين الزوج فيه على أشياء مُبعثَرة، ولا حوائط مُتَّسخة أو مُغبرّة، ولا يشمُّ فيه روائح مُؤذِيَة أو مُنَفِّرة، ويمكن تحقيق ذلك بالحِفاظ على المهمَّات التالية:
أ- الحرص على مداومة التَّنظيف والتَّطهير للمنزِل وأثاثه، وبخاصة الحمام والمطبخ.
ب- تَهوِيَة المنزل يَوْميًّا، وتَنقِيته من روائح الطعام.
ج- القضاء على أيِّ حشرات.
د- الاهتِمام بوَضْعِ الأشياء في مكانها الصحيح؛ فهذا يسهل إيجادها عند الحاجة، ويُعطِي انطباعًا حسنًا في نفْس الزوج.
هـ- مُضاعَفة الاهتِمام والعنايَة بحجرة النوم؛ بحيث تبدو للزوج في أحسن صورة دائمًا.
و- ترتيب مُتَعلقاته باستمرار؛ سواء أكانت متعلقة بعمله أو غير ذلك، وتَجَنَّبي الضِّيق منها.
3- لحجرة النوم منزلة خاصَّة:
والزوجة المسلمة التي جعلَتْ من إسعاد زوجها هدفًا لن تألُو جهدًا أن تجعل حجرة النوم جنَّة يهنأ فيها الزوج بزيادة عنايتها بها، لا بتنظيفها وترتيبها فقط، وإنما أيضًا بما تُضفِيه عليها من لمسات أنثوِيَّة جميلة من تزيين وتجميل وتعطير، إضافةً لما تَعوَّده من فنون المُعامَلة والسلوك الأنثوي المُحبَّب إليه مِنْكِ، ما يجعله يعشقها، ويَتلهَّف إلى حضوره إليها، ولقائك بها، فيبيت كأسعد الرجال، وتبيتين كخير النساء، فيتولَّد إخلاص ووفاء بينكما تنعمان بأُنْسِهما.
وأخيرًا:
كوني في نفسك وبيتك على استِعداد دائم للقائه وإسعاده وإشباعه متى أرادَكِ، وحتى إذا كان مَظهرك غير حسن لانشِغالك بواجبات البيت، فاعتَذِري له بحياء، وسارِعِي إلى حمامك أو غرفتك، وتهيَّئي وتعطَّري، وعُودِي إليه مُبدِيَة من مظاهر جمالك وبهائك ما يسرُّ عينه، ويُثلِج صدره، ويُسعِد فؤاده.
ولتَزِيدي من اهتمامك بالتزيُّن له في أوْقات وجوده بالمنزل، وليس عند الخروج للنزهة أو الزيارة أو حضور ضيوف فقط، بل وأن يَعتَاد الأبناء على رؤية مملكتك الصغيرة نظيفة مُرَتَّبة، ويرونك أنت نفسَك في أفضل هيئة وأطيبها، وأبهى زينة في حضور الأب، أو عند مَجِيئه من الخارج، طالَمَا حرصت على ستْر مواطن الإغراء منكِ عنهم؛ مُراعَاة للصيانة وظروف أبنائك المُراهِقين.
المصادر:
1- شخصية المرأة المسلمة كما يَصُوغها الإسلام في الكتاب والسنة، د: محمد علي الهاشمي، المملكة العربية السعودية، ط1، 1445هـ.
2- المرأة في التصوُّر الإسلامي، د. عبدالمتعال محمد الجبري، مكتبة وهبة، القاهرة، ط 10، 1414هـ- 1994م.
3- خلق المسلم، محمد الغزالي، الإسكندرية – دار الدعوة، ط 3، 1411هـ- 1990م.
معلومات كافيه ووافيه
تسلمين ع الموضوع المفييد