استخدام عسل النحل موضوعياً
في علاج بعض أمراض العين السطحية
الأستاذ الدكتور/ محمد عمارة.
جمهورية مصر العربية
استوحى الباحث فكرة استخدام عسل النحل في علاج بعض أمراض العيون من القرآن الكريم " سورة النحل ":
بسم الله الرحمن الرحيم
] وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون* ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللاً يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون [ (16- 68 ـ 69 ) .
وفي آية أخرى من سورة النحل :
] ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين [ (16/ 89).
وعن رسول الله صلي الله عليه وسلم فإننا نجد في صحيح البخاري هذا الحديث الصحيح:
"حدثنا عباس بن الوليد عن عبد الأعلى حدثنا سعيد عن قتادة عن أبي المتوكل عن أبي سعيد أن رجلاً أتى النبي صلي الله عليه وسلم فقال: " أخي يشتكي بطنه، فقال: اسقه عسلاً، وأتى الثانية فقال: اسقه عسلاً ، ثم أتاه الثالثة فقال اسقه عسلاً، ثم أتاه فقال: فعلت، فقال: صدق الله وكذب بطن أخيك، اسقه عسلاً فسقاه فبرأ" .
ويحمل هذا الحديث الصحيح عدة معان أهمها:
ا- أن العسل شفاء من معظم الأمراض دون تحديد لمرض معين حيث إن رسول الله صلي الله عليه وسلم لم ير ذلك المريض وإنما جاءه أخو المريض يشكو له، وعلى الرغم من ذلك فقد وصف له العسل، فلو كان العسل شفاء لبعض الأمراض دون بعضها الآخر لتأكد الرسول الكريم من نوع المرض قبل أن يصف له العسل .
2- إن العسل لكي يحدث تأثيره الشافي يحتاج إلى مرور بعض الوقت، وقد يختلف مقدار هذا الوقت من مرض إلى آخر ويتضح هذا المعنى من تردد أخ المريض على النبي r مشتكيا من أن أخاه لا يزال يعاني من مرضه وتأكيد الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم بالاستمرار في سقي أخيه العسل قائلاً: كذب بطن أخيك- وصدقا الله العظيم- فيه شفاء للناس.
وقد استخدام الباحث عسل النحل لأول مرة إكلينكياً في علاج مريض مصاب بعتامات بالقرنية ناتجة عن مرض
الهربسي.
الوصف الإكلينيكي بالتفصيل لعلاج أول حالة بعسل النحل بمعرفة الباحث :
المريض شاب اسمه (أحمد. ع.) وسنه ثلاثون عاماً حضر إلينا للكشف يشكو من قرحة شجرية متكررة بالقرنية مع التهاب شديد في داخل القرنية، وقد أفصح المريض قرحة القرنية وقد تردد عليه أربع مرات خلال عام واحد وفي المرة الأخيرة كانت أكثر حدة عن ذي قبل، وعولجت بمعرفة طبيب ناشيء (حديث التخصص) بطريقة خاطئة باستخدام قطرة كورتيزون للعين أملاً في تبطئه تفاعل الأجسام المؤثرة والأجسام المضادة داخل صلب القرنية وبالتالي تخفيف حدة العتامة الناشئة في القرنية، وبالكشف على المريض بمعرفتي وجد عنده قرحة كبيرة بالقلاينة أميدية الشكل في عين تبدو هادئة وبيضاء (شكل (1)- حينئذ نصحت المريض بوقف استخدام قطرة الكورتيزون فوراً وطلبت منه استخدام العلاج الخاص بالتهاب القرنية الفيروسي وهو"أي. دي. يو"( I.D.U) كل ساعة أثناء النهار ومرهم (فيدارابين) مساء بالإضافة إلى استخدام قطرة الأتروبين أربع مرات يومياً مع وضع ضمادة قطن ورباط للعين (عمارة: 1978) وبعد خمسة عشر يوماً التأم سطح القرنية وعلى ذلك لم تأخذ القرنية اللون الأخضر بصبغة الفلورسين (شكل 2) وعلى الرغم من هذا العلاج الحاسم إلا أن نظر المريض لم يتحسن لدرجة ملموسة بسبب تفاعل الالتهاب داخل القرنية وأصبح المريض في حالة حرجة للغاية حيث إن استخدام قطرة الكورتيزون على الرغم من أنه يفيد في تبطئه تفاعل الأجسام المؤثرة مع الأجسام المضادة داخل القرنية لكنه سوف يؤدي حتماً إلى زيادة تكاثر الفيروس داخل القرنية وتكون محصلة علاج الحالة تفاقم المرض في عين المريض وتدهور النظر لدرجة بالغة كما أن التأخر في علاج " القرنية سوف يؤدي إلى عتامة كبيرة دائمة تحجب الرؤية مع فقد دائم لحدة الإبصار .
ولقد اضطرتني هذه الحالة الحرجة إلى التفكير في استخدام عسل النحل موضعياً مرتين يومياً بنفس طريقة استخدام الرهرهم بهدف تجربة مدى فعالية استخدام عسل النحل في شفاء مثل هذه الحالات الحرجة. وبفحص المريض أسبوعياً تبين مدى التحسن الملموس والأكيد في تهدئة التهاب القرنية الذي شفي تماماً في خلال ستة أسابيع (شكل 3).
ولقد أدت النتيجة المبهرة إلى تشجيع الباحث لعمل دراسة تطبيقية اكلينيكية لبيان فعالية عسل النحل موضعياً في شفاء بعض أمراض العيون السطحية.
مادة وطرق البحث:
طريقة اختبار المرضى للبحث:
أجرى البحث على بعض المرضى المترددين على المستشفى الجامعي وعيادتي الخاصة والذين يشكون من الأرماد والتهابات القرنية وبعض الأعراض الأخرى السطحية بالعين ولقد تم فحص جميع هؤلاء المرضى وبطريقة تسلسلية وسجلت جميع الأعراض والمشاهدات الإكلينيكية التي تؤكد التشخيص كذلك تم أخذ عينات عن طريق مسحة من الملتحمة وأرسلت هذه العينات للمعمل لإجراء مزرعة وحساسية للميكروبات وفي بعض الحالات رؤي أخذ مسحة من خلايا باطن الجفن لتعزيز التشخيص الإكلينيكي.
وبعد الوصول إلى التشخيص النهائي للحالة على المشاهدات الإكلينيكية والفحوصات المعملية تم إعطاء العلاج الدارج بالأدوية والعقاقير لكل حالة. وأما المرضى الذين لم تستجب حالتهم المرضية للعلاج مثل التهاب القرنية المترتب على فيروس الهربسي أدخلوا ضمن هذا البحث الإكلينيكي لإعطائهم عسل النحل النقي لعلاجهم وتم إدراج هذه الحالات المرضية في البحث التطبيقي الإكلينيكي:
ا- التهاب القرنية العام (شكل 4).
2- الأرماد المزمنة والنتائج السلبية لمزرعة المكروبات لمسحة الملتحمة.
3- الرمد البشري (شكل 5).
4- جفاف الملتحمة.
5- التهاب القرنية الفروسي (الهربس).
6- التهاب حافة الجفن المزمن.
2 طريقة العلاج:
استخدام عسل النحل البلدي النقي عن طريق وضعه في جشب الملتحمة الأسفل مستخدماً "مروض زجاجئ "-
مثل وضع المرهم تماماً بين مرتين وثلاث مرات يومياً حسب حالة العين ونصح المريض بالتردد يومياً ثم أسبوعياً طبقاً للحالة المرضية لتسجيل كل الأعراض والشواهد الإكلينيكية لتطور الحالة بالإضافة إلى رسم توضيحي أو أخذ صورة فوتوغرافية ملونة كلما أمكن ذلك. وفي كل مرة كانت تجرى مقارنة للأعراض والشواهد الإكلينيكية في الزيادة السابقة وبناء عليه تقرر عما إذا كان هناك: تحسن- وقف لـنشاط المرض- أو تفاقم الحالة.
نتائج البحث:
أظهرت النتائج أن وضع عسل النحل البلدي النقي في جيب الملتحمة الأسفل أدى إلى حدوث حرقان وقتي بالعين وانهمار في الدموع واحمرار بملتحمة العين سرعان ما يتلاشى ولكن هذه الأعراض الجانبية لم تؤد إلى وقف استخدام العلاج في أي من حالات البحث.
ولقد أظهر البحث التحسن الملموس في معظم الحالات المرضية بدرجات متفاوتة ولكن عدداً قليلاً جداً من المرضى لم يتحسن ولكنه لم يسؤ أيضاً ولقد وجد أن الحالات التي لم تتحسن استعمل فيها المرضى عسل النحل الإفرنجي الذي يتربى في خلايا صناعية ويتغذى على الماء والسكر وليس كما يتغذى النحل البلدي على رحيق الأزهار ويبين هذا الجدول نتائج البحث .
الحالة المرضية العدد الإجمالي للمرضى عدد المرضى الذين
تحسنوا عدد المرضى الذين لم يتحسنوا
التهاب القرنية 30 (0 10%) 26 (7. 86%) 4 ( 3 ر13 % )
التهاب القرنية الفيروسي 18 15 (3. 83%) 3 ( 4ر16 % )
الأرماد المزمنة 14 12 ( 7ر85 % ) 2 ( 3ر14 % )
الرمد النبشري 16 14 ( 5ر87 % ) 2 ( 5ر12 % )
جفاف الملتحمة 9 8 ( 9 ر88 % ) 1 ( 1ر11 % )
التهاب، حافة الجفن المزمن 15 12 ( 80 % 3 ( 20 % )
مناقشات وتحليل نتائج البحث:
عسل النحل هو سائل سكري لزج القوام أصفر اللون يجمعه النحل البلدي من سحيق الأزهار والثمار ثم يجرى عليه عمليات حيوية خاصة في بطون النحل يعلمها الله ثم يخرج على هيئة شراب مختلف ألوانه طبقاً لنوعية الثمرات التي ارتشف، النحل رحيقها ومعروف أن منه الأبيض اللون ومنه الأصفر ومنه الأحمر، يتركب، معظم هذا الشراب من السكر بنسبة سبعين في المائة تقريباً ويختلف نوع السكر بنوعية الثمرات التي تغذى عليها النحل، وعلى ذلك يحتوي العسل على مجموعة متميزة من سكر العنب (الجلوكوز ) ومجموعة مختلفة من سكر الفواكه والنخيل (الفركتوز) ويرجع الاختلاف بين هـذه الأنواع كلها إلى اختلاف في ترتيب أيوئات جزئيات الماء من هيدروكسيل على الهيكل الكربوني لجزئي كل منهما .
ولا شك أن مفعول عسل النحل في شفاء أمراض العين السطحية يحار فيه المرء ويدعو إلى كثير من التأمل والتنبه إلى قدرة الله عز وجل حيث إن الله سبحانه وتعالى لم يخلقه عبثاً ولكنه أودع سبحانه وتعالى القدرة العظيمة في العسل ليكون شفاء للناس ويروي كتاب " زاد المعاد في هدي خير العباد " " في الجزء الثالث عليكم بالشفاءين العسل والقرآن، فالعسل شفاء للبدن كما أن القرآن الكريم شفاء للنفوس.
ومن دراستي الإكلينيكية للحالات الواردة في البحث يمكن استنباط أن الاحمرار الناتج في الملتحمة في وضع عسل النحل ينشط الدورة الدموية في مكان الالتهاب ويحمل الدم مضادات حيوية طبيعية تزيد من مقاومة الجسم للتغيرات الباثولوجية. كذلك فإن عسل النحل يحتوي على انزيمات خاصة تزيد من مقاومة الجسم جاري الآن دراسة محاولة فصلها بالاشتراك مع قسم الكيمياء الحيوية بكلية طب المنصورة.
ومما لاشك فيه فإن عسل النحل وهو الشراب الطبيعي الذي نص القرآن الكريم. على أن فيه شفاء للناس خال من أي مضاعفات. جانبية مثل التي تحدث بعد استخدام الأدوية التي هي من صنع الإنسان. ولا يعني مطلقاً أن استخدام
النحل يترتب عليه إهمال الإجراءات الإسعافية والجراحية للأزمة والتي تعلمناها أثناء دراستنا للطب والجراحة وسبحان الذي علم الإنسان ما لم يعلم .
وحيث إن هذه التجربة التطبيقية التي بنيت على دراسة المشاهدات الإكلينيكية قد أثبتت بما لايدع أي مجال للشك فعالية عسل النحل البلدي في شفاء بعض أمراض العيون السطحية.
ولقد.قمنا في الآونة الأخيرة بالاشتراك مع قسم الكيمياء الحيوية بوضع خطة بحثية طويلة المدى لمحاولة معرفة مكونات المادة الفعالة في كسل النحل ومحاولة فصلها كيمائياً بإذن الله، والله الموفق…
المراجع
ا- القرآن الكريم – سورة النحل .
2- كتاب الطب النبوي .
3- م. عمارة (1978) بحث عن طريقة جديدة لعلاج هريس القرنية منشور في صحائف المؤتمر الرمد الدولي الثالث والعشرين الذي عقد في كيوتو باليابان صفحة (175 ـ 1753 ) .