قَوَادِحٌ عَقَدِيَةٌ فِي بُرْدَةِ الُبوصِيرِي
د . عبد العزيز محمد آل عبد اللطيف
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن ميميه البوصيري – المعروفة بالبردة – مـن أشـهــــر الـمــدائـح النبوية وأكثرها ذيوعاً وانتشاراً، ولذا تنافس أكثر من مائه شاعر في معارضتها، فضلاً عن الـمـشـطِّرين والمخمِّسين والمسبِّعين، كما أقبل آخرون على شرحها وتدريسها، وقد تجاوزت شروحـهـــــا الـمكتوبة خمـسـيـن شــرحـــــاً، فيها ما هو محلى بماء الذهب! وصار الناس يتدارسونها في البيوت والمساجد كالقرآن.
يـقــول الـدكـتـور زكـي مـبــارك : وأما أثرها في الدرس، فيتمثل في تلك العناية التي كان يوجهها العلماء الأزهريون إلى عـقـــــد الدروس في يومي الخميس والجمعة لدراسة حاشية الباجوري على البردة، وهي دروس كـانـت تـتـلـقـاهــــا جماهير من الطلاب، وانما كانوا يتخيرون يومي الخميس والجمعة، لأن مـثــل هذا الـــدرس لم يـكـــن من المقررات فكانوا يتخيرون له أوقات الفراغ(1).
وقد أطلق البوصيري على هذه القصيدة البردة من باب المحاكاة والمشاكلة للقصيدة الشهيرة لـكـعـــــب بن زهير – رضي الله عنه – في مدح رسول الله – صلى الله عليه وسلم- ؛ فقد اشتهر أن النـبي -صلى الله عليه وسلم- أعطى كعباً بردته حين أنشد القصيدة – إن صح ذلك – (2) فـقــــد ادعى البوصيري – في منامه – أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ألقى عليه بردة حين أنشده القصيدة !!
وقد سمى البوصيري هذه القصيدة أيضاً بـ الكواكب الدرية في مدح خير البرية(3). كما أن لهذه البردة اسماً آخـــــر هو الـبرأة ؛ لأن البوصيري كما يزعمون برئ بها من علته، وقد سميت كذلك بقصيدة الشـدائــد ؛ وذلك لأنها – في زعمهم – تقرأ لتفريج الشدائد وتيسير كل أمر عسير.
وقـد زعم بعض شراحها أن لكل بيت من أبياتها فائدة ؛ فبعضها أمان من الفقر، وبعضها أمان من الطاعون(4).
يقــــول محمد سيد كيلاني – أثناء حديثه عن المخالفات الشرعية في شأن البردة -: ولم يكـتـف بعض المسلمين بما اخترعوا من قصص حول البردة، بل وضعوا لقراءتها شروطاً لم يوضــع مثلها لقراءة القرآن، منها : التوضؤ، واستقبال القبلة، والدقة في تصحيح ألفاظها وإعرابـهــــــا، وأن يكون القارئ عالماً بمعانيها، إلى غير ذلك. ولا شك في أن هذا كله من اختراع الصوفـيــة الذين أرادوا احتكار قراءتها للناس، وقد ظهرت منهم فئة عرفت بقراء البردة، كانت تُستدعى في الجنائز والأفراح، نظير أجر معين(5).
وأما عن مناسبة تألـيـفـها فكما قال ناظمها : كنت قد نظمت قصائد في مدح رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثـــم اتفق بعد ذلك أن أصابني خِلْط فالج أبطل نصفي، ففكرت في عمل قصيدتي هذه البردة، فـعـمـلـتـهـــا، واستشفعت بها إلى الله في أن يعافيني، وكررت إنشادها، وبكيت ودعوت، وتوسلت ونمت، فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، فمسح على وجهي بيده المباركة، وألقى عليّ بــردة، فـانـتـبـهــت ووجــدت فيّ نهضة ؛ فقمت وخرجت من بيتي، ولم أكن أعلمت بذلك أحداً، فلقيني بعض الفقراء، فقال لي : أريد أن تعطيني القصيدة التي مدحت بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلت : أيّها؟ فقال : التي أنشأتها في مرضك، وذكر أولّها، وقال : والله لقد سمعتها البارحة وهي تنشد بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فرأيت رسول الله -صلى الله عـلـيــــه وسلم-، يتمايل وأعجبته، وألقى على من أنشدها بردة، فأعطيته إياها، وذكــر الفقير ذلك، وشاع المنام(6).
ففي هذه الحادثة تلبّس البوصيري بجملة من المزالق والمآخذ، فهو يستشفع ويتقرب إلى الله – تعالى – بشرك وابتداع وغلو واعتداء – كما سيأتي موضحاً إن شاء الله -.
ثم ادعى أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- دون أن يبيّن نعته ؛ فإن من رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- حسب صفاته المعلومة فقد رآه، فإن الشيطان لا يتمثل بــــه – كما ثبت في الحديث -.
ثـم ادعــى أن النبي في -صلى الله عليه وسلم- مسح على وجهه وألقى عليه بردة، فعوفي من هذا الفالج، فتحققت العافية بعد المنام دون نيل البردة! ثم التقى البوصيري – في عالم اليقظة – بأحد المتصوفة وأخبره بسماع القصيدة بين يدي الرسول صلى الله عليه وسـلــم، وأن الرســــــول -صـلـى الله عليه وسلم- تمايل إعجاباً بالقصيدة، وهذا يذكّرنا بحديث مكذوب بأن النبي -صلــى الله عليه وسلم- تواجد عند سماع أبيات حتى سقطت البردة عن منكبيه وقال: ليس بكريم من لم يتواجد عند ذكر المحبوب.
قال شيخ الإسلام : إن هذا الحديث كذب بإجماع العارفين بسيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسنته وأحواله(7).
وأما عن استجابة دعاء البوصيري مع ما في قصيدته من الطوامَّ، فربما كان لاضطراره وعظم فاقته وشدة إلحاحه السبب في استجابة دعائه.
يقول شيخ الإسلام : ثم سـبـب قـضــــاء حاجة بعض هؤلاء الداعين الأدعية المحرمة أن الرجل منهم قد يكون مضطراً ضرورة لو دعا الله بها مشرك عند وثن لاستجيب له، لصدق توجهه إلى الله، وان كان تحري الدعاء عند الوثن شركاً، ولو استجيب له على يد المتوسل به، صاحب القبر أو غيره لاستغاثته، فـإنــــه يعاقب على ذلك ويهوي به في النار إذا لم يعفُ الله عنه، فكم من عبد دعا دعاء غير مبــاح، فقضيت حاجته في ذلك الدعاء، وكان سبب هلاكه في الدنيا والآخرة(8).
وأما عن التعريف بصاحب البردة فهو : محـمــــد بن سعيد البوصيري نسبة إلى بلدته أبو صير بين الفيوم وبني سويف بمصر، ولد سنة 608هـ، واشتغل بالتصوُّف، وعمل كاتباً مع قلة معرفته بصناعة الكتابة، ويظهر من ترجمته وأشعاره أن الناظم لم يكن عالماً فقيهاً، كما لم يكن عابداً صالحاً ؛ حيث كان ممقوتاً عند أهـــــــل زمانه لإطلاق لسانه في الناس بكل قبيح، كما أنه كثير السؤال للناس، ولذا كان يقـف مــــــع ذوي السلطان مؤيداً لهم سواء كانوا على الحق أم على الباطل.
ونافح البوصيري عن الطريقة الشاذلية التي التزم بها، فأنشد أشعاراً في الالتزام بآدابها، كما كانت له أشعار بذيئة يشكو من حال زوجه التي يعجز عن إشباع شهوتها!
توفي البوصيري سنة 695هـ وله ديوان شعر مطبوع(9).
وسنورد جملة من المآخذ على تلك البردة التي قد تعلّق بها كثير من الناس مع ما فيها من الشرك والابتداع. والله حسبنا ونعم الوكيل.
1- يقول البوصيري :
وكيف تدعو إلى الدنيا ضـرورة مـن *** لـولاه لم تُخرج الدنيا من العدم
ولا يخفى ما في عَجُز هذا البيت من الغلو الشنيع في حق نـبـيـنــا محمد -صلى الله عليه وسلم-، حيث زعم البوصيري أن هذه الدنيا لم توجد إلا لأجله -صلى الله عليه وسلم-، وقد قال – سبحانه: ((ومَا خَلَقْتُ الجِنَّ والإنسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ)) [الذاريات:56]،
وربما عوّل أولئك الصوفية على الخبر الموضوع : لولاك لما خلقت الأفلاك(10).
2- قال البوصيري :
فاق النبيين في خَلق وفي خُلُق *** ولـم يـدانــوه في عــلـــم ولا كرم
وكلهم من رسول الله ملتمس *** غرفاً من البحر أو رشفاً من الديم
أي أن جميع الأنبياء السابقين قد نالوا والتمسوا من خاتم الأنبيـاء والرسل محمد -صلى الله عليه وسلم-، فالسابق استفاد من اللاحق! فتأمل ذلك وقارن بينه وبين مقالات زنادقة الصوفية كالحلاج القائل : إن للنبي نوراً أزلياً قديماً كان قبل أنــــــه يوجد العالم، ومنه استمد كل علم وعرفان ؛ حيث أمدّ الأنبياء السابقين عليه.. وكذا مقالـة ابن عربي الطائي أن كل نبي من لدن آدم إلى آخر نبي يأخذ من مشكاة خاتم النبيين(11).
3- ثم قال :
دع ما ادعته النصارى في نـبـيـهم *** واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم
يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب – رحمهم الله – منتقداً هذا البيت : ومن المعلوم أن أنواع الغلو كثيرة، والشرك بحر لا ساحل له، ولا ينحصر في قول النصارى ؛ لأن الأمم أشركوا قبلهم بعبادة الأوثان وأهل الجاهلية كذلك، وليس فيهم من قال في إلهه ما قالت النصارى في الـمـسـيـــح – غالباً – : إنه الله، أو ابن الله، أو ثالث ثلاثة، بل كلهم معترفون أن آلهتهم ملك لله، لكن عبدوها معه لاعتقادهم أنها تشفع لهم أو تنفعهم فيحتج الجهلة المفتونون بهذه الأبيات على أن قوله في منظومته : دع ما ادعته النصارى في نبيهم مَخْلَصٌ من الغلو بهذا البيت، وهو قد فتح ببيته هذا باب الغلو والشرك لاعتقاده بجهله أن الغلو مقصور على هذه الأقوال الثلاثة(12).
لقد وقع البوصيري وأمثاله من الغلاة في لبس ومغالطة لمعنى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- : لا تُطروني كما أطرت النصارى ابن مـريـم إنـمــــــــا أنا عبد فقولوا : عبد الله ورسوله(13)، فزعموا أن الإطراء المنهي عنه في هذا الحديث هـــــو الإطراء المماثل لإطراء النصارى ابن مريم وما عدا ذلك فهو سائغ مقبول، مع أن آخر الحديث يردّ قولهم ؛ فإن قوله – عليه الصلاة والسلام – : إنما أنا عبد فقولوا : عبد الله ورسوله تقرير للوسطية تجاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهو عبد لا يُعبد، ورسول لا يُكذب، والمبالغة في مدحه تؤول إلى ما وقع فيه النصارى من الغلو في عيسى – عليه السلام -، وبهذا يُعلم أن حرف الكاف في قوله -صلى الله عليه وسلم- : كما أطرت هي كاف التعليل، أي كما بالغت النصارى(14).
ويقول ابن الجوزي – في شرحه لهذا الحديث – : لا يلزم من النهي عن الشيء وقوعه ؛ لأنَّا لا نعلم أحداً ادعى في نبينا ما ادعته النصارى في عيسى – عليه السلام – وإنما سبب النهي فيما لم يظهر ما وقع في حديث معاذ بن جبل لما استأذن في السجود له فامتنع ونهاه ؛ فكأنه خشي أن يبالغ غيره بما هو فوق ذلك فبادر إلى النهي تأكيداً للأمر(15).
4 – وقال أيضاً :
لو ناسبت قــدره آيــاتــه عِظماً *** أحيا اسمه حين يُدعى دارس الرمم
يقول بعض شرّاح هذه القصيدة : لو ناسبت آياته ومعجزاته عظم قدره عند الله – تعالى – وكل قربه وزلفاه عنده لكان من جملة تلك الآيات أن يحيي الله العظام الرفات ببركة اسمه وحرمة ذكره(16).
يقول الشيخ محمود شكري الآلوسي منكراً هذا البيت : ولا يخفى ما في هذا الكلام من الغلو ؛ فإن من جملة آياته -صلى الله عليه وسلم- القرآن العظيم الشأن ؛ وكيف يحل لمسلم أن يقول : إن القرآن لا يناسب قدر النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل هو منحط عن قدره ثم إن اسم الله الأعظم وسائر أسمائه الحسنى إذا ذكرها الذاكر لها تحيي دارس الرمم؟(17).
5- وقال أيضا :
لا طيب يعدل ترباً ضم أعظمه *** طوبى لمنتشق منه وملتثم
فقد جعل البوصيري التراب الذي دفنت فيه عظام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أطيب وأفضل مكان، وأن الجنة والدرجات العلا لمن استنشق هذا التراب أو قبَّله، وفي ذلك من الغلو والإفراط الذي يؤول إلى الشرك البواح، فضلاً عن الابتداع والإحداث في دين الله – تعالى -.
قال شيخ الإسلام – رحمه الله – : واتفق الأئمة على أنه لا يمس قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يقبله، وهذا كله محافظة على التوحيد(18).
6- ثم قال :
أقسمتُ بالقمر المنشق إنّ له *** من قلبه نسبةً مبرورة القسم
ومن المعلوم أن الحلف بغير الله – تعالى – من الشرك الأصغر ؛ فعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك(19).
وقال ابن عبد البر – رحمه الله – :لا يجوز الحلف بغير الله – عز وجل – في شيء من الأشياء ولا على حال من الأحوال، وهذا أمر مجتمع عليه… إلى أن قال : أجمع العلماء على أن اليمين بغير الله مكروهة منهي عنها، لا يجوز الحلف بها لأحد(20).
7- قال البوصيري :
ولا التمست غنى الدارين من يــده *** إلا استلمت الندى من خير مستلم
فجعل البوصيري غنى الدارين مُلتَمساً من يد النبي -صلى الله عليه وسلم-، مع أن الله – عز وجل – قال : ((ومَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ)) [النحل:53]، وقال – سبحانه – : ((فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ واعْبُدُوهُ)) [العنكبوت:17]، وقال – تعالى – : ((قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ) [يونس:31]، ((قُلِ ادْعُوا الَذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ الله لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ)) [سبأ:22] .
وأمر الله نبيه محمداً -صلى الله عليه وسلم- أن يبرأ من دعوى هذه الثلاثة المذكورة في قوله – تعالى – : ((قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ ولا أَعْلَمُ الغَيْبَ ولا أَقُولُ لَكُمْ إنِّي مَلَكٌ إنْ أَتَّبِعُ إلاَّ مَا يُوحَى إلَيَّ)) [الأنعام:50].
8- قال البوصيري :
فإن لي ذمة منه بتسمـيـتي *** محمداً وهو أوفى الخلق بالذمم
وهذا تخرُّص وكذب ؛ فهل صارت له ذمة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمجرد أن اسمه موافق لاسمه؟! فما أكثر الزنادقة والمنافقين في هذه الأمة قديماً وحديثاً الذين يتسمون بمحمد!
و يقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب – رحمهم الله – تعقيباً على هذا البيت : قوله : فإن لي ذمة… إلى آخره كذب على الله وعلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- فليس بينه وبين اسمه محمد ذمة إلا بالطاعة، لا بمجرد الاشتراك في الاسم مع الشرك(21).
فالاتفاق في الاسم لا ينفع إلا بالموافقة في الدين واتباع السنة(22).
9- وقال البوصيري :
إن لم يـكـن في معادي آخذاً بيدي *** فضلاً وإلا فقل يا زلة الـقــدم
والشاعر في هذا البيت ينزل الرسول منزلة رب العالمين ؛ إذ مضمونه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو المسؤول لكشف أعظم الشدائد في اليوم الآخر، فانظر إلى قول الشاعر، وانظر في قوله – تعالى – لنبيه -صلى الله عليه وسلم- : ((قُلْ إنِّي أَخَافُ إنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)) [الزمر:13].
ويزعم بعض المتعصبين للقصيدة أن مراد البوصيري طلب الشفاعة ؛ فلو صح ذلك فالمحذور بحاله، لما تقرر أن طلب الشفاعة من الأموات شرك بدليل قوله – تعالى – : ((ويَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ ولا يَنفَعُهُمْ ويَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ ولا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)) [يونس:18]، فسمى الله – تعالى – اتخاذ الشفعاء شركاً(23).
10- وقال :
يا أكرم الرسل ما لي من ألوذ به *** سواك عند حلول الحادث العمم
يقول الشيخ سليمان بن محمد بن عبد الوهاب – رحمهم الله – تعقيباً على هذا البيت -: فتأمل ما في هذا البيت من الشرك :
منها : أنه نفى أن يكون له ملاذ إذا حلت به الحوادث إلا النبي -صلى الله عليه وسلم-، وليس ذلك إلا لله وحده لا شريك له، فهو الذي ليس للعباد ملاذ إلا هو.
ومنها : أنه دعاه وناداه بالتضرع وإظهار الفاقة والاضطرار إليه، وسأل منه هذه المطالب التي لا تطلب إلا من الله، وذلك هو الشرك في الإلهية(24).
وانتقد الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد ابن عبد الوهاب هذا البيت قائلاً : فعظم البوصيري النبي -صلى الله عليه وسلم- بما يسخطه ويحزنه ؛ فقد اشتد نكيره -صلى الله عليه وسلم- عما هو دون ذلك كما لا يخفى على من له بصيرة في دينه ؛ فقصر هذا الشاعر لياذه على المخلوق دون الخالق الذي لا يستحقه سواه ؛ فإن اللياذ عبادة كالعياذ، وقد ذكر الله عن مؤمني الجن أنهم أنكروا استعاذة الإنس بهم بقوله : ((وأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً)) [الجن: 6]، أي طغياناً، واللياذ يكون لطلب الخير، والعياذ لدفع الشر، فهو سواء في الطلب والهرب(25).
وقال العلامة محمد بن علي الشوكاني – رحمه الله – عن هذا البيت : فانظر كيف نفى كل ملاذ ما عدا عبد الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وغفل عن ذكر ربه ورب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- . إنا لله وإنا إليه راجعون(26).
11- وقال البوصيري :
ولن يضيق رسول الله جاهك بي *** إذا الكريم تحلى باسم منتقم
قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب : سؤاله منه أن يشفع له في قوله : ولن يضيق رسول الله… إلخ، هذا هو الذي أراده المشركون ممن عبدوهم وهو الجاه والشفاعة عند الله، وذلك هو الشرك، وأيضاً فإن الشفاعة لا تكون إلا بعد إذن الله فلا معنى لطلبها من غيره ؛ فإن الله – تعالى – هو الذي يأذن للشافع أن يشفع لا أن الشافع يشفع ابتداءاً(27).
12- وقال أيضا :
فإن من جودك الدنيا وضرتها *** ومن علومك علم اللوح والقلم
فجعل الدنيا والآخرة من عطاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وإفضاله، والجود هو العطاء والإفضال ؛ فمعنى الكلام : أن الدنيا والآخرة له -صلى الله عليه وسلم-، والله – سبحانه وتعالى – يقول : ((وإنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ والأُولَى)) [الليل:13](28).
وقوله : ومن علومك علم اللوح والقلم. في غاية السقوط والبطلان ؛ فإن مضمون مقالته أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يعلم الغيب، وقد قال – سبحانه – : ((قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَوَاتِ والأَرْضِ الغَيْبَ إلاَّ اللَّهُ)) [النمل:65] وقال – عز وجل – : ((وعِندَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إلاَّ هُوَ ويَعْلَمُ مَا فِي البَرِّ والْبَحْرِ ومَا تَسْقُطُ مِن ورَقَةٍ إلاَّ يَعْلَمُهَا ولا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ ولا رَطْبٍ ولا يَابِسٍ إلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)) [الأنعام:59]، والآيــات فـي هـذا كثيرة معلومة(29).
وأخـيـراً أدعو كل مسلم عَلِقَ بهذه القصيدة وولع بها أن يشتغل بما ينفع ؛ فإن حق النبي -صلى الله عليه وسلم- إنـمـا يكون بتصديقه فيما أخبر، واتباعه فيما شرع، ومحبته دون إفراط أو تفريط، وأن يشتغلوا بسماع القرآن والسنة والتفقه فيهما ؛ فإن البوصيري وأضرابه استبدلوا إنشاد وسماع هذه القصائد بسماع القرآن والعلم النافع، فوقعوا في مخالفات ظاهرة ومآخذ فاحشة.
وإن كـــان لا بد مـن قـصائد ففي المدائح النبوية التي أنشدها شعراء الصحابة -رضي الله عنهم- كحسان وكعب بن زهير ما يغني ويكفي.
اللهم صلّ على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ؛ إنك حميد مجيد. (*)
======================
الهوامش :
(1) المدائح النبوية، ص 199.
(2) يقول ابن كثير – رحمه الله – في البداية والنهاية (4 /373) : ورد في بعض الروايات ان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعطاه بردته حن أنشده القصيدة.. وهذا من الأمور المشهورة جداً، ولكن لم أر ذلك في شيء، من هذه الكتب المشهورة بإسناد أرتضيه ؛ فالله أعلم .
(3) انظر مقدمة محقق ديوان البوصيري، ص 29.
(4) انظر المدائح النبوية لزكي مبارك، ص 197.
(5) مقدمة ديوان البوصيري، ص 29، 30.
(6) فوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي، 2/258.
(7) مجموع الفتاوى، 11 /598.
(8) اقتضاء الصراط المستقيم، 2/692، 693، باختصار.
(9) انظر ترجمته في مقدمة ديوان البوصيري، تحقيق محمد سيد كيلاني، ص 5 – 44، وللمحقق كتاب آخر بعنوان : البوصيري دراسة ونقد .
(10) انظر : الصنعاني في موضوعاته، ص 46 ح (78)، والمسلسلة والموضوعة للألباني، 1/299، ح(282).
(11) انظر تفصيل ذلك في كتاب محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لعبد الرؤوف عثمان، ص 169 – 196.
(12) الدرر السنية، 9/81، وانظر 9/48، وانظر : صيانة الإنسان للسهسواني (تعليق محمد رشيد رضا)، ص 88.
(13) أخرجه البخاري، ح ./3445.
(14) انظر القول المفيد، 1 /376، ومفاهيمنا لصالح آل الشيخ، ص 236، ومحبة الرسول لعبد الرؤوف عثمان، ص 208 .
(15) فتح الباري، 12 /149.
(16) غاية الأماني للآلوسي، 2 /349.
(17) غاية الأماني للآلوسي، 2/ 350، باختصار وانظر الدر النضيد لابن حمدان، ص 136.
(18) الرد على الأخنائي، ص 41.
(19) رواه أحمد، ح. /4509، والترمذي، ح./ 1534.
(20) التمهيد، 14/366، 367 .
(21) تيسير العزيز الحميد، ص 22.
(22) انظر الدرر السنية، 9 /51.
(23) انظر الدرر السنية، 9/49، 82، 271.
(24) تيسير العزيز الحميد، ص 219، 220.
(25) الدرر السنية، 9/ 80، وانظر 9/49، 84، 193، ومنهاج التأسيس والتقديس لعبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن، ص 212.
(26) الدر النضيد، ص 26.
(27) تيسير العزيز الحميد، ص 220، وانظر الدرر السنية، 9/52.
(28) انظر الدرر السنية، 49، 50، 81، 82، 85، 268.
(29) انظر الدرر السنية، 9/50، 62، 81، 82، 268، 277.
(*) المصدر : مجلة البيان – العدد 139 – ربيع الأول 1420 هـ
——————————————————————————–
مظاهر الغلو في قصائد المديح النبوي
سليمان بن عبد العزيز الفريجي
منذ أن انتشر الإسلام أقبل الأدباء على مدح نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم – بمدائح كثيرة ، حفظ لنا التاريخ شيئاً منها ، ومن أقدمها ما جاء عن أم معبد – رضي الله عنها – من وصفها للنبي – صلى الله عليه وسلم – بعدما حل بخيمتها في طريق هجرته إلى المدينة ، وكان من وصفها : ( إن صمت فعليه الوقار ، وإن تكلم سماه وعلاه البهاء ، أجمل الناس وأبهاه من بعيد ، وأحسنه وأجمله من قريب ، حلو المنطق ، لانزر ولا هزر ) [1] .
كما كان لشعراء الرسول – صلى الله عليه وسلم – كحسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب بن زهير وكعب بن مالك والعباس بن مرداس وغيرهم قصائد عدة في مدحه ورثائه ، منها قصيدة حسان بن ثابت – رضي الله عنه – التي مطلعها :
بطيبة رَسْم للرسول ومَعهد * * * منير ، وقد تعفو الرسوم وتهْمَد
ولا تنمحي الآيات من دار حُرْمة * * * بها منبر الهادي الذي كان يصعد
ومنها قصيدة كعب بن زهير – رضي الله عنه – التي قالها عند إسلامه ، واعتذر بها لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، وألقاها بين يديه في مسجده وسط صحابته ، ومطلعها :
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول * * * مُتَيَّم إثرها لم يُجْزَ مكبول
وفيها يقول :
أنبئت أن رسول الله أوعدني * * * والعفو عند رسول الله مأمول
مهلاً هداك الذي أعطاك نافلة * * * القرآن فيها مواعيظ وتفصيل
لذاك هيب عندي إذ أكلمه * * * وقيل إنك مسبور ومسؤول
من ضيغم من ضراء الأُسْد مُخْدرة * * * ببطن عثَّر غيل دونه غيل
إن الرسول لسيف يُستضاء به * * * مهند من سيوف الله مسلول
بل إن هناك من شعراء الكفار من مدحه وأثنى على أخلاقه الكريمة ، كعمه أبي طالب في قصيدته المشهورة ، ومنها قوله :
وأبيض يُستسقى الغمامُ بوجهه * * * ثمالُ اليتامى ، عصمة للأرامل
وكالأعشى الكبير ميمون بن قيس الذي مدح النبي – صلى الله عليه وسلم – بقصيدة رائعة ، وجاء بها ليسلم عنده ويلقيها بين يديه ، ولكن قريشاً أغرته بالدنيا فعاد ومات كافراً . ومن قصيدته قوله :
نبيٌ يرى ما لا ترون ، وذكره * * * أغار لعمري في البلاد وأنجدا
له صَدَقاتٌ ما تُغِبُّ ونائل * * * وليس عطاءُ اليوم مانعه غدا
وهكذا اتصل مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته ورثائه بعد مماته ، وذكر أخلاقه وأوصافه عند أصحابه والتابعين دون غلو أو تجاوز لحدود المشروع .
وبعد قيام دولة بني أمية والحوادث التي جرت لآل بيت علي بن أبي طالب – رضي الله عنه وتشيع من تشيع لهم بدأت المبالغة في مدحهم والثناء عليهم ، حتى اشتهر شعراء بذلك ، وأكثروا منه ، كالكميت الأسدي ودعبل الخزاعي والشريف الرضي ومهيار الديلمي ، وهؤلاء جاءت مبالغتهم من غلوهم في رجالات آل البيت ، وتفضيلهم على من يرونهم أعداء لهم من الأمويين وغيرهم ؛ فموقفهم في الحقيقة سياسي أكثر من كونه معتمداً على اقتناعاتهم الشرعية ؛ فلهذا جاء كلامهم على آل علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – دون غيرهم ، حتى النبي -صلى الله عليه وسلم- قل مديحهم له في مقابل مديحهم لآل بيت علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – .
ومن أشعارهم هاشميات الكميت وأشهرها : البائيتان واللامية والميمية ، يقول في إحدى البائيتين :
إلى النفر البيض الذين بحبِّهم * * * إلى الله فيما نالني أتقرِّب
بني هاشم رهط النبي فإنني * * * بهم ولهم أرضى مراراً وأغضب
وما جاء عن هؤلاء من المدح الخاص بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يكاد يكون مدحاً معتاداً لا نجد فيه ما سنجده في مدائح الصوفية في القرن السابع . ومن ذلك قول الكميت :
وأنت أمين الله في الناس كلهم * * * عليها وفيها احتار شرق ومغرب
فبوركت مولوداً وبوركت ناشئاً * * * وبوركت عند الشيب إذ انت أشيب
وبورك قبرٌ أنت فيه وبوركت * * * به وله أهـل لذلك يثرب
لقد غيَّبوا بِراً وصدقاً ونائلاً * * * عشية واراك الصفيح المنصَّب
ومع ذلك كان مدح من مضى لآل البيت أكثره صادقاً ، لأنهم يمدحونهم والدنيا ليست بأيديهم خلاف شعراء الدولة العبيدية المنتسبة – زوراً – إلى فاطمة الزهراء – رضي الله عنها – التي كان الشعراء يتزلفون إلى حكامهم بمدحهم ومدح آل البيت ومنه مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وهذا المدح غير داخل في حقيقته في المدائح النبوية ، لأنه مدح من أجل الدنيا ، لا لحبهم أو التقرب إلى الله بمدحهم ، ولهذا وصل الأمر ببعضهم إلى حد الشرك كابن هانئ الأندلسي ، حيث يقول في مدح المعز لدين الله الفاطمي :
ما شئتَ ، لا ما شاءت الأقدار * * * فاحكم فأنت الواحد القهار
ويقول :
ولك الجواري المنشآت مواخراً * * * تجري بأمرك والرياح رخاءُ
ولهذا كان مدح هؤلاء منصباً على حكام الدولة العبيدية ومن يزعم هؤلاء الحكام محبتهم من رجالات آل البيت ، ويقل فيه مدح النبي – صلى الله عليه وسلم – .
وتستمر المدائح النبوية دائرة حول أوصاف النبي -صلى الله عليه وسلم- الخُلُقية والخَلْقية المعروفة ، ولا نجد ذلك الغلو الذي يخرج بالمدائح النبوية إلى رفع النبي -صلى الله عليه وسلم- فوق مقامه البشري ، وإضفاء بعض الصفات الإلهية عليه إلا في القرن السابع الذي يعرف في التاريخ الإسلامي بانتشار التصوف فيه إلى حد كبير ، مما أثر تأثيراً كبيراً على الشعراء الذين تسابقوا في مضمار المدائح النبوية ، بنَفَسٍ يخالف المدائح السابقة ، ويوافق الفكر التصوفي .
وكانت البداية الفعلية لهذه المدائح بهذا النَفَس الصوفي المتميز على يد محمد بن سعيد البوصيري ، المتوفى في الإسكندرية سنة695 هـ ، فقد نظم عدة قصائد في المدائح النبوية ، وأشهرها قصيدتان :
الأولى الميمية ، وهي على رواية الديوان (160) بيتاً ومطلعها :
أمن تذكُّر جيرانٍ بذي سلم * * * مزجت دمعاً جرى من مقلة بدم
والأخرى الهمزية ، ومطلعها :
كيف ترقى رقيَّك الأنبياء * * * يا سماء ما طاولتها سماءُ
والميمية أشهر وأذيع عند عامة المتصوفين ومقلديهم ، وقد نسجت حولها المنامات والأساطير ، ابتداء بناظمها الذي جاء عنه أنه بسبب استشفائه بهذه القصيدة مسح النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام عليه فبرئ من فالج كان أبطل نصفه وألقى عليه بردة ، فسميت القصيدة لذلك بالبردة ، ونسجت الأساطير لكل بيت من أبياتها ، وشاع التبرك والاستشفاء بها ، فصارت تسمى أيضاً : البُرْأَة ، والبُروة ، وقصيدة الشدائد ، وغالى المتصوفة وأتباعهم فيها ( حتى عملوها تميمة تعلق على الرؤوس ، وزعموا فيها مزاعم كثيرة من أنواع البركة ، وهم على ذلك إلى يومنا هذا ) [2] .
ويظهر أن كل هذه التسميات كانت بعد موت البوصيري ، أما هو فسماها :
(الكواكب الدريَّة في مدح خير البرية) .
وقد أجمع معظم الباحثين على أن ميمية البوصيري أفضل قصيدة في المديح النبوي من الناحية الفنية الأدبية – لا الشرعية – إذا استثنينا لامية كعب بن مالك (البردة الأم) ، حتى قيل : إنها أشهر قصيدة في الشعر العربي بين العامة والخاصة .
ومهما يكن من أمر فقد أثّرت ميمية البوصيري في المدائح النبوية تأثيراً عميقاً ، حيث نقلتها مضموناً وقالباً . أما من حيث المضمون فقد نقلت المدائح النبوية من المدح المعتاد للنبي – صلى الله عليه وسلم – بأوصافه المشهورة المعروفة إلى أوصاف غلو ومبالغة ( على نحو إعجازي خارق ، بالغ المثالية ، بالغ الكمال ، وبالغ الجلال … يرقى بالنبي إلى درجة ربانية ) [3] ، ويسمون هذه الأوصاف : (الحقيقة المحمدية) التي يدعي المتصوفة أن غيرهم لا يعرفونها ؛ ولهذا فهم يحملون كل غلو في ميمية البوصيري وغيره ممن سار على دربه على أنه من الحقيقة المحمدية التي ينفردون بمعرفتها للنبي – صلى الله عليه وسلم – .
أما من حيث القالب فقد جعل المدائح النبوية تتكون من ثلاثة أجزاء : الأول يسمى النسيب النبوي ، وهو التشوق إلى المدينة النبوية التي تضم قبر النبي – صلى الله عليه وسلم – وفيها جرى أغلب أحداث سيرته ، ويتلو هذا النسيب بعض الحِكَم التي تحذر من الدنيا وأهواء النفس ، وهذا الجزء يمثل من ميمية البوصيري الأبيات من (1 – 33) ، ومن أجملها قوله :
والنفس كالطفل إن تهمله شب على * * * حب الرضاع ، وإن تفطمه ينفطم
وقوله :
وخالف النفس والشيطان واعصهما* * * وإن هما محَّضاك النصح فاتهم
ولا تطع منهما خصماً ولا حكماً * * * فأنت تعرف كيد الخصم والحكم
والجزء الثاني مديح النبي – صلى الله عليه وسلم – وعرض سيرته ، وهذا الجزء هو غرض القصيدة ، وفيه يذكر الشاعر سيرته من مولده إلى وفاته – صلى الله عليه وسلم – ، ويتكلم على معجزاته وخصائصه … ويمثل هذا الجزء من القصيدة الأبيات من (34-139) ، ويبدؤه بقوله :
محمد سيد الكونين والثقلي * * * ن والفريقين من عُرب ومن عجم
وفي هذا الجزء أغلب الغلو المشار إليه من قبل ، وكأن بعض المتأخرين عن البوصيري أحسَّ شدة هذا الغلو فأراد أن يخففه فزاد في القصيدة – وما أكثر ما زيد عليها – بيتاً ناشزاً ألقاه في مكان غير مناسب في القصيدة ، وهو قوله :
فمبلغ العلم فيه أنه بشر * * * وأنه خير خلق الله كلهم
ولم يرض كثير من الصوفية هذا البيت للنص فيه على بشريته وأنها منتهى العلم فيه ، فغيروه إلى :
مولاي صلِّ وسلم دائماً أبداً * * * على حبيبك خير الخلق كلهم
ونسبوا فيه مناماً خاصاً للبوصيري ، فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الذي ألقى بشطره الثاني على البوصيري .
والجزء الثالث هو إقرار الشاعر بذنوبه وطلب العفو عنها ، ويشمل هذا الجزء الأبيات من (140-160) ويبدأ إقراره بقوله :
خدمته بمديح أستقيل به * * * ذنوب عُمْرٍ مضى في الشعر والخدم
ثم يقول :
لم تشتر الدين بالدنيا ولم تَسم * * * فيا خسارة نفس في تجارتها
ولكن طلبه للعفو كان موجهاً للنبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا من أكبر انحرافات البوصيري ، وقد كرر هذا في عدة أبيات ، منها :
إن آت ذنباً فما عهدي بمنتقض * * * من النبي ، ولا حبلي بمنصرم
فإن لي ذمةً منه بتسميتي * * * محمداً ، وهو أوفى الخلق بالذمم
إن لم يكن في معادي آخذاً بيدي * * * فضلاً فقل يا زلة القدم
يا أكرم الرسل ما لي من ألوذ به * * * سواك عند حلول الحادث العَمِمِ
وعندما ذكر العفو والرحمة من الله رجا أن تكون الرحمة مقسومة حسب العصيان ، لا الإحسان ، فقال :
لعل رحمة ربي حين يقسمها * * * تأتي على حسب العصيان في القسم
وفي آخر هذا الجزء يختم القصيدة بالصلاة والسلام الدائمين على النبي – صلى الله عليه وسلم – وهذا الجزء يكثر فيه دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- والاستغاثة به وإضافة صفات ربانية إليه ، وإن كان الجزءان السابقان لا يخلوان من مثل ذلك ، كقوله :
أقسمت بالقمر المنشق أن له * * * من قلبه نسبة مبرورة القسم
وقوله :
ما سامني الدهر ضيماً واستجرت به * * * إلا ونلت جواراً منه لم يُضم
هذه هي ميمية البوصيري التي كان لها أعظم الأثر في المديح النبوي ، وتحويلها من مسارها السليم إلى مسار مليء بالانحرافات الشرعية ، وقد ساعد المتصوفة وأصحاب الطرق على نشرها بغنائها وانشادها وتلحينها في كل مناسبة حتى الحروب فضلاً عن الأفراح والأحزان والموالد المبتدعة واحتفالات الحجيج .
ولم يقتصر أثرها على العامة ، بل تعداه إلى الخاصة ؛ إذ تزاحم الشعراء العرب وغير العرب على تقليدها ، وتفننوا في ذلك حتى أنشؤوا فيها فنوناً أدبية منها :
أ- البديعيات التي تسير على نهجها وزناً وروياً ومضموناً وأجزاءً ، ويكون كل بيت من أبياتها خاصاً بلون من ألوان علم البديع في البلاغة كبديعية صفي الدين الحلي (750 هـ) ومطلعها :
إن جئت سلعاً فسل عن جيرة العلم * * * واقرا السلام على عرب بذي سلم
وبديعية عز الدين الموصلي ومطلعها :
براعة تستهل الدمع في العلم * * * عبارة عن نداء المفرد العلم
ب- المدائح النبوية التي فيها التورية بكل سور القرآن ، ومن أشهرها قصيدة ابن جابر الأندلسي (780 هـ) ، ومطلعها :
في كل فاتحة للقول معتبرة * * * حق الثناء على المبعوث بالبقرة
وقد عارض ابن جابر في قصيدته هذه عدة شعراء حتى أُلِّف فيها كتاب مستقل وهو كتاب : (المدائح النبوية المتضمنة لسور القرآن الكريم لهاشم الخطيب) .
ج – معارضتها وتشطيرها وتخميسها وتسبيعها … ومن أشهر من عارضها من المحدثين : محمود سامي البارودي بمطولة بلغت (447 بيتاً) هي : (كشف الغمة في مدح سيد الأمة ! ) ، ومطلعها :
يا رائد البرق يمم دارة العلم * * * واحْدُ الغمام إلى حي بذي سلم
وأحمد شوقي في قصيدة في (190 بيتاً) سماها : (نهج البردة) ، مطلعها :
ريم على القاع بين البان والعلم * * * أحل سفك دمي في الأشهر الحرم
وقد زاد الغلو في المدائح النبوية منذ عهد البوصيري إلى بدايات العهد الحديث ، ومن أمثلة هذا الغلو والمغالين محمد بن أبي بكر البغدادي الذي صنف ديواناً كاملاً باسم : (القصائد الوترية في مدح خير البرية) نظم فيه 29 قصيدة ، وكل قصيدة منها 21 بيتاً . بحيث تبدأ أبيات كل قصيدة بحرف وتنتهي به نفسه ، ومن مدحه الغالي قوله :
أغثني ، أجرني ، ضاع عمري إلى متى * * * بأثقال أوزاري أراني أُرزأُ
وقوله :
ذهاباً ذهاباً يا عصاةُ لأحمد * * * ولوذوا به مما جرى وتعوَّذوا
ذنوبكم تُمحى وتعطون جنة * * * بها دُرَرٌ حصباؤها وزمرد
ومن أشد الغالين : عبد الرحيم البرعي اليماني ، فله ديوان شعر أكثره مدائح نبوية ، ومن مدحه الغالي قوله :
سيد السادات من مضر * * * غوث أهل البدو الحضر
وقوله :
يا سيدي يا رسول الله ، يا أملي * * * يا موئلي ، يا ملاذي ، يوم تلقاني
هب لي بجاهك ما قدمت من زلل * * * جوداً ورجح بفضل منك ميزاني
واسمع دعائي واكشف ما يساورني * * * من الخطوب ونفِّس كُلَّ أحزاني
وكذلك أكثر من عارض البردة قديماً وحديثاً – وما أكثرهم – تأثر بما فيها من غلو .
وقد تأثر كذلك المتأخرون بهذا الغلو ، فمستكثر ومستقل ، فهذا البارودي يقول :
أبكاني الدهر حتى إذ لجأت به * * * حنا علي وأبدى ثغر مبتسم
وهذا أحمد شوقي يقول :
فالطف لأجل رسول العالمين بنا * * * ولا تزد قومه خسفاً ولا تسُمِ
ويقول في أحد المدائح الخديوية :
إذا زرت يا مولاي قبر محمد * * * وقبَّلت مثوى الأعظم العطرات
فقل لرسول الله : يا خير مرسل * * * أبثك ما تدري من الحسرات
وهذه شاعرة معاصرة ألفت كتاباً كاملاً من شعر التفعيلة باسم : (بردة الرسول) من أجل أن تشفى من مرض عانت منه طويلاً ، ملأته بالغلو ، ومن مثل قولها :
يا سيدي ، اسمع دعائي … كن مًعين
وأجب رجائي ، يا محمدنا الأمين
أما هذا الغلو عند شعراء الصوفية ومقلديهم فأشهر من أن أشير إليه هنا .
ومما سبق نستخلص أن المدائح النبوية الغالية منذ البوصيري ومن قلده لا علاقة لها بالمدائح النبوية قبلها ؛ لأنه شتان بين التصور الواقعي البشري كما صوره شعراء المديح النبوي الأوائل من أمثال كعب بن زهير وكعب بن مالك وحسان بن ثابت ، ومعاصريهم ، وبين التصور المتأخر للرسول – عليه الصلاة والسلام – عند شعراء المديح النبوي المتأخرين الذين أحالوا شخصية الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى سلسلة طويلة من الخوارق والمعجزات والقدرات فوق الطبعية ، حتى بات النبي -صلى الله عليه وسلم- ذا طبيعة إلهية لا بشرية [4] .
ومع هذا فقد بقي كثير من الشعراء قديماً وحديثاً بمعزل عن هذا الغلو ، ولكن الحديث الآن ليس عنهم ، والله أعلم .
________________________
(1) المستدرك على الصحيحين ، 9/3 ، وغريب الحديث لابن قتيبة 1/ 463 ، وانظر الإصابة في ترجمة أم معبد .
(2) دراسة محمد النجار لبردة البوصيري ، ص 62 عن كتاب المقفى للمقريري .
(3) دراسة محمد النجار للبردة ، ص 11 .
المصدر : مجلة البيان – العدد 139 – ربيع الأول 1420 هـ
أقوال علماء السنة في قصيدة البردة
السلام عليكم
نظرا لما ينشر عن البردة ونظرا لتلك الادعاءات التي يدعيها البعض من ان هذه القصيدة لا تحوي بين طياتها شركا ولا بدعا
ارتايت ان اقدم لاعضائنا الاعزاء وزوارنا الكرام هذه الفتاوى بشان هذه القصيدة ليكون الجميع على بينة
الفتوى الاولى1 ـ
كلام الإمام محمد بن عبدالوهاب في قصيدة البردة
قال : الإمام محمد بن عبدالوهاب : " في تفسير سورة الفاتحة "
وأما الملك فيأتي الكلام عليه ، وذلك أن قوله: ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) وفي القراءة الأخرى ( مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) فمعناه عند جميع المفسرين كلهم ما فسره الله به في قوله ك ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ {17} ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ {18} يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ {19} ([ سورة الانفطار الآيات: 17/19].
فمن عرف تفسير هذه الآية ، وعرف تخصيص الملك بذلك اليوم ، مع أنه سبحانه مالك كل شيء ذلك اليوم وغيره، عرف أن التخصيص لهذه المسألة الكبيرة العظيمة التي بسبب معرفتها دخل الجنة من دخلها ، وسبب الجهل بها دخل النار من دخلها، فيالها من مسألة لو رحل الرجل فيها أكثر من عشرين سنة لم يوفها حقها، فأين هذا المعني والإيمان بما صرح به القرآن ، مع قوله صلى الله عليه وسلم : (( يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاُ )) [ أخرجه البخاري في صحيحة: كتاب الوصايا، باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب رقم: 2753 ، والنسائي في سننه: كتاب الوصايا إذا أوصى لعشيرته الأقربين (6/ 248-250) رقم : 3644، 3646، 3647، من حديث أبي هريرة.
من قول صاحب البردة:
ولن يضيق رسول الله جاهك بي ***** اذا الكريم تحلي بأسم منتقم
فإن لي ذمة منه بتسميتي ***** محمداً وهو أوفى الخلق بالذمم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** فضلاً وإلا فقل يازلة القدم
فليـتأمل من نصح نفسه هذه الأبيات ومعناها ، ومن فتن بها من العباد، وممن يدعى أنه من العلماء واختاروا تلاوتها على تلاوة القرآن .
هل يجتمع في قلب عبد التصديق بهذه الأبيات والتصديق بقوله: ( يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله) وقوله: : (( يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاُ )) لا والله ، لا والله لا والله إلا كما يجتمع في قلبه أن موسى صادق ، وأن فرعون صادق ، وأن محمداً صادق على الحق ، وأن أبا جهل صادق على الحق . لا والله ما استويا ولن يتلاقيا حتى تشيب مفارق الغربان.
فمن عرف هذه المسألة وعرف البردة ، ومن فتن بها عرف غربة الإسلام وعرف أن العدل واستحلال دمائنا وأموالنا ونسائنا، ليس عن التكفير والقتال ، بل هم الذين بدءونا بالتكفير وعند قوله: ( فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً ) [سورة الجن الآية : 18].وعند قوله: (أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ) [سورة الإسراء: الآية : 57]. وقوله: ( لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ) [سورة الرعد الآية: 14].
فهذا بعض المعاني في قوله : ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) بإجماع المفسرين كلهم ،وقد فسرها الله سبحانه في سورة ( إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ ) ( الإنفطار : 1 ) كما قدمت لك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تفسير سورة الفاتحة من مؤلفات الإمام محمد بن عبدالوهاب ص 13 المجلد الخامس
يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في أحد رسائلهِ الشخصية –كما في الدرر السنية 2/44- إلى الأخ حسن:
" وأما ما ذكرت من أهل الجاهلية كيف لم يعرفوا الالهية إذا أقروا بالربوبية هل هو كذا أو كذا أو غير ذلك.فهو لمجموع ما ذكرت وغيره.
وأعجــــــب من ذلك ما رأيت وسمعت ممن يدعي أنه أعلم الناس،ويفسر القرآن،ويشرح الحديث بمجلدات،ثم يشرح (البردة) ويستحسنها،ويذكر في تفسيره وشرحه للحديث أنه شرك،ويموت ما عرف ما خرج من رأسه ،هذا هو العجب العجاب!!أعجب بكثير من ناس لا كتاب لهم ولا يعرفون جنة ولا ناراً،ولا رسولاً ولا إلهاً."
…………….
كلام العلامة المجدد عبدالرحمن بن حسن في البردة
قال العلامة المجدد عبدالرحمن بن حسن :
وقد ذكر شيخ الإسلام ، عن بعض أهل زمانه : أنه جوّز الاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما يستغاث فيه بالله . وصنف في ذلك مصنفاً ، رده شيخ الإسلام ، ورده موجود بحمد الله .
ويقول : إنه يعلم مفاتيح الغيب ، التي لا يعلمها إلا الله . وذكر عنهم أشياء من هذا النمط . نعوذ بالله من عمى البصيرة .
وقد اشتهر في نظم البوصيري ، قوله :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ***** سواك عند حلول الحادث العمم !َ!
وما بعده في الأبيات ، التي مضمونها : إخلاص الدعاء ، واللياذ والرجاء والاعتماد في أضيق الحالات ، وأعظم الاضطرار لغير الله .
فناقضوا الرسول صلى الله عليه وسلم في ارتكاب ما نهى عنه أعظم مناقشة ، وشاقوا الله ورسوله أعظم مشاقة .
وذلك أن الشيطان أظهر لهم هذا الشرك العظيم ، في قالب محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه . وأظهر لهم التوحيد والإخلاص ، الذي بعثه الله به في قالب تنقصه .
وهؤلاء المشركون هم المتنقصون الناقصون ، أفرطوا فى تعظيمه بمانهاهم عنه أشد النهي ، وفرطوا في متابعته . فلم يعبؤوا بأقواله وأفعاله ، ولارضوا بحكمه ولاسلموا له ، وأنما يحصل تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم بتعظيم أمره ونهيه .
وهؤلاء المشركون عكسوا الأمر . فخالفوا ما بلَّغ به الأمة ، وأخبر به عن نفسه صلى الله عليه وسلم . فعاملوه بما نهاهم عنه : من الشرك بالله ، والتعلق على غير الله ، حتى قال قائلهم :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ***** سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** فضلاً وإلا فقل : يا زلة القد
فإن من جودك الدنيا وضرتها ***** ومن علومك علم اللوح والقلم
فانظر إلى هذا الجهل العظيم ، حيث اعتقد أنه لا نجاة له إلا بعياذه ولياذه بغير الله .
وانظر إلى هذا الإطراء العظيم ، الذي تجاوز الحد في الإطراء ، الذي نهى عنه صلى الله عليه وسلم بقوله " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، إنما أنا عبدٌ ، فقولوا عبدالله ورسوله " رواه مالك وغيره . وقد قال تعالى : ( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكن إني ملك ) [ الأنعام : 50 ] .
فانظر إلى هذه المعارضة العظيمة للكتاب والسنة ، والمحادة لله ورسوله . وهذا الذي يقوله هذا الشاعر هو الذي في نفوس كثير ، خصوصاً ممن يدعي العلم والمعرفة ، ورأوا قراءة هذه المنظومة ونحوها لذلك وتعظيمها من القربات ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد
باب ماجاء أن سبب كفر بنى آدم وتركهم دينهم هو الغلو ( 1 / 381 )
باب قول الله تعالى ( فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون ) ( 2 / 693 )
…………….
كلام العلامة ـالمحدث ـ سليمان بن عبدالله في البردة :
قال : العلامة المحدث سليمان بن عبدالله في كتاب تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد : :
ومن بعض أشعار المادحين لسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم قول البوصيري :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ***** سواك عند حلول الحادث العمم
ولن يضيق رسول الله جاهك بي ***** إذا الكريم تجلى باسم منتقم
فإن لي ذمة منه بتسميتي ***** محمداً وهو أوفى الخلق بالذمم
إن لم يكن في معادي آخذاً بيدي ***** فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم
فتأمل ما في هذه الأبيات من الشرك .
منها : أنه نفى أن يكون له ملاذٌ إذا حلت به الحوادث ، إلا النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس ذلك إلا لله وحده لا شريك له ، فهو الذي ليس للعباد ملاذ إلا هو .
الثاني : أنه دعاه وناداه بالتضرع وإظهار الفاقة والاضطرار إليه ، وسأل منه هذه المطالب التي لا تطلب إلا من الله ، وذلك هو الشرك في الإلهية .
الثالث : سؤاله منه أن يشفع له في قوله :
ولن يضيق رسول الله … البيت …
وهذا هو الذي أراده المشركون ممن عبدوه ، وهو الجاه والشفاعة عند الله ، وذلك هو الشرك ، وأيضاً فإن الشفاعة لا تكون إلا بعد إذن الله فلا معنى لطلبها من غيره ، فإن الله تعالى هو الذي يأذن للشافع أن يشفع لا أن الشافع يشفع ابتداء .
الرابع : قوله : فإن لي ذمة … إلى آخره .
كذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، فليس بينه وبين من اسمه محمد ذمة إلا بالطاعة ، لا بمجرد الاشتراك في الاسم مع الشرك .
تناقض عظيم وشرك ظاهر ، فإنه طلب أولاً أن لا يضيق به جاهه ، ثم طلب هنا أن يأخذ بيده فضلاً وإحساناً ، وإلا فيا هلاكه .
فيقال : كيف طلبت منه أولاً الشافعة ثم طلبت منه أن يتفضل عليك ، فإن كنت تقول : إن الشفاعة لا تكون إلا بعد إذن الله ، فكيف تدعو النبي صلى الله عليه وسلم وترجوه وتسأله الشفاعة ؟ فهلا سألتها من له الشفاعة جيمعاً ، الذي له ملك السموات والأرض ، الذي لا تكون الشفاعة إلا من بعد إذنه ، فهذا يبطل عليك طلب الشفاعة من غير الله .
وإن قلت : ما أريد إلا جاهه ، وشفاعته ، بإذن الله .
قيل : فكيف سألته أن يتفضل عليك ويأخذ بيدك في يوم الدين ، فهذا مضاد لقوله تعالى : { وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدرك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله } [ الانفطار ] ، فكيف يجتمع في قلب عبد الإيمان بهذا وهذا .
وإن قلت : سألته أن يأخذ بيدي ، ويتفضل عليَّ بجاهه وشفاعته .
قيل : عاد الأمر إلى طلب الشفاعة من غير الله ، وذلك هو محض الشرك .
السادس : في هذه الأبيات من التبري من الخالق – تعالى وتقدس – والاعتماد على المخلوق في حوادث الدنيا والآخرة ما لا يخفى على مؤمن ، فأين هذا من قوله تعالى : { إياك نبعد وإياك نستعين } [ الفاتحة ] ، وقوله تعالى : { فإن تولوا فقـل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلـت وهـو رب العـرش العظيم } [ التوبة ] ، وقوله : { وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيراً } [ الفرقان ] ، وقوله تعالى : { قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا إلا بلاغاً من الله ورسالاته } . [ الجن ]
فإن قيل : هو لم يسأله أن يتفضل عليه ، وإنما أخبر أنه إن لم يدخل في عموم شفاعته فيا هلاكه . قيل : المراد بذلك سؤاله ، وطلب الفضل منه ، كما دعاه أول مرة وأخبر أنه لا ملاذ له سواه ، ثم صرح بسؤال الفضل والإحسان بصيغة الشرط والدعاء ، والسؤال كما يكون بصيغة الطلب يكون بصيغة الشرط ، كما قال نوح عليه السلام : { وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين } . [ هود ]
ومنهم من يقول : نحن نعبد الله ورسوله ، فيجعلون الرسول معبودا .
قلت: وقال البوصيري :
فإن من جودك الدنيا وضرتها ***** ومن علومك علم اللوح والقلم
فجعل الدنيا والآخرة من جوده ، وجزم بأنه يعلم ما في اللوح المحفوظ ، وهذا هو الذي حكاه شيخ الإسلام عن ذلك المدرس ، وكل ذلك كفر صريح . ومن العجب أن الشيطان أظهر لهم ذلك في صورة محبته عليه السلام وتعظيمه ومتابعته ، وهذا شأن اللعين لابد وأن يمزج الحق بالباطل ليروج على أشباه الأنعام اتباع كل ناعق، الذين لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق ، لأن هذا ليس بتعظيم، فإن التعظيم محله القلب واللسان والجوارح وهم أبعد الناس منه ، فإن التعظيم بالقلب: ما يتبع اعتقاد كونه عبداً رسولاً ، من تقديم محبته على النفس والولد والوالد والناس أجمعين .
……. فكيف بمن يقول فيه ؟ !
فإن من جودك الدنيا وضرتها ***** ومن علومك علم اللوح والقلم
ويقول في همزيته :
هذه علتي وأنت طبيبُ ***** ليس يخفى عليك في القلب داء
وأشباه هذا من الكفر الصريح .
ــــــــــــ
كناب تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد ( ص 621 )
………….
كلام العلامة محمد بن على الشوكاني في البردة :
فانظر رحمك الله تعالى ما وقع من كثير من هذه الأمة من الغلو المنهى عنه المخالف لما في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما يقوله صاحب البردة رحمه الله تعالى :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ***** سواك عند حلول الحادث العمم
فانظر كيف نفى كل ملاذ ما عدا عبدالله ورسوله صلى الله عليه وسلم وغفل عن ذكر ربه ورب رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا لله وإنا إليه راجعون .
وهذا باب واسع ، قد تلاعب الشيطان بجماعة من أهل الإسلام حتى ترقوا إلى خطاب غير الأنبياء بمثل هذا الخطاب ، ودخلوا من الشرك في أبواب بكثير من الأسباب .
ومن ذلك قول من يقول مخاطباً لابن عجيل :
هات لي منك يابن موسى إغاثة ***** عاجلاً في سيرها حثاثة
فهذا محض الاستغاثه التي لاتصلح لغير الله لميت من الأموات قد صار تحت أطباق الثرى من مئات السنين .
وقد وقع في البردة والهمزية شيء كثير من هذا الجنس ، ووقع أيضاً لمن تصدى لمدح نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولمدح الصالحين والأئمة الهادين ما لا يأتي عليه الحصر ، ولا يتعلق بالاستكثار منه فائدةٌ فليس المراد إلا التنبيه والتحذير لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد ( 59 / 60 )
……….
كلام العلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين في البردة
قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين في كتابه الرد على البردة :
قوله :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ***** سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** فضلاً وإلا فقل : يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ***** ومن علومك علم اللوح والقلم
مقتضى هذه الأبيات إثبات علم الغيب للنبي صلى الله عليه وسلم وأن الدنيا والآخرة من جوده وتضمنت الاستغاثة به صلى الله عليه وسلم من أعظم الشدائد ورجاءه لكشفها وهو الأخذ بيده في الآخرة وإنقاذه من عذاب الله ، وهذه الأمور من خصائص الربوبية والألوهية التي ادعتها النصارى في المسيح عليه السلام وإن لم يقل هؤلاء إن محمداً هو الله أو ابن الله ولكن حصلت المشابهة للنصارى في الغلو الذي نهى عنه صلى الله عليه وسلم بقوله : " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا عبدالله ورسوله " والإطراء هو المبالغة في المدح حتى يؤول " الأمر إلى " أن يجعل المدح شيء من خصائص الربوبية والألوهية .
وهذه الألفاظ صريحة في الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم كقوله :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ***** سواكأي وإلا فأنا هالك والنبي
أي وإلا فأنا هالك والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه : " لا ملجأ منك إلا إليك " .
وقوله :
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** ومنقذي من عذاب الله والألم
أو شافعاً لي …… إلخ . [ أي ] وإلا هلكت ، وأي لفظ في الاستغاثة أبلغ من هذه الألفاظ وعطف الشفاعة على ما قبلها بحرف أو في قوله : " أو شافعاً لي " صريح في مغايرة ما بعد أو لما قبلها وأن المراد مما قبلها طلب الإغاثة بالفعل والقوة . فإن لم يكن فبالشفاعة .
والناظم آل به المبالغة في الإطراء الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هذا الغلو والوقوع في هذه الزلقة العظيمة ونحو ذلك قوله في خطابه للنبي صلى الله عليه وسلم :
الأمان الأمان إن فؤادي ***** من ذنوب أتيتهن هراء
هذه علتي وأنت طبيبي ***** ليس يخفى عليك في القلب داء
فطلب الأمان من النبي صلى الله عليه وسلم وشكا إليه علة قلبه ومرضه من الذنوب فتضمن كلامه سؤاله من النبي صلى الله عليه وسلم مغفرة ذنبه وصلاح قلبه ، ثم أنه صرّح بأنه لا يخفى عليه في القلب داء فهو يعلم ما احتوت عليه القلوب . وقد قال سبحانه : { وممن حولكن من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم ( التوبة آية 101 ) وقال : { وآخرون من دونهـم لا تعلمونهم الله يلعمهم } ( الأنفال آية 60 ) وخفى عليه صلى الله عليه وسلم أمر الذين أنزل الله فيهم : { ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم } ( النساء آية 107 ) الآيات حتى جاء الوحي وخفى عليه صلى الله عليه وسلم أمر أهل الإفك حتى أنزل الله القرآن ببراءة أم المؤمنين رضي الله عنها وهذا في حياته فكيف بعد موته وهذا يقول : " وليس يخفى عليه في القلب داء " يعني أنه يعلم ما في القلوب والله سبحانه يقول : { والله عليم بذات الصدور } ( آل عمران آية 154 / والمائدة آية 7 ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليّ ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع فمن قضيت له بحق أخيه فلا يأخذه فإنما اقطع له قطعة من النار " .
ـــــــــــــ
كتاب الرد على البردة للعلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين ( ت / 1282 هـ ) ( ص 361 / 362 / 363 / 387 / 388 / )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلام العلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين في البردة من كتابه كتاب تأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس .
قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين :
قول الناظم : إن من جودك الدنيا وضرتها : أ ي من عطائك وإنعامك وإفضالك الدنيا والآخرة ، وهذا كلام لا يحتمل تأويله بغير ذلك ، ووازن بين قول الناظم من جودك الدنيا وضرتها وبين قوله تعالى : ( قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً) [ الجن : 21 ] . وقوله ( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ) [ الأنعام : 50 ] .
قال ابن كثير : " قل لا أقول لكم عندي خزائم الله " أي خزائن رزقه فأعطيكم ما تريدون ( ولا أعلم الغيب ) فأخبركم بما غاب مما مضى وما سيكون ( ولا أقول لكم إني ملك ) ؛ لأن الملك يقدر على ما لا يقدر عليه الآدمي ويشاهد ما لا يشاهده الآدمي .
وقوله تعالى : ( قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السـوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون) [ الأعراف : 118 ] . ص / 25
ــــــــــــ
وازن بين قول يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك ، وبين قول الذي له النبي صلى الله عليه وسلم : " أجعلتني لله ندًّا حيث قال له ما شاء الله وشئت " . فهذا لو قال ما لي من ألوذ به إلا الله وأنت ، لكان أقبح من قول القائل ما شاء الله وشئت ؛ لأن الله أثبت للعبد مشيئة لقوله : لمن شاء منكم أن يستقيم [ التكوير 28 ] فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا [ الإنسان : 29 ] فكيف إذا أفرد الرسول باللياذ والالتجاء من عذاب ذلك اليوم لا تكلم فيه نفس إلا بإذنه ! . ص / 45
ـــــــــــ
قول صاحب البردة
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** ومنقذي من عذاب الله والألم
هو استغاثة بل من أبلغ ألفاظ الاستغاثة، كقول الأبوين ( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنـا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ) [ الأعراف : 23 ] . وقول نـوح : (وإلا تغفر لي وترحمني أكـن من الخاسرين [ هود : 47 ] . وقول بني إسرائيل : لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين ) [ الأعراف : 149 ] . أترى أن الأبوين وجميع المذكورين يخبرون الله بأنه إن لم يغفر لهم ويرحمهم فهم خاسرون وأن هذا منهم مجرد إخبار ، بل كل أحد يعرف أن هؤلاء الذين أخبر الله عنهم بهذا الكلام يسألون الله ويرغبون إليه في أن يغفر لهم ويرحمهم ومعترفون بأنه إن لم يغفر لهم ويرحمهم فهم خاسرون .
وأما قول صاحب البردة وقول المشطِّر :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ***** سواك عند حلول الحادث العم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي**** ومنقذي من عذاب الله والألم
…………………………… ***** فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم
أي وإن لم تأخذ بيدي وتنقذني من عذاب الله فقل يا زلة القدم . أي فأنا خاسر أو هالك ، فهـو كقول الأبوين ( وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكـونن من الخاسريـن ) [ الأعراف : 23 ] . وقول نـوح : ( وإلا تغفـر لي وترحمني أكن من الخاسرين ) [ هود : 47 ] . وقول بني إسرائيل ( لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين) [ الأعراف : 149 ] . ص / 58 / 59
ـــــــــــ
كتاب تأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس . ص ( 25 / 45 / 58 / 59 )
للعلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين ـ رحمه الله ـ
……………
كلام العلامة محمد بن صالح بن عثيمين ـ رحمه الله ـ في البردة
قال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله في كتابه "القول المفيد على كتاب التوحيد " (1/218) :
وقد ضل من زعم أن لله شركاء كمن عبد الأصنام أوعيسى بن مريم عليه السلام ، وكذلك بعض الشعراء الذين جعلوا المخلوق بمنزلة الخالق ؛ كقول بعضهم يخاطب ممدوحاً له :
فكن كمن شئت يامن لاشبيه له ***** وكيف شئت فما خلق يدانيك
وكقول البوصيري في قصيدته في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم :
يا أكرمَ الخلْقِ مالي مَن ألوذُ به ***** سواك عند حدوثِ الحادثِ العَمــم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** فضلاً وإلا فقل يازلة القدم
فإن مِن جودك الدنيا وضَرتهـــا ***** ومن علومك علم اللوح والقلم
قال الشيخ ابن عثيمين حفظه الله: وهذا من أعظم الشرك لأنه جعل الدنيا والآخرة من جود الرسول صلى الله عليه وسلم، ومقتضاهُ أن الله جل ذكره ليس له فيهما شيء.
وقال -أي: البوصيري – [ومن علومك علم اللوح والقلم]، يعني : وليس ذلك كل علومك ؛ فما بقي لله علمٌ ولا تدبيرٌ ـ والعياذ بالله ـ . أ. هـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
"القول المفيد على كتاب التوحيد " (1/218)
………..
كلام العلامة صالح بن فوزان الفوزان في على البردة
قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان في كتابه إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد :
قوله تعالى ; ولا شفيعٌ ; أي : واسطة ، يتوسط له عند الله ، ما أحد يشفع لـه يوم القيامة إلا بإذن الله سبحانه وتعالى ، وبشرط أن يكون هذا الشخص ممن يرضى الله عنه ، هذه شفاعة منفيّة فبطل أمر هؤلاء الذين يتخذون الشفعاء ويظنون أنهم يخلصونهم يوم القيامة من عذاب الله كما يقول صاحب " البردة " :
يا أكرم الخلق ما لي من أولذ به ***** سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذاً ***** بيدي فضلاً وإلا فقل يا زلّة القدم
هذا على اعتقاد المشركين أن الرسول يأخذ بيده ويخلصه من النار ، وهذا ليس بصحيح ، لا يخلصه من النار إلا الله سبحانه وتعالى إذا كان من أهل الإيمان .
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ( 1 / 241 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن أنس رضي الله عنه : أن أناساً قالوا يارسول الله ، ياخيرنا وابن خيرنا ، وسيدنا وابن سيدنا ، فقال (( يا أيها الناس قولوا بقولكم ، ولايستهوينكم الشيطان ، أنا محمد رسول ؛ عبد الله ورسوله ، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل )) رواه النسائي بسند جيد .
فهذان الحديثان يُستفاد منهما فوائد عظيمة :
الفائدة الأولى : فيه التحذير من الغلوّ في حقِّه صلى الله عليه وسلم عن طريق المديح ، وأنّه صلى الله عليه وسلم إنّما يوصف بصفاتِه التي أعطاهُ الله إيَّاها : العبوديّة والرِّسالة ، أمّا أن يُغلي في حقَّه فيوصف بأنّه يفرِّج الكُروب ويغفر الذنوب ، وأنه يستغاث به – عليه الصلاة والسلام بعد وفاته ، كما وقع فيه كثيرٌ من المخرِّفين اليوم فيما يسمّونه بالمدائح النبوية في أشعارهم : " البردة " للبوصيري ، وما قيل على نسجها من المخرفين، فهذا غلو أوقع في الشرك،
كما قال البوصيري :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ***** سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ***** ومن علومك علم اللوح والقلم
فهذا غلوٌّ – والعياذ بالله – أفضى إلى الكفر والشِّرْك ، حتى لم يترُك لله شيئاً ، كلّ شيء جعله للرسول صلى الله غليه وسلم : الدنيا والآخرة للرسول ، علم اللوح والقلم للرسول ، لا ينقذ من العذاب يوم القيامة إلا الرسول ، إذاً ما بقي لله عز وجل ؟
وهذا من قصيدةٍ يتناقلونها ويحفظونها ويُنشدونها في الموالد .
وكذلك غيرُها من الأشعار ، كلّ هذا سببه الغلوّ في الرّسول صلى الله عليه وسلم .
وأمّا مدحُه صلى الله عليه وسلم بما وصفه الله به بأنّه عبدٌ ورسول ، وأنه أفضل الخلق ، فهذا لا بأس به ، كما جاء في أشعار الصحابة الذين مدحوه ، كشعر حسان بن ثابت ، وكعب بن زهير ، وكذلك كعب بن مالك ، وعبدالله بن رواحة ، فهذه أشعار نزيهة طيبة ، قد سمعها النبي صلى الله عليه وسلم وأقرها ، لأنها ليس فيها شيءٌ من الغلو ، وإنما فيها ذكر أوصافه صلى الله عليه وسلم .
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ( 2 / 312 )
ـــــــــــــــــــــــ
ففي قوله : " عبدالله " ردٌّ على الغلاة في حقه صلى الله عليه وسلم .
وفي قوله : " رسوله " ردٌ على المكذبين الذين يكذّبون برسالته صلى الله عليه وسلم ، والمؤمنون يقولون : هو عبدالله ورسوله .
هذا وجهه الجمع بين هذين اللفظين ، أن فيهما رداً على أهل الإفراط وأهل التفريط في حقه صلى الله عليه وسلم .
وفيه : ردٌ على الذين غلو في مدحه صلى الله عليه وسلم من أصحاب القصائد ، كقصيدة البُردة والهمزية وغيرهما من القصائد الشركية التي غلت في مدحه صلى الله عليه وسلم ، حتى قال البوصيري :
يا أكرم الخلق ما لي من أولذ به ***** سواك عند حلول الحادث العمم
فنسي الله سبحانه وتعالى .
ثم قال :
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم
يعني : ما ينجيه من النار يوم القيامة إلاّ الرسول .
ثم قال :
فإن من جودك الدّنيا وضرّتها ***** ومن علومك علم اللّوح والقلم
الدنيا والآخرة كلها من وجود النبي صلى الله عليه وسلم ، أما الله فليس له فضل ، هل بعد هذا الغلو من غلو ؟؟ .
واللّوح المحفوظ والقلم الذي كتب الله به المقادير هذا بعض علم النبي صلى الله عليه وسلم ، ونسي الله تماماً – والعياذ بالله – .
وكذلك من نهج على نهج البردة ممن جاء بعده ، وحاكاه في هذا الغلو ، هذا كله من الغلو في مدح النبي صلى الله عليه وسلم ومن الإطراء .
أما المؤمنون فيمدحون الرسول صلى الله عليه وسلم بما فيه من الصفات الحميدة والرسالة والعبودية ، كما أرشد إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، كما عليه شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم الذين مدحوه وأقرّهم ، مثل : حسّان بن ثابت ، وكعب بن مالك ، وكعب بن زُهير ، وعبدالله بن رواحة ، وغيرهم من شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم الذين مدحوه بصفاته صلى الله عليه وسلم ، وردوا على الكفّار والمشركين .
هذا هو المدح الصحيح المعتدل ، الذي فيه الأجر وفيه الخير ، وهو وصفه صلى الله عليه وسلم بصفاته الكريمة من غير زيادة ولا نُقصان .
ومن الغلو في حقه صلى الله عليه وسلم : إحياء المولد كل سنة ، لأن النصارى يحيون المولد بالنسبة للمسيح على رأس كل سنة من تاريخهم ، فبعض المسلمين تشبه بالنصارى فأحدث المولد في الإسلام بعد مضي القرون المفضلة ، لأن المولد ليس له ذكر في القرون المفضلة كلها ، وإنما حدث بعد المائة الرابعة ، أو بعد المائة السادسة لما انقرض عهد القرون المفضلة ، فهو بدعة ، وهو من التشبه بالنصارى .
وتبين هنا ما يُستفاد من هذه الأحاديث باختصار :
المسألة الأولى : التحذير من الغلو في مدحه صلى الله عليه وسلم ، لأن ذلك يؤدي إلى الشرك ، كما أدى بالنصارى إلى الشرك .
المسألة الثانية : فيه الرد على أصحاب المدائح النبوية التي غلوا فيها في حقه صلى الله عليه وسلم ، كصاحب البردة ، وغيره .
المسألة الثالثة : فيه النهي عن التشبه بالنصارى ، لقوله : " كما أطرت النصارى ابن مريم " .
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ( 1 / 274 / 280 / 281 )
ــــــــــ
فإذا كان الرسول أنكر الاستغاثة به فيما يقدر عليه ، فكيف بالاستغاثة به فيما لا يقر عليه إلا الله سبحانه وتعالى ؟ ، وكيف بالاستغاثة بالأموات ؟ . هذا أشد إنكاراً.
وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم منع من الاستغاثة الجائزة في حياته تأدُّباً مع الله ، فكيف بالاستغاثة به بعد وفاته ؟ ، وكيف بالاستغاثة بمن هو دونه من الناس ؟ . هذا أمر ممنوع ومحرّم . وهذا وجه استشهاد المصنّف رحمه الله بالحديث للترجمة .
إذاً فقول البوصيري :
يا أكرم الخلق ما لي من أولذ به ***** سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذاً ***** بيدي فضلاً وإلا قل يا زلّة القدم
فإن من جودك الدّنيا وضرّتها ***** ومن علومك علم اللّوح والقلم
أليس هذا من أكبر الشرك ؟
يقول : ماينقذ يوم القيامه إلا الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولايخرج من النار إلا الرسول صلى الله عليه وسلم ، أين الله سبحانه وتعالى ؟ .
ثم قال : إن الدنيا والآخرة كلها من جود الرسول صلى الله عليه وسلم ، وعلم اللوح المحفوظ والقلم الذي كتب في اللوح المحفوظ بأمر الله هو بعض علم الرسول صلى الله عليه وسلم ، إذ الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب .
وهذه القصيدة ـ مع الأسف ـ تطبع بشكل جميل وحرف عريض ، وتوزع ، وتقرأ ، ويُيعتنى بها أكثر مما يعتنى بكتاب الله عز وجل ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ( 1 / 202 )
ـــــــــــــــــــــ
بل إن بعض الغلاة يقول : إن التسمي بمحمد يكفي ، يقول صاحب البردة :
فإن لي ذمة منه بتسميتي محمداً ***** وهو أوفى الخلق بالذمم
لاينفع عند الله إلا العمل الصالح ، لا الأسماء ولا القباءل ، ولا شرف النسب ، ولا كون إنسن من بيت النبوة ، كل هذا لاينفع إلا مع العمل الصالح والاستقامة على دين الله عز وجل .
نعم القرابة من الرسول صلى الله عليه وسلم إذا كانت مع العمل الصالح لها فضل لاشك فيه ، فأهل البيت الصالحون المستقيمون على دين الله لهم حق ، ولهم شرف كرامة ، ويجب الوفاء بحقهم ، طاعة للرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنه أوصى بقرابته وأهل بيته ، لكن
يريد القرابة وأهل البيت المستقيمين على طاعة الله عز وجل ، أما المخرّف والدجّال والمشعوذ الذي يعتمد على قرابته من الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكنه في العمل مخالف للرسول صلى الله عليه وسلم ، فهذا لا يُعنيه شيئاً عند الله ، لو كان هذا ينفع أبا لهب ، ونفع أبا طالب، ونفع غيرهم ممن لم يدخلوا في دين الله ، وهم من قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فالواجب أن نتنبّه لهذا .
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ( 1 / 201 )
ـــــــــــــــــــ
راجع كتاب إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد للشيخ العلامة / صالح بن فوزان الفوزان
بسم الله الرحمن الرحيم
بمناسبة شهر ربيع: هذا بيان منزلة النبي … وأهل الغلو فيه…
جاءت النصوص مبينة أمرين مهمين في حق النبي صلى الله عليه وسلم:
الأول: بشريته، وكونه خلقا من خلق الله تعالى، من ولد آدم، ولد وعاش ومات كغيره من بني آدم.
الثاني: أنه أفضل البشر، وأحسنهم، وأعلاهم، وأقربهم إلى الله تعالى.
فمن النصوص في المعنى الأول قوله تعالى:
{قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون}.
{قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا * قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشد * قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا}..
{قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحي إلي وما أنا إلا نذير مبين}.
{ ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين}..
{ وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفئن مت فهم الخالدون}..
والآيات في المعنى كثيرة، أما الأحاديث فمنها:
ما رواه الإمام البخاري بسنده عن عمر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
(لا تُطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مرين، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله) .
وما رواه الإمام أحمد بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم:
(ما شاء الله وشئت! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أجعلتني والله عدلا؟!بل ما شاء الله وحده) .
وما رواه الإمام أحمد بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا قال:
( يا محمد! يا سيدنا، وابن سيدنا، وخيرنا، وابن خيرنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس! عليكم بتقواكم، لا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد بن عبد الله، عبد الله ورسوله، والله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله) .
وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تربية أصحابه رضوان الله عليهم على هذا المعنى، وهو أن النبي – مهما بلغ – فلن يبلغ أن يكون إلهاً وربا مسؤولا، فكان حرصهم رضوان الله عليهم على طلب مرضاة الله تعالى وسؤاله والرغبة إليه فوق كل شيء، ولم يكن في قلوبهم الرغبة إلى المخلوق أو طلب الحسْب منه مهما كان شأنه، ومن أمثلة ذلك:
ما رواه الإمام البخاري في حادثة الإفك بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت:
" فلما سُري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُري عنه وهو يضحك، فكانت أول كلمة تكلم بها: (يا عائشة! أما الله عز وجل فقد برأك)، فقالت لي أمي: قومي إليه، قالت: فقلت: والله لا أقوم إليه، فإني لا أحمد إلا الله تعالى" .
وما رواه الإمام البخاري – أيضا – بسنده عن كعب بن مالك رضي الله عنه في قصة توبته قال: "فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك)، قال: قلت: أمن عندك يا رسول الله، أم من عند الله؟، فقال: (لا، بل من عند الله)" .
و لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قام أبو بكر رضي الله فقال كما روى الإمام البخاري بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما:" أما بعد:
فمن كان منكم يعبد محمدا صلى الله عليه وسلم فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، قال الله:
{وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين}" .
ذلك فيما يتعلق بالأمر الأول، وهو بشريته صلى الله عليه وسلم.
أما فيما يتعلق بالأمر الثاني، وهو أفضليته صلى الله عليه وسلم على سائر الخلق، فاصطفاؤه بالرسالة الكاملة الخاتمة الشاملة، وتقديمه على الخواص من الأنبياء والرسل، واتخاذه خليلا، وجعله سيد ولد آدم، واختصاصه بأنواع من الشفاعة، روى الإمام مسلم بسنده عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( لو كنت متخذا خليلا، لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكنه أخي وصاحبي، وقد اتخذ الله صاحبكم خليلا) .
وروى مسلم – أيضا – بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع) .
وروى الإمام أحمد بسنده عن عبد المطلب بن ربيعة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، ألا إن الله خلق خلقه، فجعلني من خير خلقه، ثم فرقهم فرقتين فجعلني من خير الفرقتين، ثم جعلهم قبائل فجعلني من خيرهم قبيلة، ثم جعلهم بيوتا، فجعلني من خيرهم بيتا، وأنا خيركم بيتا وخيركم نفسا) .
ويكفي من ذلك كله أن الله تعالى شهد له بالعبودية الكاملة، ووصفه بها في أشرف المواطن، في الإسراء والمعراج في أول سورة الإسراء، وفي مقام التحدي في سورة البقرة، وفي مقام الدعوة في سورة الجن.
فقد وصف بالعبودية في هذه المواطن الشريفة، مما يدل على أن هذا الوصف هو وصف تشريف وتكريم، وليس انتقاصا كما قد يظن من يظن.
فالنبي صلى الله عليه وسلم عبد رسول، كما وصف هو نفسه بذلك في قوله الذي رواه الإمام البخاري بسنده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
( إنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله) .
وفي هذا رد على طائفتين غاليتين:
الأولى: مفْرِطة، رفعته فوق منزلته، فجعلته فوق مرتبة العبودية، في مرتبة الربوبية والألوهية، حتى صار عندها إلها وربا مسؤولا.
الثانية: مفَرّطة، لم تعرف منزلته ولا قدره ولا حقوقه، فعاملته كسائر البشر، فلم ترفع بهديه رأسا.
فوصفه بالعبودية رد على الطائفة الأولى، ووصفه بالرسالة رد على الطائفة الثانية، وهذا هو التوسط، وهو خير الأمور، وبذلك نعطي النبي حقه ومنزلته، دون غلو أو إجحاف.
فمن كلام الغالين في حق النبي صلى الله عليه وسلم ما قاله البوصيري في البردة التي يرددها ملايين الصوفية في العالم، في كل آن، خاصة في الموالد النبوية في شهر ربيع:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به……….سواك عند حلول الحادث العمم
ولن يضيق رسول الله جاهك بي………..إذا الكريم تجلى باسم منتقم
فإن من جودك الدنيا وضرتها…………ومن علومك علوم اللوح والقلم
فهذا هو الغلو بعينه، بل هو الشرك والكفر الأكبر، حيث استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، فقد استغاث به وهو ميت، والميت لا يستغاث به، فهو لا يقدر على شيء..
ثم إنهم زعموا أن هذه الاستغاثة إنما تكون يوم القيامة..
ولو فرضنا الأمر كما قالوا، فكيف لهم أن يتقدموا بهذه الاستغاثة في الدنيا قبل حلول الآخرة؟..
إنهم استغاثوا به حال موته، وهذا هو المحرم.
ثم الزعم أن الدنيا والآخرة إنما هما من جود النبي صلى الله عليه وسلم:
فهل هما من جود النبي؟..
هل أوجدهما النبي؟..
أم وجدا لأجل النبي؟…
أما الأول فباطل لا ريب، فلا خالق إلا الله..
أما الثاني فهو الغلو بعينه، ومن أين لهم أن الدنيا والآخرة ما وجدتا إلا لأجل النبي صلى الله عليه وسلم؟، بل عندنا أن الله ما خلق الخلق إلا لعبادته، قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.
ثم القول بأن من علوم النبي علم اللوح والقلم، فذلك معناه أن علم النبي زيادة على ما في اللوح والقلم، إذن هو يعلم ما كان وما لم يكن، وزيادة، وهذا باطل، فالنبي لا يعلم ما في غد، إلا شيئا علمه الله، والله تعالى لم يعلمه كل شيء، وقد قال الله تعالى:
{قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون}.
أما هؤلاء فيزعمون أن النبي يعلم كل شيء في اللوح وزيادة، ويدعون أن الله علمه، وذلك باطل، ولم يكن، ولو كان لما أخبر النبي عن نفسه أنه لا يعلم الغيب، ولما مسه السوء..
وهؤلاء بلاياهم وغلوهم كبير في النبي، فهذا ابن عربي يقول:
" بدء الخلق الهباء، وأول موجود فيه الحقيقة المحمدية الرحمانية" الفتوحات المكية 1/118
ويقول الحلاج:
" أنوار النبوة من نوره برزت، وأنوارهم من نوره ظهرت، وليس في الأنوار نور أنور وأظهر وأقدم سوى نور صاحب الكرم… همته سبقت الهمم، ووجوده سبق العدم، واسمه سبق القلم، لأنه كان قبل الأمم… العلوم كلها قطرة من بحره.. والأزمان ساعة من دهره" الطواسين 13
وقال ابن الدباغ:
" اعلم أن أنوار المكونات كلها من عرش وفرش وسموات وأرضين وجنات وحجب وما فوقها وما تحتها إذا جمعت كلها وجدت بعضا من نور محمد، وأن مجموع نوره لو وضع على العرش لذاب، ولو وضع على الحجب السبعين التي فوق العرش لتهافتت، ولو جمعت المخلوقات كلها ووضع ذلك النور العظيم عليه لتهافتت وتساقطت" هذه هي الصوفية ص87 نقلا عن محبة الرسول ص203
فمثل هذا هو الغلو، وهو رفع للنبي فوق منزلته، والله لا يرضى بذلك، ولا النبي صلى الله عليه وسلم..
أبو سارة
سئل فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين حفظه الله كما في " فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين " إعداد وترتيب أشرف عبد المقصود ( 1 / 126 ) : ما الحكم الشرعي في الاحتفال بالمولد النبوي ؟
فأجاب فضيلته :
نرى أنه لا يتم إيمان عبد حتى يحب الرسول صلى الله عليه وسلم ويعظمه بما ينبغي أن يعظمه فيه ، وبما هو لائق في حقه صلى الله عليه وسلم ولا ريب أن بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام ولا أقول مولده بل بعثته لأنه لم يكن رسولاً إلا حين بعث كما قال أهل العلم نُبىءَ بإقرأ وأُرسل بالمدثر ، لا ريب أن بعثته عليه الصلاة والسلام خير للإنسانية عامة ، كما قال تعالى : ( قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورَسُولِهِ النبي الأمي الذين يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون ) ( الأعراف : 158 ) ، وإذا كان كذلك فإن من تعظيمه وتوقيره والتأدب معه واتخاذه إماماً ومتبوعاً ألا نتجاوز ما شرعه لنا من العبادات لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفى ولم يدع لأمته خيراً إلا دلهم عليه وأمرهم به ولا شراً إلا بينه وحذرهم منه وعلى هذا فليس من حقنا ونحن نؤمن به إماماً متبوعاً أن نتقدم بين يديه بالاحتفال بمولده أو بمبعثه ، والاحتفال يعني الفرح والسرور وإظهار التعظيم وكل هذا من العبادات المقربة إلى الله ، فلا يجوز أن نشرع من العبادات إلا ما شرعه الله ورسوله وعليه فالاحتفال به يعتبر من البدعة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كل بدعة ضلالة " قال هذه الكلمة العامة ، وهو صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بما يقول ، وأفصح الناس بما ينطق ، وأنصح الناس فيما يرشد إليه ، وهذا الأمر لا شك فيه ، لم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم من البدع شيئاً لا يكون ضلالة ، ومعلوم أن الضلالة خلاف الهدى ، ولهذا روى النسائي آخر الحديث : " وكل ضلالة في النار " ولو كان الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم من الأمور المحبوبة إلى الله ورسوله لكانت مشروعة ، ولو كانت مشروعة لكانت محفوظة ، لأن الله تعالى تكفل بحفظ شريعته ، ولو كانت محفوظة ما تركها الخلفاء الراشدون والصحابة والتابعون لهم بإحسان وتابعوهم ، فلما لم يفعلوا شيئاً من ذل علم أنه ليس من دين الله ، والذي أنصح به إخواننا المسلمين عامة أن يتجنبوا مثل هذه الأمور التي لم يتبن لهم مشروعيتها لا في كتاب الله ، ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا في عمل الصحابة رضي الله عنهم ، وأن يعتنوا بما هو بيّن ظاهر من الشريعة ، من الفرائض والسنن المعلومة ، وفيها كفاية وصلاح للفرد وصلاح للمجتمع .
وإذا تأملت أحوال هؤلاء المولعين بمثل هذه البدع وجدت أن عندهم فتوراً عن كثير من السنن بل في كثير من الواجبات والمفروضات ، هذا بقطع النظر عما بهذه الاحتفالات من الغلو بالنبي صلى الله عليه وسلم المؤدي إلى الشرك الأكبر المخرج عن الملة الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه يحارب الناس عليه ، ويستبيح دماءهم وأموالهم وذراريهم ، فإننا نسمع أنه يلقى في هذه الاحتفالات من القصائد ما يخرج عن الملة قطعاً كما يرددون قول البوصيري :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به
إن لم تكن آخذاً يوم المعاد يدي
فإن من جودك الدنيا وضرتها
سواك عند حدوث الحادث العمم
صفحاً وإلا فقل يا زلة القدم
ومن علومك علم اللوح والقلم
مثل هذه الأوصاف لا تصح إلا لله عز وجل ، وأنا أعجب لمن يتكلم بهذا الكلام إن كان يعقل معناه كيف يسوغ لنفسه أن يقول مخاطباً النبي عليه الصلاة والسلام : ( فإن من جودك الدنيا وضرتها ) ومن للتبعيض والدنيا هي الدنيا وضرتها هي الآخرة ، فإذا كانت الدنيا والآخرة من جود الرسول عليه الصلاة والسلام ، وليس كل جوده ، فما الذي بقي لله عز وجل ، ما بقي لله عز وجل ، ما بقي له شيء من الممكن لا في الدنيا ولا في الآخرة .
وكذلك قوله لله : ( ومن علومك علم اللوح والقلم ) ومن : هذه للتبعيض ولا أدري ماذا يبقى تعالى من العلم إذا خاطبنا الرسول عليه الصلاة والسلام بهذا الخطاب .
ورويدك يا أخي المسلم .. إن كنت تتقي الله عز وجل فأنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلته التي أنزله الله .. أنه عبد الله ورسوله فقل هو عبدالله ورسوله ، واعتقد فيه ما أمره ربه أن يبلغه إلى الناس عامة : ( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لك إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي ) ( الأنعام : 50 ) ، وما أمره الله به في قوله : ( قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً ) ( الجن : 21 ) ، وزيادة على ذلك : ( قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحداً ) ( الجن : 22 ) ، حتى النبي عليه الصلاة والسلام لو أراد الله به شيئاً لا أحد يجيره من الله سبحانه وتعالى .
فالحاصل أن هذه الأعياد أو الاحتفالات بمولد الرسول عليه الصلاة والسلام لا تقتصر على مجرد كونها بدعة محدثة في الدين بل هي يضاف إليها شئ من المنكرات مما يؤدي إلى الشرك .
وكذلك مما سمعناه أنه يحصل فيها اختلاط بين الرجال والنساء ، ويحصل فيها تصفيق ودف وغير ذلك من المنكرات التي لا يمتري في إنكارها مؤمن ، ونحن في غِنَى بما شرعه الله لنا ورسوله ففيه صلاح القلوب والبلاد والعباد
فتوى الشيخ :
محمد بن عثيمين حفظه الله
في حكم الاحتفال بالمولد
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد:
هذه القصيدة للشاعر البوصيري مشهورة بين الناس ولا سيما بين الصوفيين.
ولو تدبرنا معناها لرأينا فيها مخالفات للقرآن الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم !
يقول في قصيدته:
1- يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به * * * سواك عند حلول الحادث العمم
يستغيث الشاعر بالرسول صلى الله عليه وسلم ويقول له: لا أجد من ألتجئ إليه عند نزول الشدائد العامة إلا أنت، وهذا من الشرك الأكبر الذي يُخلد صاحبه في النار إن لم يتب منه، لقوله تعالى:
{ ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين } [ يونس: 106].( أي المشركين ) لأن الشرك ظلم عظيم.
وقوله صلى الله عليه وسلم:{ من مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار } رواه البخاري.
( الند: المثيل ).
2- فإن من جودك الدنيا وضرتها * * * ومن علومك علم اللوح والقلم
وهذا تكذيب للقرآن الذي يقول الله فيه: { وإن لنا للآخرة والأولى } فالدنيا والآخرة هي من الله ومن خلْقِهِ، وليست من جود الرسول صلى الله عليه وسلم وخلقه، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم ما في اللوح المحفوظ، إذ لا يعلم ما فيه إلا الله وحده، وهذا إطراء ومبالغة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم حتى جعل الدنيا والآخرة من جود الرسول وأنه يعلم الغيب الذي في اللوح المحفوظ بل إن ما في اللوح من علمه وقد نهانا الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإطراء فقال: { لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله } رواه البخاري.
3- ما سامني الدهر ضيماً واستجرت به * * * إلا ونلت جواراً منه لم يُضَم
يقول: ما أصابني مرض أو همٌّ وطلبت منه الشفاء أو تفريج الهم إلا شفاني وفرَّج همي.
والقرآن يحكي عن إبراهيم عليه السلام قوله عن الله عز وجل: { وإذا مرضتُ فهو يشفين } [الشعراء: 80].
والله تعالى يقول: { وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو } [الأنعام: 17].
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: { إذا سألت فأسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله } رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
4- فإن لي منه ذمة بتسميتي محمداً * * * وهو أوفى الخلق بالذمم
يقول الشاعر: إن لي عهداً عند الرسول أن يدخلني الجنة، لأن اسمي محمداً، ومن أين له هذا العهد ؟
ونحن نعلم أن كثيراً من الفاسقين والشيوعيين من المسلمين اسمه محمد، فهل التسمية بمحمد مُبرر لدخولهم الجنة ؟ والرسول صلى الله عليه وسلم قال لبنته فاطمة رضي الله عنها:{ سليني من مالي ما شِئْتِ، لا أُغني عنك من الله شيئاً } رواه البخاري.
5- لعل رحمة ربي حين يقسمها * * * تأتي على حسب العصيان في القسم
وهذا غير صحيح، فلو كانت الرحمة تأتي قسمتها على قدر المعاصي كما قال الشاعر لكان على المسلم أن يزيد في المعاصي حتى يأخذ من الرحمة أكثر، وهذا لا يقوله مسلم
ولا عاقل ولأنه مخالف قول الله تعالى: { إن رحمت الله قريب من المحسنين } [الأعراف:56] .
والله تعالى يقول: { ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون } [الأعراف: 156].
6- وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من * * * لولاه لم تخرج الدنيا من العدم
الشاعر يقول لولا محمد صلى الله عليه وسلم لما خُلقت الدنيا، والله يكذبه ويقول: { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } [الذاريات: 56].
وحتى محمد صلى الله عليه وسلم خُلق للعبادة وللدعوة إليها يقول الله تعالى: { وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين } [الحجر: 99].
7- أقسمت بالقمر المنشق إن له * * * من قلبه نسبة مبرورة القسم
الشاعر يقسم ويحلف بالقمر والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: { من حلف بغير الله فقد أشرك } حديث صحيح رواه أحمد.
ثم يقول الشاعر يخاطب الرسول قائلاً:
8- لو ناسبتْ قدرَه آياتُه عِظَماَ * * * أحيا اسمه حين يُدعى دَارِسَ الرِمَمِ
ومعناه: لو ناسبتْ معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم قدره في العِظَم، لكان الميت الذي أصبح بالياً يحيا وينهض بذكر اسم الرسول صلى الله عليه وسلم، وبما أنه لم يحدث هذا فالله لم يُعط الرسول صلى الله عليه وسلم حقه من المعجزات، فكأنه اعتراض على الله حيث لم يعط رسول الله صلى الله عليه وسلم حقه!!
وهذا كذب وافتراء على الله، فالله تعالى أعطى كل نبي المعجزات المناسبة له، فمثلاً أعطى عيسى عليه السلام معجزة إبراء الأعمى والأبرص وإحياء الموت، وأعطى لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم معجزة القرآن الكريم، وتكثير الماء والطعام وانشِقاق القمر وغيرها.
ومن العجيب أن بعض الناس يقولون: إن هذه القصيدة تسمى بالبردة وبالبُرأة، لأن صاحبها كما يزعمون مرض فرأى الرسول صلى الله عليه وسلم، فأعطاه جبته فلبسها فبرىء من مرضه
– وهذا كذب وافتراء- حتى يرفعوا من شأن هذه القصيدة، إذ كيف يرضى الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الكلام المخالف للقرآن ولهديه صلى الله عليه وسلم وفيه شرك صريح.
علماً بأن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له:ما شاء الله وشِئْتَ، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : { أجعلتني لله نداً ؟ قل ما شاء الله وحده } رواه النسائي بسند جيد.
والند: المثل والشريك.
فاحذر يا أخي المسلم من قراءة هذه القصيدة وأمثالها المخالفة للقرآن، وهدي الرسول عليه الصلاة والسلام، والعجيب أن في بعض بلاد المسلمين من يُشَيع بها موتاهم إلى القبور، فيضمون إلى هذه الضلالات بدعة أخرى حيث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصمت عند تشييع الجنائز ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
نقلاً من كتاب"معلومات مهمة عن الدين"
ماذا تعرف عن قصيدة البردة
الشيخ محمد جميل زينوا
بس وايد طويل نقلته عندي على الاب عشان اقراه
اكثر من مره مشكووووورررره الغاليه جزاج الله خير
بس وايد طويل نقلته عندي على اللاب عشان اقراه
اكثر من مره مشكووووورررره الغاليه جزاج الله خير
فعلا موضوع يستحق القراءة والتثبيت أيضا
جزاكم الله خيرا
اثابك الله اختى الكريمه انا بطبعه احسن عشان اقراه بس الموضوع محتواه رائع
تسلمين
خطباء قطر ينكرون بدعة المولد – جزاهم الله خيرا
في مساجد قطر يؤكدون على بدعية الاحتفال بالمولد النبوي| تاريخ النشر:يوم السبت ,31 مارس 2024 2:19 أ.م.
عبدالله مهران :
تناول خطباء المساجد في الدوحة وعموم قطر بــــــــدعة الاحتفــــــــال بالمـــــــولد النبــــــــوي، مؤكدين أن الثاني عشر من ربيع الأول هو تاريخ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم باتفاق الأمة، أما تاريخ ميلاده الشريف فمحل اختلاف بين أهل العلم، وهو أحد سبعة أقوال في هذا الشأن، ولو كان الاحتفال بيوم مولده صلى الله عليه وسلم مما ينفع الناس في دينهم ودنياهم لكان معلوما مشهورا ولاحتفل به الصحابة والتابعون أقرب الناس وأكثرهم حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأكــــــــدوا جميعـــــــا على بدعيــــــــة الاحتفـــــــــال بالمــــــــولد النبوي وأنه لا يعبـــــــر عن حب النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يكتمل الإيمان في قلب مسلم إلا به.
وفي جامع حمد بن خالد آل ثاني بعين خالد طرح الشيخ عبدالله البكري في بداية خطبته تساؤلا مفاده هل الاحتفال بالمولد بدعة أم سنة؟ ولماذا لم نحتفل في قطر بالمولد مثل كثير من المسلمين؟ ألسنا نحب نبينا صلى الله عليه وسلم؟ وفند الشيخ عبدالله البكري الكثير من الشبهات التي يثيرها المحتفلون بالمولد، مؤكدا أن الذي ابتدع الاحتفال بالمولد هم أكذب الفرق واشدها حقدا على أهل الحق المعروفون تاريخيا بالفاطميين.
وفي جامع عثمان بن عفان بمدينة الخور أكـــــــــد الشيخ محمد بن حسن المريخي أنه لم يثبت عن أحد من الصحابة أو التابعين أنه احتفل بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، بل لم يثبت أن رسول الله ولد في الثاني عشر من ربيع الأول كما يزعم كثير من المبتدعة في الدين، مبينا أن الاحتفال بالمولد من الأمور البدعية التي لا يشك عاقل في كونها من المحدثات التي أدخلها شياطين الإنس على الدين ليشككوا المسلمين في دينهم ويلبسوا عليهم الحق.
وفي جامع صهيب الرومي بالوكرة أوضح الشيخ أحمد بن محمد البوعينين أن التعبير عن حب النبي صلى الله عليه وسلم ليس بالاحتفالات التي تقام هنا أو هناك وإنما باتباع هديه في كل ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم.
وبين الشيخ البوعينين أن في الاحتفال بالمولد إساءة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم التي لم يثبت فيها أي شيء عن الاحتفال بالمولد سواء في حياة النبي صلى الله عليه وسلم أو عقب وفاته.
وفي جامع عبدالرحمن بن حمد آل ثاني بالمطار القديم تناول الشيخ علاء رجب حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على المسلمين من الطاعة والمحبة والتعظيم والتوقير، وأن هذه الأمور لا تتحقق إلا بالاتباع للسنة وعدم الابتداع في الدين، مبينا أن ما يشهده العالم اليوم من احتفالات بالمولد يعد بدعة منكرة لم يفعلها أحد الصحابة أو التابعين.
المــــــــولد بـــــــــــدعة أم سنــــــــة ؟؟؟؟
تساءل الشيخ عبدالله البكري في خطبته قائلاً: يحتفل كثير من المسلمين بما يسمونه ذكرى المولد النبوي على نبيا أفضل الصلاة والسلام فلماذا لا نحتفل معهم؟
السنا نحب نبينا كما يحبه اخواننا هؤلاء؟
ماذا يضرنا لو فعلنا كفعلهم لنعبر عن محبتنا لنبينا صلى الله عليه وسلم؟
لماذا يعد بعض المسلمين هذا الاحتفال طاعة وقربة، ويعده آخرون بدعة ؟؟؟
تساؤلات تدور في أذهان البعض تقابلها تساؤلات نجيب عنها لتتضح الأمور وتنجلي الحقائق:
فنســــــــأل أولاً:
هــــــــل الاحتفال بالمولد من الدين؟ وهـــــــــل شرعه نبينا الكريم؟
هــــــــل فعله الصحابة والتابعون؟ هــــــــــل فعله أئمة الإسلام كالأئمة الأربعة وغيرهم؟
مـــــــــن الذي اخترع المولد؟ ومتـــــــــي؟ ولمــــــــاذا؟
وهـــــــــل الثاني عشر من ربيع الأول تاريخ مولد النبي صلى الله عليه وسلم أم تاريخ وفاته؟
وأكــــــد في إجـــــــابته على هذه الأسئلة أن الاحتفال بالمولد ليــــــــس من الدين في شيء فالدين الذي قال الله تعالى عنه: {اليوم أكملت لكم دينكم} يوم أن كمل لم يكن فيه هذا المولد وغيره من الاحتفالات البدعية.
ونبينــــــــا صلى الله عليه وسلم لــــــــم يفعـــــــــله ولــــــــم يأمــــــــرنا به بل لــــــم يسمع به في حياته، وكــــــــذلك صحــــــــــابته الكرام الذيـــــــــن هم أقـــــــــرب النـــــــــاس إليــــــــه وأشدهم تعظيماً له وتوقيراً، لـــــــــــم يقيمـــــــــوا الموالد بل ولم يسمعوا بها.. وكيــــــــــــف يحـــــــــــدثون مثل هذا وهـــــــــم الذيـــــــن نقــــــــــلوا لنـــــــــا عــــــــــن نبيــــــــــهم صلى الله عليه وسلم انــــــــــه قــــــــــــال: «وايـــــــــاكم ومحدثات الأمور فــــــإن كل محــــــــدثة بـــــــدعة وكـــــــل بــــــــدعة ضـــــــلالة وكــــــــل ضــــــــلالة في النـــــــار» وكانوا يكررون هذا الحديث على الاسماع على الدوام لعلمهم أن انفراط عقد الدين مرهون بالاحداث فيه وانتشار البدع، لانه ما من بدعة تحيا الا ويموت في مقابلها سنة أو سنن.
وهكذا التابعون والأئمة الأربعة ومن بعدهم من أئمة الإسلام في القرون الثلاثة التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالخيرية لم يعرفوا بدعة المولد ولم يسمعوا بها قط.
مختــــــــــرعو هذه البدعة ….
وأضاف هنا نأتي لجواب السؤال الكبير: مـــــــــن الذي اختــــــــرع هذه البــــــــــدعة؟ ومتـــــــى؟ ولمــــــــــاذا؟
اما من الذي اختـــــــــرعها وابتــــــــــدعها، فأكــــــــذب الفــــــــــرق، وأشـــــــــدها حقـــــــــداً على أهل الحــــــــق، أعـــــــــداء الصحـــــــــابة الكرام، وقــــــــــذفة أمهــــــــات المؤمنين، ومدعـــــــــو تحـــــــــريف كلام رب العالمين.. وذلك على يد بعض كبرائهم المعروفين في التاريخ باسم الفـــــــــاطميين دورا وكذبا وهم عند المحققين من المؤرخين أحفاد عبيد الله بن ميمون القداح اليهـــــــــودي.. الذين حكموا مصر والمغرب نحو قرنين من الزمان فنكلوا بأهل السنة أشد التنكيل على نحو فعلهم اليوم، وسبوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وازواجه الطاهرات من على رؤوس المنابر.
هــــــــــؤلاء هم الذين اختـــــــــرعوا بـــــــــدعة المـــــــــولد تشبهــــــــا بالنصـــــــاري في احتفالهم بمولد المسيح عليه السلام «ومن تشبه بقوم فهو منهم» وتلبيساً على أهل الإسلام وأنهم مازالوا على الإسلام والإسلام برىء منهم.
الصـــــــدق في المحبــــــــة ..!
وأوضح الشيخ البكري أن الإنسان إذا كان صادقا في دعوى محبة الله ورسوله فليكن متبعاً لشريعة الله، متبعا لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فان لم يكن متبعا فإنه كاذب في دعواه، لأن هذا الميزان ميزان صدق وعدل، إذن فلننظر هل الاحتفال بليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم هل هو من شريعة الله؟ هل فعله النبي صلى الله عليه وسلم؟ هل فعله الخلفاء الراشدون؟ هل فعله الصحابة الكرام؟ هل فعله التابعون لهم بإحسان؟.. ان الجواب على كل هذه التساؤلات بالنفي المحض القاطع، ومن ادعى خلاف ذلك فليأتوا به: «قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين». ا. هـ.
أيهـــــــــا الاخــــــــــوة الكــــــــرام..
ان ديننا دين مكتمل أكمله الله وأتمه، وشرعنا شرع منضبط بالدليل والبرهان لا مجال للاهواء والبدع فيه.
وشدد الشيخ عبدالله البكري على أن الثاني عشر من ربيع الأول هو تاريخ وفاة نبينا صلى الله عليه وسلم باتفاق الأمة أما كونه تاريخ ميلاده فمحل خلاف بين أهل العلم وهو أحد سبعة أقوال في المسألة..
فأكثر العلماء على انه في ربيع الأول ومنهم من قال في رمضان ومنهم من قال غير ذلك ثم الذين قالوا أن مولده كان في ربيع الأول، اختلفوا على أقوال «12، 8، 9، 10، 17، 18» ولو كان معرفة يوم مولده مما ينفع الناس في دينهم لكان معلوما مشهوراً.
وإذا نظــــــــرنا إلى العبيــــــدييـــــــــــن الذين اخترعــــــــــوا المولد وتــــــــــاريخهم الأســـــــــــود مع المسلميــــــــــن فلا نستبعد أنهم كانوا يحتفلون بيوم وفاته فقلدهم غيرهم جهلا بحقيقتهم وحقيقة مولدهم.
والا فليس الاحتفال بمولده بأولى من الحزن لوفاته ولكن ديننا ليس دين احتفالات ولا مأتم بل دين براهين وحقائق.
التحـــــــــذير من البــــــــــدع
وفي جامع عثمان بن عفان بالخور حذر الشيخ محمد بن حسن المريخي من البدع والمبتدعين، مبينا أن التحـــــــذير من البـــــــدعة والمبتـــــــدع جــــــــاء في القــــــــرآن والسنــــــــة لخطورة هذا البلاء على دين الله تعالى.
يقول الله تعالى: {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله}.
وقد تلا رسول الله هذه الآية ثم قال لعائشة رضى الله عنها: فاذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم. رواه البخاري ومسلم.
وقال عز وجل «ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات، وأولئك لهم عذاب عظيم. يوم تبيض وجوه وتسود وجوه».
وأضاف المريخي ان الله تعالى امرنا باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم وملازمة أمره كما نصحنا نبينا صلى الله عليه وسلم كذلك بسنته ومتابعته فقال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور». رواه أبو داود والترمذي وغيرهما.
وقد قال الله تعالى: {فاستمسك بالذي أوحى إليك انك على صراط مستقيم}.
ولقد اخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم محذراً من فئة ضالة تعمل على افساد دين الله القويم وهي المبتدعة المخربة المضللة الذين لم يكتفوا بالشريعة وأبوا إلا الخوض في الدين وتلبيس الأمر على المسلمين.
عنصـــــــــر خبيـــــــــث
وأكـــــــــد المريخي ان المبتدع عنصر خبيث هدام في جسد الأمة، يستدرك ببدعته على الله ورسوله. لسان حاله يقول لله عز وجل إن الدين لم يكمل، والله تعالى قال: «اليوم أكملت لكم دينكم» كما يقول المبتدع لرسول الله بلسان حاله: انك لم تبلغ الدين فهو يبلغ ما تبقى من الدين كما يزعم.
والنبي صلى الله عليه وسلم أشهد الأمة في حجة الوداع في عرفة يقول: انكم مسؤولون عني فما أنتم قائلون؟
قالوا: نشهد أنك بلغت وأديت ونحت. ثم قال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكبها إلى الناس: اللهم أشهد، اللهم أشهد اللهم اشهد.
ان شهر ربيع الأول وبالتحديد في الثاني عشر منه يركض المبتدعة فيه ببدعة المولد النبوي يحتفلون بمولد رسول الله زعموا وللأسف تعطل لهذه البدعة المفتراة دول وتتوقف اعمال وتؤجل مشاريع وتضيع فرص وتذهب أرواح عند البالغين وترتكب محرمات ولا يخفى علي أحد بدعة الاحتفال بالمولد النبوي، فلم يثبت أولاً ان رسول الله ولد في الثاني عشر من ربيع الأول. ولم يأمر صلى الله عليه وسلم أحداً بالاحتفال بمولده وصحابته الابرار الذين شربوا دمه، وتدلكوا بنخامته واحتفظوا بشعر رأسه وأظفاره واتخذوا عرقه دواء لهم وتبركوا بكل شيء مس بدنه الشريف لم يفعلوا هذا المولد البدعي وهو أحب اليهم من أنفسهم، وهم أدرى وأعلم بما يجب ويكره وهو الذي وجهنا بانتهاج منهجهم بعد سنته فقال «فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي» ايها المسلمون: لقد خلت القرون الخيرة من هذه الأمة التي اجمعت على خلو منهج النبي صلى الله عليه وسلم من مثل هذه البدعة، وأنه لا يشك مجنون فاقد لعقله فضلاً عن عاقل أنها من المحدثات وأن اتباع الشيطان هم أول من استحدثوها حقداً على المسلمين لتشكيكهم وتشتيت تفكيرهم.
الحـــــــب بالاقتـــــــــداء لا الافتــــــــــراء
وفي جامع صهيب الرومي بالوكرة أكد الشيخ أحمد بن محمد البوعينين ان حب النبي يتمثل في الاقتداء به ونصرة دينه بدلا من المولد والاهازيج والافتراءات على السنة النبوية.
وأضاف لقد فضلكم الله على سائر الأمم كما فضل نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم على سائر النبيين واشتق لكم اسمين من اسمائه الحسني فهو السلام ـ المؤمن.
وسماكم المسلمين والمؤمنين كنتم اذلة قبل الإسلام فعزكم الله وكنتم على شفا حفرة فأنقذكم الله منها كنتم تهيمون في الظلمات فأخرجكم الله من الظلمات إلى النور.
وان من عــــــــــلامة محبــــــــــة النبــــــــــي صلى الله عليه وسلم الـــــــــذب عن سنـــــــــــة المصطفى كل يوم يخرج لنا من بني جلدتنا ينتمون إلى الإسلام وهم يسيئون لسنة النبي صلى الله عليه وسلم مرة نسمع عن الحجاب وعن اللحي والثوب ولكن هناك اقلام سخرت للرد على هذه الأقاويل والأكاذيب للطاعنين في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأخيــــــــــراً
أوضح البوعينين انه ليس من محبة النبي الاحتفال بمولد النبي الذي يصادف غداً 12 ربيع الأول وهذا الاحتفال «وما يسمى المولد النبوي» فهو بدعة لم يحتفل بهذا المولد أبو بكر ولا عمر ولا النبي صلى الله عليه وسلم في حياته بل هي بدعة انتشرت في هذا الزمان إذا اردنا محبة النبي هي في اتباعه وليس بضرب الدفوف.
جريدة الشرق القطرية
https://www.al-sharq.com/DisplayArtic…&sid=localnews
منقوول.