قرّبوا ريشتي وهاتوا دواتي واتركوني من التي واللواتي
لم يعد في فؤاد مثلي مكان للتغني بالحب والغانيات
كم تأمّلت من أعاجيب حبّ وغرام في الأعصر الخاليات
لأناس ذابوا هياما وشوقا وافتتانا بروعة الفاتنات
كم فؤادٍ بلوعة الحبِّ يكوى وصريعٍ للأعين القاتلات
فإذا بالغرام يغدوا حديثا والمحبّون كومةً من رفاة
قصصٌ في مجالس الأنس تروى ثم ترمى في حيّز المهملات
فتعاليت عن غرام بئيس دنـيوي مآله لانبثاث
وسقيت الفؤاد من نهر حبّ يوقظ القلب من عميق السبات
كم شفى الحبّ غلّة من نفوس وسقاها من سلسبيل فرات
فاستمع يا زمان هذا محبّ سوف يتلو أنشودة للرواة
يا خلايا الفؤاد يا كل نبض هات ما عندكم من الحب هات
حدثينا عن الهوى حدّثينا وأبيني بأصدق البيّنات
أشعلي جذوة الهوى في نفوس عن مراقي سعودها لاهيات
هذه نفحة من الطهر تسري في فضاء يعجّ بالمغريات
ضجّ هذا الفضاء مما دهاه من جحيم الآثام والمنكرات
وإذا بثّ في البرايا خطايا جاءك البثّ عابقاً من قناة
هذه باقة من الورد نشوى من أزاهير قلبي العاطرات
هذه قصّة من الحبّ تتلى في حروفٍ فتّانة ساحرات
ومعاني أضحت بمحراب روحي ساهرات لربها ساجدات
هذه غرفة من الحبّ تسقي برواها ضمائراً صاديات
هذه نسمة شذاها تجلى في سماءٍ الهوى بمسكٍ فتات
وسلاف البيان يحلو مذاقاً لقلوبٍ شفافةٍ مرهفات
بعت ذاتي على حبيبٍ قريبٍ من فؤادي ومنه حبي وذاتي
أهل الثناء و المجد .
تاه لبّي وذاب قلبي لربي فهو حبّي وسلوتي في حياتي
وله كل ذرّة في كياني ومماتي ومنسكي وصلاتي
يا مرادي هذه ترانيم حبٍّ من فيوض المشاعر الخاشعات
أنت أهل الثناء والمجد فامنن بعبير من الثناء المواتي
ما ثنائي عليك إلا امتنان ومثال للأنعم الفائضات
يا محبّ الثناء والمدح إني من حيائي خواطري في شتات
ذابت النفس هيبةً واحتراماً وتأبّت عن بلع ريقي لهاتي
حبّنا وامتداحنا ليس إلا ومضةً منك يا عظيم الهبات
لو نظمنا قلائداً من جمان ٍ ومعانٍ خلابةٍ بالمئات
لو برينا الأشجار أقلام شكر بمداد من دجلة والفرات
لو نقشنا ثناءنا من دمانا وبذلنا أرواحنا الغاليات
لو نُشرنا في ذاته أو رُمينا برماح فتّاكةٍ مشرعات
أو جهدنا نفوسنا في قيامٍ وصيامٍ حتى غدت ذاويات
أو مزجنا نهارنا بدجانا في صلاة وألسن ذاكرات
أو قطعنا مفاوزاً من لهيبٍ ومشينا بأرجلٍ حافيات
أو سجدنا على شظايا رصاصٍ أو زحفنا زحفا على المرمضات
أو بكينا دماً وفاضت عيون بلهيب المدامع الحارقات
ما أبنّا عن همسة من معاني في حنايا نفوسنا ماكنات
ما أتينا بذرة من جلال أو شكرنا آلائك الغامرات
أي شيء يقوله الشعر لما يتغنى بخالق الكائنات
ما نسجناه من بيانٍ بديعٍ ليس إلا خواطراً قاصرات
هدي الشعر لافتراس المعاني إنما الطيبون للطيبات
ونتريا باقي القصيدة