قال ابن قدامة رحمه الله (المغني 1/352) : (وجملة ذلك أن الترتيب واجب في قضاء الفوائت) .
نصَّ عليه أحمد في مواضع … ونحوه عن النخعي ، والزهري ، وربيعة ، ويحيى الأنصاري ، ومالك ، واللَّيث ، وأبي حنيفة ، وإسحاق .
وقال الشافعي : لا يجب ؛ لأن قضاء الفريضة فائتة ، فلا يجب الترتيب فيه ، كالصيام … إذا ثبت هذا ، فإنه يجب الترتيب فيها وإن كثرت ، وقد نصَّ عليه أحمد .
وقال مالك ، وأبو حنيفة : ( " لا يجب الترتيب في أكثر من صلاة يوم وليلة " ؛ ولأن اعتباره فيما زاد على ذلك يشق ، ويفضي إلى الدخول في التكرار ، فسقط ، كالترتيب في قضاء صيام رمضان ) اهـ .
فتحصل من ذلك أن الترتيب واجب عند الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة ، إلاّ أن الحنفية والمالكية لا يوجبونه إذا زادت الفوائت على صلوات يوم وليلة .
وصِفَة الترتيب أن يأتي بما فاته على نسق الصلاة المعروف ، فمن فاتته الظهر والعصر مثلاً ، صلّى الظهر أولاً ، ثم صلى العصر.
لكن يسقط الترتيب بالنسيان وبالجهل وبخشية خروج وقت اختيار الصلاة الحاضرة ، وبخشية بخوف فوت صلاة الجماعة ، على الراجح .
فمن كان عليه صلاتان ، ظهر وعصر مثلاً ، فبدأ بقضاء العصر قبل الظهر ناسياً ، أو جاهلاً وجوب الترتيب ، صحَّت صلاته .
وإن خشي لو بدأ بالقضاء أن يخرج الوقت الاختياري لصلاة العصر ، صلَّى العصر أولاً ، ثم صلَّى ما عليه .
ذهب أحمد في رواية اختارها شيخ الإسلام إلى أن الترتيب يسقط بخوف فوت الجماعة .
لكن للإنسان في هذه الحالة أن يدخل مع الجماعة بنيَّة الصلاة الفائتة ، كمن عليه الظهر ، وجاء المسجد وهم يُصلُّون العصر ، فله أن يُصلِّي مع الجماعة بنيَّة الظهر ، ولا يضُر اختلاف نيَّته عن نيَّة إمامه ، ثم يُصلِّي العصر بعد ذلك .
انظر الشرح الممتع 2/138- 144
والله أعلم .