بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا )
كل العبادات تحتاج منا لمجاهدة ، ولكن من آكد هذه العبادات ( قيام الليل )؛ ذلك أن النفس تواجه مثبطات و صوارف عدة من أقواها سلطان النوم ، و آفة السهر ، و استثقال الصلاة بصفة عامة .
فأحببت أن أذكَر نفسي و أذكَركم بهذه العبادة العظيمة التي يتفاوت فيها المسلمون تفاوتاً عظيماً ، فنقلت لكم شيئاً مما قرأته عن قيام الليل .
و هو كتيب بقلم الشيخ ( صاحب المؤلفات المباركة ) / د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني . أكيد تذكرتوا كتابه حصن المسلم .
فاختصرت لكم بعض المعلومات التي تتعلق بالموضوع ، و لم أذكر تخريج الأحاديث – طلباً للاختصار- ما دام أن الشيخ قد اعتمدها ومن أراد الاستزاده فليرجع للكتاب ، و هو موجود في مكتبة صيد الفوائد .
و إليكم شيئاً من المقدمة ، يليها ما يتعلق بقيام الليل .
يقول فضيلة الشيخ : ( فهذه رسالة مختصرة في "قيام الليل" أوضحت فيها: مفهوم التهجد، وفضل قيام الليل، وأفضل أوقاته، وعدد ركعاته، وآداب قيام الليل، والأسباب المعينة عليه، وبيّنت مفهوم صلاة التراويح، وحكمها، وفضلها، ووقتها، وعدد ركعاتها، ومشروعية ال.ة فيها، ثم أوضحت الوتر، وحكمه، وفضله، ووقته، وأنواعه، وعدده، والقراءة فيه، والقنوت في الوتر، والدعاء بعد السلام من الوتر، وأن الوتر من صلاة الليل وهو آخرها، وحكم قضاء سنة الوتر لمن نام عنها أو نسيها، وكل مسألة قرنتها بدليلها ).
أولاً: مفهوم التهجد
يقال: هجد الرجل إذا نام الليل، وهجد إذا صلى بالليل. وأما المتهجِّد فهو القائم إلى الصلاة من النوم.
ثانياً: حكم صلاة التهجد
سنة مؤكدة، ثابتة بالكتاب والسنة، وإ. الأمة .
ثالثاً: فضل قيام الليل
قيام الليل عظيم؛ للأمور الآتية:
1- عناية النبي صلى الله عليه وسلم بقيام الليل حتى تفطرت قدماه، فقد كان صلى الله عليه وسلم يجتهد في القيام اجتهاداً عظيماً، فعن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم الليل حتى تتفطَّر قدماه، فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: ”أفلا أحب أن أكون عبداً شَكُورا .
وقد أحسن القائل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حين قال:
وفينا رسول الله يتلو كتابه
إذا انشق معروف من الفجر ساطع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه
إذا استثقلت بالكافرين المضاجع
2- من أعظم أسباب دخول الجنة، فعن عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- قال: لما قَدِم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس قِبَلَه، وقيل: قَدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً، فجئت في الناس؛ لأنظر، فلما تبيَّنت وجْهَهُ عرفتُ أن وجهه ليس بوجه كذَّاب، فكان أول شيء سمعتُه تكلَّم به أن قال: ”يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصلُّوا بالليل والناسُ نيام، تدخلوا الجنة بسلام.
وقد أحسن القائل حين قال:
ألهتك لذةُ نومةٍ عن خير عيشٍ
مع الخيرات في غرف الجنان
تعيش مخلداً لا موت فيها
وتنعم في الجنان مع الحسانِ
تيقظ من منامك إنَّ خيراً
من النوم التهجد بالقرآن
3- قيام الليل من أسباب رفع الدرجات في غرف الجنة؛ لحديث أبي مالك الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إن في الجنة غُرفاً يُرى ظَاهرُها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدَّها الله تعالى لمن أطعم الطعام، وألانَ الكلام، وتابع الصيام، وأفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام.
4- المحافظون على قيام الليل محسنون مستحقون لرحمة الله وجنته؛ لأنهم {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ، وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [سورة الذاريات، الآيتان:17، 18].
5- مدح الله أهل قيام الليل في جملة عباده الأبرار عباد الرحمن، فقال عز وجل: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [سورة الفرقان، الآية: 64].
6- شهد لهم بالإيمان الكامل فقال سبحانه: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّدًا وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ، تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} [سورة السجدة، الآيات: 15-17].
https:///fashion.fsaten.com https:///forum.****.com https:///www.almraah.com/
7- نفى الله التسوية بينهم وبين غيرهم ممن لم يتصف بوصفهم، فقال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [سورة الزمر، الآية: 9].
8- قيام الليل مكفِّر للسيئات ومنهاة للآثام؛ لحديث أبي أمامة –رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ”عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وهو قُربة إلى ربكم، ومكفِّر للسيئات، ومنهاة للآثام.
9- قيام الليل أفضل الصلاة بعد الفريضة؛ لحديث أبي هريرة –رضي الله عنه- يرفعه، وفيه: ”أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد المكتوبة صلاة الليل.
10- شرف المؤمن قيام الليل؛ لحديث سهل بن سعد –رضي الله عنه- قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ”يا محمد عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزيٌّ به ثم قال: ”يا محمد شرف المؤمن قيام الليل، وعزُّه استغناؤه عن الناس.
11- قيام الليل يُغْبَطُ عليه صاحبه؛ لعظم ثوابه، فهو خير من الدنيا وما فيها؛ لحديث عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار
12- قراءة القرآن في قيام الليل غنيمة عظيمة؛ لحديث عبد الله بن عمرو –رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين ،،
رابعاً: أفضل أوقات قيام الليل
الثلث الآخر، وصلاة الليل تجوز في أوله، وأوسطه، وآخره ، وقد صح ذلك عن الرسول عليه الصلاة و السلام .
خامساً: عدد ركعات قيام الليل
ليس له عددٌ مخصوص؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ”صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى.
ولكن الأفضل أن يقتصر على إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
سادساً: آداب قيام الليل:
1- ينوي عند نومه قيام الليل وينوي بنومه التَّقَوِّي على الطاعة ليحصل على الثواب على نومه.
2- يمسح النوم عن وجهه عند الاستيقاظ، ويذكر الله، ويتوسل ويقول: ”لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ربِّ اغفر لي"
وعن حذيفة – رضي الله عنه- قال: ”كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك، ويقول أذكار الاستيقاظ من النوم الأخرى ، ويتوضأ كما أمره الله تعالى.
3- يفتتح تهجده بركعتين خفيفتين .
4- يُستحب أن يكون تهجده في بيته.
5- المداومة على قيام الليل وعدم قطعه، يُستحب أن يكون للمسلم ركعات معلومة يداوم عليها، فإذا نشط طوَّلها وإذا لم ينشط خفَّفها، وإذا فاتته قضاها( بين صلاتي الفجر و الظهر ).
6- إذا غلبه النعاس ينبغي له أن يترك الصلاة وينام حتى يذهب عنه النوم.
7- يُستحب له أن يوقظ أهله.
8 ـ يقرأ المتهجد جزءًا من القرآن أو أكثر، أو أقل على حسب ما تيسر مع التدبر لما يقرأ، وهو مخير بين الجهر بالقراءة والإسرار بها.
9- يختم تهجده بوتر.
11- يحتسب النومة والقومة؛ ليحصل على الأجر في جميع أحواله: في النوم واليقظة.
سابعاً: الأسباب المعينة على قيام الليل:
1- معرفة فضل قيام الليل، ومنزلة أهله عند الله تعالى، ( و قد سبق ذكر ذلك )
2- معرفة كيد الشيطان، وتثبيطه عن قيام الليل والترهيب من ترك قيام شيء من الليل؛ لحديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- قال: ذُكِرَ عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام ليلة حتى أصبح قال: ”ذاك رجل بال الشيطان في أذنه أو قال: ”في أذنيه؛ ولحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عُقدٍ، يضرب على مكان كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عُقَدُهُ، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان".
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إن الله يبغض كل جعظريٍّ جوَّاظ، سخاب بالأسواق، جيفة بالليل، **** بالنهار، عالم بأمر الدنيا جاهل بأمر الآخرة.
3- قصر الأمل وتذكر الموت؛ فإنه يدفع على العمل ويذهب الكسل؛ لحديث عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما- قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: ”كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل. وكان ابن عمر يقول: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك".
قال الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى-:
اغتنم في الفراغ فضل ركوع
فعسى أن يكون موتك بغتة
كم صحيح رأيت من غيرسقم
ذهبت نفسه الصحيحة فلتة
وقال آخر:
صلاتك نورٌ والعباد رقودٌ
ونومك ضد للصلاة عنيد
وعمرك غُنْمٌ إن عقلت ومهلةٌ
يسيرُ ويفنى دائباً ويبيد
4- اغتنام الصحة والفراغ؛ ليكتب له ما كان يعمل؛ لحديث أبي موسى – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إذا مرض العبد أو سافر كُتب له مثلُ ما كان يعمل مقيماً صحيحاً.
5- الحرص على النوم مبكراً؛ ليأخذ قوة ونشاطاً يستعين بذلك على قيام الليل وصلاة الفجر؛ لحديث أبي برزة – رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل العشاء، والحديث بعدها.
6- الحرص على آداب النوم، وذلك بأن ينام على طهارة، وإن لم يكن على طهارة توضأ، وصلى ركعتين سنة الوضوء، ثم يدعو بما ثبت من أذكار النوم، ويجمع كفيه ثم ينفث فيهما ويقرأ فيهما: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات، ويقرأ آية الكرسي، والآيتين من آخر سورة البقرة، ويكمل أذكار النوم، وهكذا يكون من أسباب الإعانة على قيام الليل، وعليه أن يأخذ بالأسباب بأن يضع ساعة عند رأسه تنبهه، أو يوصي من حوله من أهله، أو أقاربه، أو جيرانه، أو زملائه أن يوقظوه.
7- العناية بجملة الأسباب التي تعين على قيام الليل، فلا يكثر الأكل، ولا يتعب نفسه بالنهار بالأعمال التي لا فائدة فيها بل ينظم أعماله النافعة، ولا يترك القيلولة بالنهار، فإنها تعين على قيام الليل، ويجتنب الذنوب والمعاصي، وقد ذُكِرَ عن الثوري – رحمه الله- أنه قال: "حُرِمْتُ قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته" فالذنوب قد يحرم بها العبد فيفوته كثير من الغنائم: كقيام الليل، ومن أعظم البواعث على قيام الليل: سلامة القلب للمسلمين، وطهارته من البدع، وإعراضه عن فضول الدنيا، ومن أعظم البواعث على قيام الليل: حب الله تعالى وقوة الإيمان بأنه إذا قام ناجى ربه وأنه حاضره ومشاهده، فتحمله المناجاة على طول القيام، ففي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ”إن في الليل لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلة.
و فقنا لما يحبه و يرضاه .
منقول~
أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه عدد خلقه وزنة عرشه ورضا نفسه ومداد كلماته..
عن سعد بن أبي وقاص: { أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به، فقال: أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل. سبحان الله عدد ما خلق في السماء، وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض، وسبحان الله عدد ما بين ذلك، وسبحان الله عدد ما هو خالق، والله أكبر مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك، ولا إله إلا الله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك }.
يزاج الله خير وبورك طرحج ..موفقة