تخطى إلى المحتوى

ما نظمه ابن القيم رحمه الله في وصف الحور العين

بسم الله الرحمن الرحيم

ما نظمه ابن القيم رحمه الله في وصف الحور العين

يا خاطب الحـــور الـحسان وطالبا لوصـــــــالهن بجـــنة الحيوان

لو كنت تدري من خطبت ومن طلـب ـت بــــذلت ما تحوي من الأثمان

أو كنـت تدري أين مســكنها جعـ ـلت الســـعي منك لها على الأجفان

ولقد وصـفتُ طريق مســكنها فإن رُمتَ الوصـــــال فلا تكنْ بالواني

أسرِعْ وحُـث السـير جـهدَك إنـما مــــــــسراكَ هذا ساعة ٌ لزمان

فاعـشَق وحـدثْ بالوصـال النفـس وابذُلْ مهرها ما دمـــــتَ ذا إمكان

واجـعل صـيامكَ قـبل لقـياها ويـ ـوم الوصــل يومَ الفطر من رمضان

واجعـلْ نـعوتَ جمالها الحادي وسِـ ـرْ تلقى المـــخاوف وهْي ذات أمان

فاسـمـعْ صـفاتِ عرائـس الجـناتِ ثم اخــــــترْ لنفسكَ يا أخا العرفان

حـور ٌ حـسـانٌ قـد كـمُلنَ خلائـقاًَ وحاسناً مِن أجـــــــمل ِ النسوان

حـتى يحار الطـرف في الـحسن الـ ـذي قد أُلْبِســـتْ فالطرف كالحيران

ويـقول لـما يـشاهـد حــسنــها سبحـــــان معطي الحسن والإحسان

والـطرف يشـرب من كؤوس جمالـ ـها فتراه مثل الشـــــارب النشوان

كـملتْ خـلائـقا وأُكـمِل حـسنـها كالبدر ليل الــــــــست بعد ثمانِ

والـشمس تـجري في محاسن وجهـ ـها والليل تــــحت ذوائب الأغصان

فـتراه يعـجب وهْو موضعُ ذاك مِن ليل وشمــــــــس كيف يجتمعان

فـيقـول سـبحان الـذي ذا صـُنْعُه سبحان متقن صنـــــــعة الإنسان

لا الــليل يـدرك شـمسها فـتغيبَ عند مجيئه حتى الصــــــباح الثاني

والشـمس لا تــأتي بــطَرد الليل بل يتصاحبان كلاهما أخـــــــوان

وكلاهــما مــرآة صــاحبه إذا ما شاء يُبــــــــصِر وجهه يريان

فــيرى محـاسن وجهه في وجهها وترى محاســـــــــنها فيه بعيان

حُــمْر الخـــدود ثغورهن لآلئ سود العــــــــيون فواترُ الأجفان

والبــرق يـبدو حين يبسِم ثغرها فيُضيء ســــــقفَ القصر بالجدران

ولــقد رويــنا أن بـرقا ساطعا يبدو فيســـــــــأل عنه مَن بِجِنان

فيُقال هــذا ضـوء ثــغرٍ ضاحكٍ في الجـــــــــنة العليا كما تريان

لِــله لاثِـــمُ ذلك الــثغر الذي في لثمــــــــــه إدراك كل أمان

ريـــانةُ الأعطــافِ من ماء الشبا ب فغــــــــصنُها بالماء ذو جريان

لما جـــــرى ماء النعيم بغصنها حملَ الــــــــــثمارَ كثيرة الألوان

فالورد والــــــتفاح والرمان في غصنٍ تعالى غارسُ البســــــــتان

والقد مــــــنها كالقضيب اللدن في حُســـــــن القَوام كأوسط القضبان

في مــــغرِسٍ كالعاج تحسَب أنه عالي الــــــــــنقا أو واحد الكثبان

لا الظـــهر يلحــقها وليس ثُدِيُّها بلواحقٍ للبـــــــــــطن أو بِدَوان

لكــــنهن كواعِـب ونـــواهدٌ فثُدِيُّهنَّ كألطــــــــــــف الرمان

والجيِــد ذو طولٍ وحُســن في بيا ض واعـــــــــتدال ليس ذا نكران

يشــــكو الحُلِي بِعـــادَه فله مد ى الأيامِ وســــــــواسٌ من الهجران

والمعصـــمان فإن تــشأْ شبِّهْهما بسبــــــــــــيكتين عليهما كفان

كالـــزبد لــيناً في نعومة ملمسٍ أصدافُ دُرٍّ دُوِّرَت بــــــــــوِزان

والـــصدر متــسِعٌ على بطن لها حُفَّتْ به خصـــــــــران ذات ثمان

ولقـــد رويـــنا أن شغلَهم الذي قد جاء في يس دونَ بــــــــــيان

شُغـــلُ العروسِ بِعرسه مِن بعد ما عبثَتْ به الأشــــــــواق طولَ زمان

بــــالله لا تســـألْه عن أشغاله تلك اللـــــــــــيالي شأنُه ذو شان

واضرِب لـهم مثلا بِصَبٍّ غـاب عن محبوبِه في شاســـــــــــع البلدان

والشــوق يُزعــجه إلـيه وما له بِلقائه سبب من الإمـــــــــــكان

وافـــى إليه بـــعد طول مَغيبه عنه وصـــــــــار الوصل ذا إمكان

أتــلومه إن صــار ذا شـغل به لا والذي أعطى بلا حسبـــــــــان

يا رب غُفرا قــد طــغت أقلامنا يا رب مــــــــــعذرةً من الطغيان

أقـــدامـها من فــضة قد رُكِّبت من فوقها ساقان ملــــــــــــتفّان

والــساق مــثل العاج ملمومٌ يٌرى مخ العظام وراءه بِعـــــــــــيان

والــــريح مـسك والجسوم نواعم واللون كالياقوت والمرجـــــــــان

وكلامــها يسبـــي العقول بنغمة زادت على الأوتار والعـــــــــيدان

وهْــي العَروب بــشكلها وبدُرِّها وتحـــــــــــببٍ للزوج كل أوان

تـــلك الحــلاوة والملاحة أوجبا إطلاقَ هذا اللفظ وضــــــــعَ لسان

فملاحـــة التــصوير قبل غِناجها هي أول وهْي المـــــــــحل الثاني

فإذا هما اجــتمعا لـــصَبٍّ وامِق بلغت به اللذات كل مــــــــــكان

أتـــراب ســن واحــدٍ متماثل سنُّ الشباب لأجــــــــــملِ الشبان

بـكر فلــــم يأخـذ بكارتها سوى المحبوب من إنـــــــس ولا من جان

حــصن عــليه حارس من أعظم الحراس بأسا شأنــــــــــه ذو شان

فإذا أحـــس بداخــل للحـصن ولى هاربا فــــــــــتراه ذا إمعان

ويعود وهنا حين رب الحصن يخـ ـرج مـــــــنه فهْو كذا مدى الأزمان

وكــذا رواه أبــو هـريرة أنـها تنــــــــــصاع بكرا للجماع الثاني

لــــكنَّ درّاجا أبا الســمح الذي فيه يضعـــــــــــفه أولو الإتقان

هذا وبـــعضهم يصـــحح عنه في التفسير كالمــــــــولود من حِبان

فحـــديثه دون الصـــحيح وأنه فوق الضــــــــعيف وليس ذا إتقان

يعطــى المجــامِع قوة المائة التي اجتمعت لأقــــــــوى واحد الإنسان

لا أن قوتــه تَضــاعف هــكذا إذ قد يكون لأضــــــــعف الأركان

ويــكــون أقوى منه ذا نقص مـ ـن الإيمان والأعــــــمال والإحسان

ولقــد رويــنا أنه يغــشى بيـو م واحد مائة من النســــــــــوان

ورجــاله شرط الصحيح رووا لهم فيه وذا في معـــــــــجم الطبراني

هذا دلـــيلٌ أن قدر نــــسائهم متفاوت بـــــــــــتفاوت الإيمان

وبه يـــزول توهــم الإشكال عن تلك النصــــــــوص بمنة الرحمان

وبـــقوة الــمائة التي حصلت له أفـــــــــضى إلى مائة بلا خوَران

وأعـــفهم في هذه الدنـــيا هو الأقوى هــــــــناك لزهده في الفاني

فاجِمَع قـــواك لِما هــناك وغمِّـ ـض العينين واصــــبر ساعة لزمان

مــــــا هنا ما يســـوي قُلا مة ظفر واحـــــــــدة تُرى بجنان

ما ها هنا إلا النِّـــقار وسـيء الأ خلاق معْ عيــــــب ومعْ نقصان

هــم وغــم دائــم لا يــنتهي حتى الطلاق أو الفراق الــــــــثاني

والله قد جــــعل النساء عوانـيا شرعا فأضحى البعـــلُ وهو العاني

لا تؤْثرِ الأدنـــى على الأعلى فإن تفعلْ رجعت بـــــــــــذلة وهوان

وإذا بــــدت في حـلة من لِبسها وتمايلــــــــــت كتمايل النشوان

تــــهتز كالغصن الرطيب وحمله وردٌ وتــــــــــفاح على رمان

وتبـــخترت في مشـيها ويحق ذا ك لمـــــــــثلها في جنة الحيوان

ووصــائفٌ مِن خلـــفها وأمامها وعلى شمائلها وعن أيـــــــــمان

كالــــــبدر ليلة تمٍّه قد حُف في غسق الدجى بكـــــــواكب الميزان

فلـــسانه وفؤاده والطـــرف في دَهَش وإعــــــــجاب وفي سبحان

فالقلـــــب قبل زفافها في عرسه والـــــــعرس إثر العرس متصلان

حتى إذا ما واجـــــهَتْه تقابــلا أرأيــــــــــت إذ يتقابل القمران

فـــسل المتيَّم هل يحِل الصبر عن ضم وتقـــــــــــبيل وعن فلتان

وســـــل المتيم أين خلَّف صبره في أي واد أم بأي مكــــــــــان

وسل المـــــتيم كيف حالته وقد ملئت له الأذنان والعيــــــــــنان

من منـــطقِ رقَّت حواشيه ووجـ ـهٍ كم به للشــــــــمس من جريان

وســـــل المتيم كيف عيشته إذاً وهما على فرشيـــــــــهما خَلِوان

يتــــــــساقطان لآلئاً منثورة من بين منـــــــــظوم كنظم جُمان

وســل المتيم كيف مجلسه مع المــحبوب في روح وفي ريحان

وتدور كاســــات الرحيق عليهما بأكف أقمار من الوِلـــــــــــدان

يتــــــنازعان الكأس هذا مرةً والخودُ أخرى ثم يتــــــــــكئان

فيــــــــضمها وتضمه أرأيتَ معشوقين بعد البعد يلتـــــــــقيان

غاب الرقيــــب وغاب كل منَكِّد وهما بثوب الوصل يشتمـــــــلان

أتراهما ضـــجِرينِ من ذا العيش لا وحياة ربك ما هما ضجـــــِران

ويزيد كل منهــــــما حبا لصـ ـاحبه جديدا سائرَ الأزمــــــــان

ووصـــــــاله يكسوه حبا بعده متسلسلا لا ينتهي بزمـــــــــان

فالوصـــــل محفوف بحب سابق وبلاحق وكلاهما صنـــــــــوان

فرق لــــطيف بين ذاك وبين ذا يدريه ذو شغل بهذا الشــــــــان

ومزيــــدهم في كل وقت حاصلُ سبحان ذي الملكوت والسلطـــان

يا غافـــــلا عما خُلِقتَ له انتبه جدَّ الرحيل فلست باليقظــــــــان

سار الرفاق وخلَّفــــوك مع الأُلي قنعوا بذا الحظ الخسيس الفانـــي

ورأيـــــتَ أكثر من ترى متخلفا فتبعتَهم ورضيتَ بالحرمــــــــان

لكنْ أتـــيتَ بخطتيْ عجز وجهـ ـل بعد ذا وصحبتَ كل أمــــــان

منَّتْكَ نفــــسك باللحاق مع القعـ ـود عن المسير وراحة الأبـــــدان

ولســـوف تعلم حين ينكشف الغِطا ماذا صنعتَ وكنتَ ذا إمـــــكان

منقول

المصدر: مدونة الأخت المسلمة

يزاااااج الله خير اختي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.