السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ..
هلا ومرحبا بكِ أختي الغالية ..
لكم أحزنتني رسالتك والتي تحمل بين طياتها قلب مكلوم لا يكاد يفيق من جرح حتى يأتيه غيره ..
نعم هذه المشكلة يتعرض لها الكثير من البنات في زماننا لأسباب كثيرة ( الأهل , الدراسة , المهور وغيره ..) وتكون المحصلة واحدة أن يتقدم بالبنت العمر فتبدأ برحلة العناء ما بين شعور بالوحدة والحاجة لمن يؤنس وحدتها ويشاطرها أفراحها وأحزانها تنتظره بفارغ الصبر ليدق على بابها ويأخذ بيدها نحو عشها الجديد لتبدأ حياة جديدة هي ملكتها ,, ثم لا تلبث لتصحو على هذا الواقع المرير ,, ترى من حولها من البنات من عمرها بل وأصغر قد تزوجن بل وأنجبن واحد وإثنان وثلاث ,, فتشعر بغصة في قلبها بكاءا على حالها كيف تواجه نظرات الناس ولماذا لم تتزوج كبنات جيلها ولماذا ولماذا ؟! ترى نظرات إشفاق أو نظرات شماتة أو كلمات كالسوط لا يحمل صاحبها رحمة بمن ابتلي .. فتضيق النفس وتسود الدنيا ..
نعم أقدر موقفكِ حبيبتي وأعلم ما تشعرين به ولكن يبقى لنا أن نشحن قلبنا لنقف من جديد أمام صعاب الدنيا فتكون هذه الصعاب سببا لرفع درجاتنا في الآخرة ..
أقول لكِ يا حبيبة :
/ لا تحزني لما أصابكِ فإن كان هم أخذوا الدنيا فالله إختار لكِ الآخرة فأيهما تحبين !
قال عليه الصلاة والسلام : (إن مِن أشد الناس بلاء الأنبياء ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ). رواه الإمام أحمد والنسائي في الكبرى .
إصبري يا حبيبة قال الله تعالى: ( وبشر الصابرين ) صدق الله العظيم.
/ لا تحزني فإن كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال : (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه) وهذه لشوكة فكيف من سهر الليالي جريحا مكلوم القلب لما أصابه من كلمات يلقيها عليه من حوله دون شعور بأثر ذلك عليه وكأنه من يملك الرزق وأن غيره يملك المنع والعطاء ..
/ لا تحزني الله يحبكِ فإن الله إذا أحب عبدا إبتلاه ..
/ لا تحزني فما منع الله رزقكِ بخلا فسبحانه كريم ولكن تلك حكمته في تقسيم الأرزاق بين خلقه ..
قال شيبان الراعي لسفيان الثوري :
يا سفيان عُدّ منع الله عطاءا فإنه لم يمنعك بخلا ولكن منعك لطفا
ويقول العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي
في كتابه المواهب الربانية( ص :147-157)
ومن لطف الله بعبده أن يبتليه ببعض المصائب،
فيوفقه للقيام بوظيفة الصبرفيها فينيله درجات عاليه لا يدركها بعمله
وقد يشدد عليه الإبتلاء بذلك كما فعل بالنبي أيوب عليه الصلاة و السلام
ويوجد في قلبه حلاوة روح الرجاء وتأميل الرحمة
وكشف الضر فيخفف ألمه وتنشط نفسه ، ولهذا من لطف الله
بالمؤمنين أن جعل في قلوبهم إحتساب الأجر فخفت مصائبهم
وهان ما يلقون من المشاق في حصول مرضاته .
ومن لطف الله بعبده المؤمن الضعيف أن يعافيه من أسباب الإبتلاء
التي تضعف إيمانه وتنقص إيقانه .
كما أن من لطفه بالمؤمن القوي تهيئة أسباب الإبتلاء والإمتحان
ويعينه عليها ويحملها عنه ويزداد بذلك إيمانه ويعظم أجره فسبحان اللطيف في إبتلائه وعافيته وعطائه ومنعه . أ.هـ
/ لا تحزني حبيبتي ,,قوي في قلبكِ حسن الظن بالله واستشعري لطف الله بكِ :
قال ابن الجوزي رحمه الله :
" عبد الله إذا رأيت سربال النعمة يتقلص عنك فحسن ظنك في المنعم فإنما رفعه عنك لكي لا تتعثر " ..
/ لا تحزني لو جرحكِ أحد دون أن يشعر أو يحاسب نفسه على ما يقول قبل أن يطلق للسانه العنان ولو من باب الخوف فهل لأحد منا من يملك الرزق فيزوج نفسه من عدمه ,, لا تحزني إن قالوها فإن لكِ ربا يعلم ما بكِ من بلاء وما تجدينه في صدرك من غصة فارفعي بصركِ إليه وبزفرات المهموم وأنات المكلوم أطلقي قال الله تعالى: ( ربِ إني قد مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ) ,, إدعيه بدمع العين (اللهم آجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها) .. ( اللهم إجعلني من عبادك الصالحين ) , ( اللهم لا تحرمني خير ما عندك بسوء ما عندي ) .. إقرعي أبواب السماء وابكي بين الرحيم الرحمن فوالله ما خاب من دعاه ..
/ لا تحزني يا حبيبة ,, فبعد الهم فرجا ..
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج .
*****************
أختي الغالية ..
عليكِ الفترة القادمة أن تفعلي ما يلي :
أولا : إيمانيا :
1- إشحني قلبكِ دوما بالقراءة في كتب الرقائق خصوصا في فضل البلاء والصبر وقصص أهل البلاء فبها تأنس القلوب .
2- أكثري من الإستغفار ( ليس بنية الإستغفار وإنما تعبدا لله ) ففيه خيري الدنيا والآخرة . إجعلي لكِ وردا منه وليكن 100 مرة .
3- أكثري من الدعاء وأدعية الهم كـ ( إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها).
4- إجعلِي لنفسكِ وردا من القرآن ولو كان قليلا المهم المداومة ( فقليل دائم خير من كثير متقطع ) ومع الوقت زيدي .
5- دعمي النفس بأن الرزق ملك لله وحده لا يأتي باجتهاد ولا يؤخره كسل ,, ومن تزوج ليس بجهده ومن تأخر ليس عيب به بل هي الأرزاق يقسمها الخالق بين خلقه بحكمته وعدله .
6- إشغلي نفسك بالطاعات ( فالنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية ) .
7- إحرصي على صحبة صالحة تخفف عنكِ بعض ما أصابكِ وتعينك على الطاعة .
ثانيا :
1- كما أننا نتوكل على ربنا لكن يمكننا بذل الأسباب المباشرة ,, فيمكنكِ عرض أمركِ على أخت مقربة إليكِ ( إن إستطعتِ ذلك ) ,, لمحيلها أن تساعدكِ في البحث عن زوج ,, وهذه نصيحة لكل أخت متزوجة أو لا أن لا تنسى أخواتها فليفكر كل منا في أخواته , ولا يكفي مشاطرته بكلمات فقط وإن كانت فيها بعض تسكين للجروح ..
2- لو جاء عريس أي عريس إستخيري الله وإن لم يعجبكِ بعض الصفات مثل: السن مثلا ,, إستخيري ليختار الله لكِ وقابليه( النظرة الشرعية) فلعلكِ تستريحي له ولا تغلقي الباب دونه فنحن لا نعلم أين الخير .
3- هناك أكلات تذهب بعض الهم كـ : التلبينة والشكولاتة ( لكن لا تكثري من الشكولاتة لأنها فيما أعلم تسبب السمنة) .
4- شاركي في عمل دعوي على النت كفرق عمل الموقع أو غيرها من أعمال الخير ,, إشغلي نفسكِ بشيء وهذه فرصة لتحفظي القرآن الكريم .
5- إقرأي على نفسكِ الرقية الشرعية ( فلعله أذى وسبب أخركِ عن الزواج ) :
سواء بجمع الكفين ثم مسح كامل الجسد بهما ,, القراءة على ماء والشرب منه .
ولو بتشتكي في شخص عائن لكِ يمكنكِ أخذ أثره ( كمسح مقبض الباب الذي لمسه بيده مسحه بمنديل ووضعه بماء والقراءة عليه وشربه ونفس الشيء مسح ما شرب منه أو أكل منه من أكواب وأواني ) وهذا الأمر مذكور في كتاب ( كيف تعالج مريضك بالرقية الشرعية ) وقد أجاز العلماء فعلها .
منقول.
المصدر: موقع الطريق إلى الله.
جزاك الله خيرا