رساله الى الكنيسة المعمدانية الأولى من عمانيه

7 مايو 2024

الى الكنيسة المعمدانية الأولى

شارلوتسفيللا – فرجينيا

الفاضل الدكتور ليندساي سادلر الإبن

كبير الأساقفة

أشعر أن من واجبي أن اكتب إليكم كونكم كبير القساوسة في الكنيسة المعمدانية في شارلوتسفيل، حول زيارتي الأخيرة التي لن تنتسى و هي الأولى لي لكنيستكم. ومع الأسف، فإن الزيارة للكنيسة المعمدانية الأولى كانت أسوأ تجربة حدثت لي أو يمكن تصور حدوثها لي في حياتي، في مكان عبادة .

ففي يوم السبت الموافق 1 مايو 2024 قمت بزيارة الكنيسة المعمدانية الأولى الواقعة على شارع بارك 735 ، و بعد إستماعي لمحاضرة ألقتها إمرأة أمريكية من أصل مصري بدلت دينها من الإسلام الى المسيحية. بصفتي عضوة في مجموعة مشتركة مؤلفة من مسلمين و مسيحيين قررت الحضور و نقل تجربتي للمجموعة. و قد كنت مهتمة بصفة خاصة للحضور كوني مسلمة و لم أكن مطلعة على تجارب كثيرة لتبديل الأديان.

أخذت المحاضِرة تصف تجربتها المريرة لنشأتها في عائلة ليس بها أب، و قد هجرتها أمها و هي في سن الثالثة عشرة . في وقت لاحق من حياتها، تعرضت للإساءة من زوجها. أشعر بالأسى لحالها وتعاطفت مع تجربتها. و لكنها ، سرعان ما بدأت تلقي باللوم في محنتها و بؤسها السابق على ديانتها السابقة و التي لم تمارسها قط. و اختتمت بالقول بأن الإسلام يشجع على الإساءة للمرأة. و أخذت تهاجم بكلامها محمدا نبيي و نبي المسلمين في كافة أنحاء العالم، تحت بصَرِ و سَمْعِ بعض قادة الكنيسة و ابرشيتها.

و شَكَّلَ هذا لي صدمة قوية . إذ لم أكن أتوقع في مكان عبادة، أن يقوم محاضر بالتعدي الصارخ و السمج على مبادئ وشخصيات و رموز لدين آخر. وأعتقد أنه عندما يحاضر أحد في مكان مقدس، فإن المحاضر ستتحلى بالصدق والنزاهة لا أن تقوم بتحريف الحقائق لنشر الكراهية والخوف. أنا افترض أن كنيستكم ستحاول الوصول إلى الناس من خلال الحب بدلاً من تشويه صورة الدين من 1,6 مليار مسلم

و هي ثاني أكبر ديانة و اسرع نموا في العالم ، في الوقت الذي يحظى فيه التفاهم و القبول المتبادل بالأهمية القصوى.

ما هو المنطق وراء دعوة أحد المتحدثين ممن ليس هدفهم الوحيد هو إثارة الكراهية في نفوس المصلين في كنيستكم ضد الإسلام و المسلمين؟ لقد طلبت الفرصة لأقول بضع الكلمات بعد فترة الأسئلة والأجوبة، وبعد أن دعى المصلون للمتحدثة. أردت تعريف الجمهور بالمفاهيم الحقيقية للإسلام وتعريفهم بخبرتي كامرأة مسلمة، و كيف يتحدث الإسلام عن مريم والمسيح. و لكن، قبل أن أقول الكثير، أمر المتحدث بفصل الميكروفون. لماذا متحدث زائر يمارس السلطة في كنيستكم؟

بدأتُ حديثي القصير بتوجيه الشكر للجميع لإستقبالي بينهم. و عرَّفتُهم بنفسي ، وقلت لهم: أنا ابنة رجل لديه خمس بنات وابن واحد، و كلهن خريجات الكليات، و يحملن شهادات أكاديمية عليا : دكتوراه و ماجستير، و انا ابنة عائلة من طبقة وسطى ، و لي أم محبة وأب حكيم غرس في نفوسنا الإيمان وحب التعليم كما أمر بذلك الإسلام. ولدي خمسة أطفال ناجحون منهم ابنتان ستتخرجن من كليات الطب والهندسة الكيميائية هذا العام. لم أشعر أبدا بالإساءة ، لا كإبنة ولا كزوجة. شعرت بالاحترام والحب و بالحرية لتحقيق احلامي. وأنا هنا في الولايات المتحدة كباحثة "فولبرايت" من بلد في الشرق الأوسط هي عمان. ولم أشعر قط بالتمييز ضدي كإمرأة، لا من قبل حكومتي ولا من قبل ثقافتي. لدي زوج محب و هو الذي ساعدني على إكمال دراستي ونيل درجة الدكتوراة، على الرغم من زواجي المبكر الذي كان بمحض إرادتي واختياري. أتمتع بكامل الحرية في التعلم والكسب.

و لكني لم تمكن من متابعة حديثي لأنهم فصلوا الميكروفون بناء على أمر المتحدثة . هي قاطعتني و طلب مني الإجابة على أسئلتها إما بقول (نعم) أو بقول (لا) و إلا فإنها سوف تفصل الميكروفون. و رفضت هذا الأمر قائلة: "ليس هناك إما أبيض و إما أسود". و سألتني مني مرة أخرى: "هل بإمكانك أن تصبحي مسيحيةً؟ نعم أو لا؟"

فقلت: "لن أختار أن أكون مسيحية لأنني بالفعل أؤمن بإبراهيم وموسى والمسيح ومحمد، عليهم السلام. أنا فعلا أؤمن بالمسيح نبيا". وقامت كنيستكم بفصل الميكروفون. جاؤوا و نزعوا الميكروفون من يدي و قام رجل مسن بمرافقتي الى الخارج و هو يكيل لي الكلام الفظيع صارخا. كانت تجربة فظيعة لا تصدق، حيث، على الرغم من تكرار القاء الأحاديث عن محبة المسيح ، لم أجد أي دليل على الحب.

يجب القول أني أشعر بالأسى تجاه المصلين معكم و ارجو أن لا يكونوا قد انخدعوا بكلام المتحدثة عندما كانت تقدم العنف الأسري كأنه عنف إسلامي. أنها – المتحدثة – هي نتاج أسرة غير صحية و سليمة وكانت غير قادرة على التمييز بين تجربتها الخاصة كطفلة معتدى عليها ولاحقا كبالغ مساء إليها، و بين حقوقها كإمرأة في الإسلام. إن الحقوق التي يمنحها الإسلام للمرأة والرجل هي الأساس التي تم وفقها صياغة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.

ومن المحبط حقا أن نرى اناسا يكيلون بمكيالين. فعندما تحدُث مشكلة في الشرق الأوسط أو في العالم العربي، فإن الإسلام يكون هو الجاني. و عند حدوث نفس المشكلة في الولايات المتحدة يُنظرُ إليها على أنها مسألة عنف أسري. مهما يحدث في العالم العربي، فإنه خطأ الإسلام. وفي الغرب، حيث تقع العديد من أشكال الإيذاء و العنف الأسري ، تحدث من آب يستغل ابنته ، ورئيس غير مخلص، وحتى عندما يقوم الأساقفة والكهنة بإستغلال الأطفال، وفضائح الكنيسة، كل ذلك لا يعزى إلى الدين. ولكن، عندما تتم الإساءة في دولة اسلامية الى شخص عادي مثل متحدثتكم، فإن اللوم يلقى على الإسلام! أرفض توجيه اللوم سواء للإسلام أو للمسيحية لأنهما دينان سماويان ينكران كل أشكال الشرور.

أرسل لك هذه الرسالة مصحوبة بالأمل في أنك سوف تتخذ الخطوات اللازمة لوقف الكراهية من أن تنبثق من كنيستكم وبدلاً من ذلك أن تحمل رسالة السلام والحب و هو ما عمل المسيح على نشرها. وآمل أن كنيستكم سوف تعمل على بناء جسور المحبة مع تنوع الأديان في مجتمع شارلوتسفيلا والوصول إلى أصحاب المعتقدات المختلفة بطريقة سلمية. وسأكون سعيدة لإتاحة الفرصة لي للتحدث في كنيستكم للتعريف بالمفاهيم الحقيقية للإسلام التي تثري حياتي.

وأخيراً أريد أن الفت انتباهك الى اقتباس من القرآن الكريم الذي يروي قصة المسيح. وآمل أن سيكون ذلك بمثابة خطوة اولى جيدة لإبراز أوجه التشابه بين الإسلام والمسيحية في الحب و الإحترام المشترك لمريم والمسيح على أمل تعزيز السلام والتفاهم.

في سورة مريم ، قال تعالى : قال إني عبدالله آتاني الكتاب و جعلني نبيا (٣٠) و جعلني مباركا أينما كنت و أوصاني بالصلاة و الزكاة ما دمت حيا (٣١) و برا بوالدتي و لم يجعلني جبارا شقيا (32) و السلام علي يوم ولدت و يوم أموت و يوم أبعث حيا (33) ذلك عيسى بن مريم قول الحق الذي فيه يمترون (34) ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون (35)

شكرا لكم و السلام عليكم

الدكتورة فاطمة اللواتية

باحثة بجامعة فيرجينيا

منقول

الله يجازيج الخير

جعلها الله في ميزان حسناتج

بارك الله فيج ..وبارك في الأخت العمانيه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.