رمضان بين الماضي و الحاضر

كــــــــــــــــــــــــــــــــــ عام وانتم بخير ـــــــــــــــــــــــــل

رمضان شهر فضله الله تعالى على باقي الشهور تفضيلا … الشهر الذي ذكر اسمه في القرآن صريحاً " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن " وجعله عز وجل شهر القرآن، … وخصه بليلة القدر التي هي خير من ألف شهر … جعله موسما للطاعات فالأجور فيه مضاعفة … تغلق فيه أبواب النيران وتفتح أبواب الجنان … وتصفد شياطين الجنّ … ليترك الله جهادنا في هذا الشهر مع النفس بعد أن جردها من عوامل قوتها وسهل لها سبل التزكية … وجعل في الجنّة باباً اسمه الريان لا يدخله إلا الصائمين .
ولهذا الشهر مكانته في نفوس المؤمنين لذلك كنّا نرى سلفنا الصالح يقولون ما إن يهل هلال رجب " اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان "وكانوا يرون بلوغ رمضان منّة كبرى أنعم الله بها على عباده المؤمنين موسم طاعة وخير … يسارع فيه المؤمن إلى إصلاح ما فسد من عامه بل من عمره من سيء الخلق والعمل … ليستقبل رمضان استقبال الكريم الذي طال غيابه وطال الشوق إليه … وعندما يودعون رمضان كان وداعهم له وداع الغالي الذي ترك في القلب غصة وحرقة لذلك يقول صلى الله عليه وسلم " لو يعلم العباد ما في رمضان لتمنت أمتي أن يكون سنة "
الاستعداد لرمضان … استعداد قلبي … روحي أخلاقي … لا استعداد مادي … هكذا فهموه كان سلفنا الصالح يستعدون لرمضان بالتوبة … وكثرة العبادة والتقرب إلى الله بكل أنواع الطاعات .
ظل مفهوم رمضان ماثلاً في قلوب المسلمين وأذهانهم … كنت أذكر وليس العهد بعيداً كيف كان استقبال هذا الشهر الغالي … كانت له رائحة نشمها ونسمات نتنشقها منذ وقوفنا على أعتابه وقبل حلوله بفترة طويلة … كنت أرى كيف كان الناس يعدون برنامجهم العبادي المتكامل من صلاة وقرآن وذكر وصلة رحم … كانت توضع برامج لزيارة الأهل والأقرباء والجيران والأصحاب مع ود في القلب وتمنيات مباركات في الشهر … اذكر أن الطريق في رمضان لا يكاد يخلو من مارته في كل ساعات الليل فمن عائد إلى بيته بعد زيارة مباركة وصل فيها قلب إلى ذا هب للمسجد لصلاة التهجد … كنا نرى الناس في الطريق ليلهم كنهارهم بشرهم في وجههم … الطريق لا يخلو من مارته إلا ساعة الإفطار … ساعة منع تجول ربانية … قد رضيها العباد طوعا ومحبة وأملاً بثواب جزيل ينتظرون موسمه من العام إلى العام فطوبى لمن أدركه .
لكن الحال لم يدم … لان دوام الحال من المحال … عندما غزتنا الفضائيات فكريا وعقائديا وأخلاقياً … غيرت المفاهيم والمعايير .
أصبح الاحتفال بقدوم رمضان بعد أن كان قلبياً روحياً … علنياً فنيا على شاشات التلفاز … الذي دخل كل بيت بل كل عقل وقلب … أصبح الاحتفال به والاستعداد له يقاس ليس بكمّ العبادة التي نرجوها بل بكمّ المسلسلات التي تقدمها هذه الشاشات … وبكمّ متابعتنا لها … أصبح هناك سباق محموم بين تلك الفضائيات … سباق لا يحكمه خلق ولا عقل … وأصبحت تتباهى بما أعدت من برامج لمشاهديها في هذا الشهر الكريم واستعملت عبارات رنانة للتسويق لسفاسفها … رمضان كريم … رمضان يجمعنا … الخ …بعد أن كان يجمعنا على الطاعة والعبادة أصبح يجمعنا على تلك المسلسلات والبرامج التي تستخف بالعقل المؤمن وتهبط به … لتصبح تلك الترهات أحاديث الناس المشتركة في رمضان … حتى أصبحنا قبل مجيء رمضان نتطلع بشوق إلى تلك الفضائيات وما تخبئه لنا كساحر يعرض ألعابه أمام مشاهد مسلوب الإرادة … إنها مباراة حقيقية بين فضائياتنا بدايتها أول يوم من رمضان نهايتها يوم العيد بعد أن تكون قد حققت الهدف المنشود من هذا السباق وهذه البرامج وهو تحويل بريق رمضان إلى بريق زائف … وصرف الصائم عن العبادة والطاعة … وإفراغ هذا الشهر العظيم من محتواه الإيماني … لتجعل رمضاننا كفاكهة البيوت البلاستيكية ذات الشكل الرائع والفائدة المعدومة … والأضرار الجسيمة … اللهم اجعلنا ممن عرفوا لرمضان قدره … فأحسنوا فيه التوبة … واجعلنا فيه من الصائمين القائمين المقبولين عندك برحمتك يا ارحم الراحمين

و مع السلامة

خليجية

الله يوفقج الله يرزقنا الزوج الصالح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.