كلام من ذهب يستحق القراءة. .

سوء فهم وسوء تقدير

تحدث لنا مواقف كثيرة تمر على بعضنا مرور الكرام، ولكن هناك من يجعل له وقفة مع كل موقف، يتمعن، يتفكر، يتأمل، يحلل، يفهم، يستوعب ويستفيد منه.

فقل لي بالله عليك، أين الخطأ في هذه المواقف:
– شخص مدخن ينصحك بعدم التدخين.
– شخص بدين الجسم ينصحك بالرياضة والمحافظة على جسمك.
– شخص أصلع ينصحك بالاهتمام بشعرك.
– شخص شره في الأكل ينصحك بالتقليل من الأكل وتجنب الأكل غير الصحي.
– شخص فاشل ينصحك بالاجتهاد والمثابرة.
– شخص مهمل ينصحك بالاهتمام والمحافظة.
– شخص عاصي لوالديه وينصحك بالاهتمام بوالديك ورعايتهما.
– طبيب عيون يضع نظارة على عينيه ينصحك بعملية عيوني للاستغناء عن النظارة.
– شخص يعاكس ويفعل المحرمات وينصحك بالابتعاد عن هذا المجال.
– شخص يشتم ويلعن وينصحك بعدم السب والشتم واللعن.

كثير من الناس يرون أن نصيحة أولئك مردودة عليهم، فالأولى ينصحون أنفسهم قبل نصيحة الآخرين.

ولكن لدي بعض الأسئلة أود منك التفكير فيها:
– أليس ما ذكره (نصح به) أولئك أمر حقيقي؟
– أليس في نصائحهم خير لك وفوائد؟

إن ردات الفعل السلبية تجاه نصائح مثل أولئك جاءت مبنية على فكرة "القدوة"، بافتراض أن الناصح يجب أن يكون قولا وفعلا، فركزوا على القدوة واهملوا "قيمة" النصيحة!

عليك أن تأخذ الفائدة من كلام المتحدث، فأنت لا تعلم وضعه ولا حالته ولا ظروفه، فلا تحكم عليه، فقد يكون مبتلى لا يقدر على ترك ما هو عليه ولذا وجه لك نصيحة.
لا تعلم أن ما أصابه ليس له علاج ولذا ينصحك بالابتعاد عنه!
لا تعلم أن حالته الصحية مثلا لا تسمح له بعمل كذا ولذا نصحك بعمله لأنك قادر وهو لا يقدر!
لا تعلم كم حاول وحاول وحاول ولكنه لم يقدر ولذا لخص عليك الأمر وقدم نصيحته.

هناك سوء فهم وسوء تقدير في هذه الأمور ولذا وجدنا من يقول عبارات مزعجة لمثل أولئك رداً على نصائحهم:
– باب النجار مخلع.
– انصح نفسك أولا.
– اهتم ب…. قبل أن تنصحنا بالاهتمام ب…
– الذي يسمعك يظن بأنك ملاك.
– الأولى أن تقول ذلك لنفسك.
– الأولى أن تنصبح به أهل بيتك.
– المفروض أنك …….

وغيرها من التجريحات والتعليقات التي لا تخلق إلا العداء أو قطع الفائدة من أهل التجربة، ممن عانوا في مواضيع معينة في حياتهم ولا يريدون لنا أن نعاني مثلهم.

هناك حكمة تقول: "خذ الحكمة من أفواه المجانين"، فإذا كنا قبلنا أخذ الحكمة من المجانين فالأولى أخذها من أصحاب الخبرة والتجارب عندما تحمل لنا الخير.

فقد تجد ظالتك في قول طفل، أو تجد الحكمة في كلامه فتأخذها لأنها تحمل "قيمة" وتحمل "فائدة". فمثلا ابني خليفة عمره 13 سنة (أرسل لي حكمة قبل يومين كتبها يقول فيها: "الثقة بالنفس كقوة الإيمان بالله، لا تأتي بالكلام بل بلأفعال". فعمر خليفة يعطينا عدم عمق خبرته وتجاربه في الحياة فهو لا يزال صغيراً، ولكن أعطانا عقله حكمة تجسدُ "قيمة" نحتاجها جميعنا.

فجزى الله عنا كل خير من قدموا لنا النصائح القيمة التي أرادوا فيها ألا نكون مثلهم ونقع فيما وقعوا به وعانوا منه.

تقبلوا تحياتي، وصباحكم خير وبركة وسعادة
عبداللطيف العزعزي
6/4/2016

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.