شرح الثلاثة الاصول بشرح الشيخ بن عثيمين رحمه الله تعالى ()

قال ابن كثير – رحمه الله تعالى (1) _: "الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة "

وأنواع العبادة التي أمر الله بها (2) : مثل الإسلام، والإيمان،

(1) هو عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر القرشي الدمشقي الحافظ المشهور صاحب التفسير والتاريخ من تلاميذ شيخ الإسلام بن تيمية توفي سنة أربع وسبعين وسبعمائة.

(2) لما بين المؤلف رحمه الله تعالى أن الواجب علينا أن نعبد الله وحده لا شريك له ، بين فيما يأتي شيئاً من أنواع العبادة فقال : وأنواع العبادة مثل الإسلام ، والإيمان ، والإحسان.

وهذه الثلاثة الإسلام ، والإيمان ، والإحسان هي الدين كما جاء ذلك فيما رواه مسلم من حديث عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- قال: "بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر ، لا يرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه ، قال: يا محمد أخبرني عن الإسلام؟ فقال؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا اله وأن محمداً رسول الله ، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً . قال صدقت. قال : فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال : فاخبرني عن الإيمان؟ قال أن تؤمن بالله ، وملائكته، وكتبه، ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه

والإحسان؛ ومنه الدعاء ، والخوف ، والرجاء ، والتوكل ، والرغبة ، والرهبة ، والخشوع ، والخشية ، والإنابة ، والاستعانة ، والاستعاذة ، والاستغاثة ، والذبح، والنذر ، وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله بها كلها لله تعالى (1) . والدليل قوله تعالى: )وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً) (الجـن:18) ، فمن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر ، والدليل قوله تعالى: )وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) (المؤمنون:117)

فإن لم تكن تراه فإنه يراك . قال : فأخبرني عن الساعة؟ قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل. قال فأخبرني عن إماراتها؟ قال: أن تلد الأمة ربتها ، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاه يتطاولون في البنيان، ثم أنطلق فلبثت ملياً ثم قال لي ياعمر: أتدري من السائل؟ قلت الله ورسوله أعلم. قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم"(14) فجعل النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأشياء هي الدين وذلك أنها متضمنة للدين كله.

(1) أي كل أنواع العبادة مما ذكر وغيره لله وحده لا شريك له فلا يحل صرفها لغير الله تعالى:

(2) ذكر المؤلف رحمه الله تعالى جملة من أنواع العبادة وذكر أن من صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر واستدل بقوله تعالى: ( وأن المساجد لله

وفي الحديث: "الدعاء مخ العبادة" . والدليل قوله تعالى: )وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (1) (غافر:60)

فلا تدعوا مع الله أحداً) وبقوله: ( ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ) ووجه الدلالة من الآية الأولى أن الله تعالى أخبر أن المساجد وهي مواضع السجود أو أعضاء السجود لله ورتب على ذلك قوله: ( فلا تدعوا مع الله أحداً ) أي لا تعبدوا معه غيره فتسجدوا له ، ووجه الدلالة من الآية الثانية بأن الله سبحانه وتعالى بين أن من يدعو مع الله إلها آخر فإنه كافر لأنه قال : ( إنه لا يفلح الكافرون) وفي قوله: ) لا برهان له به( إشارة إلى أنه لا يمكن أن يكون برهان على تعدد الآلهة فهذه الصفة " لا برهان له به " صفة كاشفة مبينة للأمر وليست صفة مقيدة تخرج ما فيه برهان لأنه لا يمكن أن يكون برهان على أن مع الله إلها آخر.

(1) هذا شروع من المؤلف رحمه الله تعالى في أدلة أنواع العبادة التي ذكرها في قوله: "وأنواع العبادة التي أمر الله بها مثل الإسلام والإيمان والإحسان ومنه الدعاء . . " إلخ، فبدأ رحمه الله بذكر الأدلة على الدعاء وسيأتي إن شاء الله تفصيل أدلة الإسلام والإيمان والإحسان. واستدل المؤلف رحمه الله بما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " الدعاء مخ العبادة (15) واستدل كذلك بقوله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (غافر:60) فدلت الآية

ودليل الخوف قوله تعالى: ) فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (1) ،

(آل عمران:الآية175). . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الكريمة على أن الدعاء من العبادة ولولا ذلك ما صح أن يقال: ( إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ( فمن دعا غير الله عز وجل بشيء لا يقدر عليه إلا الله فهو مشرك كافر سواء كان المدعو حياً أو ميتاً . ومن دعا حياً بما يقدر عليه مثل أن يقول يا فلان أطعمني ، يا فلان اسقني فلا شيء فيه ، ومن دعا ميتاً أو غائباً بمثل هذا فإنه مشرك لأن الميت أو الغائب لا يمكن أن يقوم بمثل هذا فدعاؤه إياه يدل على أنه يعتقد أن له تصرفاً في الكون فيكون بذلك مشركاً.

واعلم أن الدعاء نوعان: دعاء مسألة ودعاء عبادة.

فدعاء المسألة هو دعاء الطلب أي طلب الحاجات وهو عبادة إذا كان من العبد لربه ، لأنه يتضمن الافتقار إلى الله تعالى واللجوء إليه ، واعتقاد أنه قادر كريم واسع الفضل والرحمة. ويجوز إذا صدر من العبد لمثله من المخلوقين إذا كان المدعو يعقل الدعاء ويقدر على الإجابة كما سبق في قوله القائل يا فلان أطعمني.

وأما دعاء العبادة فأن يتعبد به للمدعو طلباً لثوابه وخوفاً من عقابه وهذا لا يصح لغير الله وصرفه لغير الله شرك أكبر مخرج عن الملة وعليه يقع الوعيد في قوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)(غافر:الآية60) .

(1) الخوف هو الذعر وهو انفعال يحصل بتوقع ما فيه هلاك أو ضرر أو أذى ، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن خوف أولياء الشيطان وأمر بخوفه وحده.

ودليل الرجاء قوله تعالى: ) فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (1) (الكهف:الآية110). . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

والخوف ثلاثة أنواع :

النوع الأولى: خوف طبيعي كخوف الإنسان من السبع والنار والغرق وهذا لا يلام عليه العبد قال الله تعالى عن موسى عليه الصلاة والسلام: )فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ )(القصص:الآية18) لكن إذا كان هذا الخوف كما ذكر الشيخ رحمه الله سبباً لترك واجب أو فعل محرم كان حراماً ؛ لأن ما كان سبباً لترك واجب أو فعل محرم فهو حرام ودليله قوله تعالى: ( فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(آل عمران:الآية175) .

والخوف من الله تعالى يكون محموداً ، ويكون غير محمود .

فالمحمود ما كانت غايته أن يحول بينك وبين معصية الله بحيث يحملك على فعل الواجبات وترك المحرمات، فإذا حصلت هذه الغاية سكن القلب واطمأن وغلب عليه الفرح بنعمة الله، والرجاء لثوابه. وغير المحمود ما يحمل العبد على اليأس من روح الله والقنوط وحينئذ يتحسر العبد وينكمش وربما يتمادى في المعصية لقوة يأسه.

النوع الثاني: خوف العبادة أن يخاف أحداً يتعبد بالخوف له فهذا لا يكون إلا لله تعالى. وصرفه لغير الله تعالى شرك أكبر.

النوع الثالث: خوف السر كأن يخاف صاحب القبر ، أو ولياً بعيداً عنه لا يؤثر فيه لكنه يخافه مخافة سر فهذا أيضاً ذكره العلماء من الشرك.

(1) الرجاء طمع الإنسان في أمر قريب المنال، وقد يكون في بعيد المنال

ودليل التوكل قوله تعالىخليجية وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(المائدة:الآية23) ، وقال: ) وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) (1) (الطلاق:الآية3). . . . . . . . . .

تنزيلاً له منزلة القريب.

والرجاء المتضمن للذل والخضوع لا يكون إلا لله عز وجل وصرفه لغير الله تعالى شرك إما اصغر ، وإما أكبر بحسب ما يقوم بقلب الراجي . وقد استدل المؤلف بقوله تعالى: ) فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)(الكهف:الآية110) . واعلم أن الرجاء المحمود لا يكون إلا لمن عمل بطاعة الله ورجا ثوابها، أو تاب من معصيته ورجا قبول توبته ، فأما الرجاء بلا عمل فهو غرور وتمن مذموم.

(1) التوكل على الشيء الاعتماد عليه. والتوكل على الله تعالى: الاعتماد على الله تعالى كفاية وحسباً في جلب المنافع ودفع المضار وهو من تمام الإيمان وعلاماته لقوله تعالىخليجية وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (المائدة:الآية23) وإذا صدق العبد في اعتماده على الله تعالى كفاه الله تعالى ما أهمه لقوله تعالى : ) وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) (الطلاق:الآية3) أي كافيه ثم طمأن المتوكل بقوله: ) إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ )(الطلاق:الآية3) . فلا يعجزه شيء أراده. وأعلم أن التوكل أنواع:

الأول: التوكل على الله تعالى وهو من تمام الإيمان وعلامات صدقه

وهو واجب لا يتم الإيمان إلا به وسبق دليله.

الثاني: توكل السر بأن يعتمد على ميت في جلب منفعة ، أو دفع مضرة فهذا شرك أكبر ؛ لأنه لا يقع إلا ممن يعتقد أن لهذا الميت تصرفاً سرياً في الكون، ولا فر ق بين أن يكون نبياً ، أو ولياً ، أو طاغوتاً عدوا لله تعالى.

الثالث: التوكل على الغير فيما يتصرف فيه الغير مع الشعور بعلو مرتبته وانحطاط مرتبة المتوكل عنه مثل أن يعتمد عليه في حصول المعاش ونحوه فهذا نوع من الشرك الأصغر لقوة تعلق القلب به والاعتماد عليه. أما لو اعتمد عليه على أنه سبب وأن الله تعالى هو الذي قدر ذلك على يده فإن ذلك لا بأس به، إذا كان للمتوكل عليه أثر صحيح في حصوله .

الرابع : التوكل على الغير فيما يتصرف فيه المتوكل بحيث ينيب غيره في أمر تجوز فيه النيابة فهذا لا بأس به بدلالة الكتاب، والسنة ، والإجماع فقد قال يعقوب لبنيه )يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ)(يوسف:الآية87) ووكل النبي صلى الله عليه وسلم ،على الصدقة عمالاً وحفاظاً ، ووكل في إثبات الحدود وإقامتها ، ووكل علي بن أبي طالب رضي الله عنه في هديه في حجة الوداع أن يتصدق بجلودها وجلالها ، وأن ينحر ما بقى من المئة بعد أن نحر صلى الله عليه وسلم بيده ثلاثاً وستين. وأما الإجماع على جواز ذلك فمعلوم من حيث الجملة.

ودليل الرغبة (1) والرهبة -(2) والخشوع (3) قوله تعالى: } إنهم كانوا

(1) الرغبة : محبة الوصول إلى الشيء المحبوب.

(2) والرهبة: الخوف المثمر للهرب من المخوف فهي خوف مقرون بعمل.

(3) الخشوع: الذل والتطامن لعظمة الله بحيث يستسلم لقضائه الكوني والشرعي.

يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهباً وكانوا لنا خاشعين { (1) {سورة الأنبياء، الآية: 90}.

ودليل الخشية قوله تعالى: } فلا تخشوهم واخشوني{ (2) {سورة البقرة، الآية: 150}

(1) في هذه الآية الكريمة وصف الله تعالى الخلص من عباده بأنهم يدعون الله تعالى رغباً ورهباً مع الخشوع له، والدعاء هنا شامل لدعاء العبادة ودعاء المسألة ، فهم يدعون الله رغبة فيما عنده وطمعاً في ثوابه مع خوفهم من عقابه وآثار ذنوبهم ، والمؤمن ينبغي أن يسعى إلى الله تعالى بين الخوف والرجاء، ويغلب الرجاء في جانب الطاعة لينشط عليها ويؤمل قبولها ، ويغلب الخوف إذا هم بالمعصية ليهرب منها وينجو من عقابها.

وقال بعض العلماء : يغلب جانب الرجاء في حال المرض وجانب الخوف في حال الصحة؛ لأن المريض منكسر ضعيف النفس وعسى أن يكون قد اقترب أجله فيموت وهو يحسن الظن بالله عز وجل ، وفي حال الصحة يكون نشيطاً مؤملاً طول البقاء فيحمله ذلك على الأشر والبطر فيغلب جانب الخوف ليسلم من ذلك.

وقيل يكون رجاؤه وخوفه واحداً سواء لئلا يحمله الرجاء على الأمن من مكر الله ، والخوف على اليأس من رحمة الله تعالى وكلاهما قبيح مهلك لصاحبه .

(2) الخشية هي الخوف المبني على العلم بعظمة من يخشاه وكمال سلطانه لقوله تعالى : ) إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ )(فاطر:الآية28)أي العلماء بعظمته وكمال سلطانه فهي أخص من الخوف ، ويتضح الفرق بينهما بالمثال فإذا خفت من شخص لا تدري هل هو قادر عليك أم

ودليل الإنابة قوله تعالى: )وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ) (1) (الزمر:الآية54).

لا فهذا خوف ، وإذا خفت من شخص تعلم أنه قادر عليك فهذه خشية . ويقال في أقسام أحكام الخشية ما يقال في أقسام أحكام الخوف.

(1) الإنابة الرجوع إلى الله تعالى بالقيام بطاعته واجتناب معصيته وهي قريبة من معنى التوبة إلا أنها أرق منها لما تشعر به من الاعتماد على الله واللجوء إليه ولا تكون إلا لله تعالى ودليلها قوله تعالى: )وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ)(الزمر:الآية54).

والمراد بقوله تعالى: } وأسلموا له{ الإسلام الشرعي وهو الاستسلام لأحكام الله الشرعية وذلك أن الإسلام لله تعالى نوعان:

الأول: إسلام كوني وهو الاستسلام لحكمه الكوني وهذا عام لكل من في السموات والأرض من مؤمن وكافر ، وبر وفاجر لا يمكن لأحد أن يستكبر عنه ودليله قوله تعالى: ) وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ)(آل عمران:الآية83) .

الثاني: إسلام شرعي وهو الاستسلام لحكمه الشرعي وهذا خاص بمن قام بطاعته من الرسل وأتباعهم بإحسان، ودليله في القرآن كثير ومنه هذه الآية التي ذكرها المؤلف رحمه الله.

ودليل الاستعانة قوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الفاتحة:5) وفي الحديث(16) " إذا استعنت فاستعن بالله" .

(1) الاستعانة طلب العون وهي أنواع:

الأول: الاستعانة بالله وهي: الاستعانة المتضمنة لكمال الذل من العبد لربه ، وتفويض الأمر إليه، واعتقاد كفايته وهذه لا تكون إلا لله تعالى ودليلها قوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ووجه الاختصاص أن الله تعالى قدم المعمول }إياك{ وقاعدة اللغة التي نزل بها القرآن أن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر والاختصاص، وعلى هذا يكون صرف هذا النوع لغير الله تعالى شركاً مخرجاً عن الملة.

الثاني: الاستعانة بالمخلوق على أمر يقدر عليه فهذه على حسب المستعان عليه فإن كانت على بر فهي جائزة للمستعين مشروعة للمعين لقوله تعالى: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)(المائدة:الآية2). وإن كانت على إثم فهي حرام على المستعين والمعين لقوله تعالى : ( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثم وَالْعُدْوَانِ )(المائدة:الآية2)

وإن كانت على مباح فهي جائزة للمستعين والمعين لكن المعين قد يثاب على ذلك ثواب الإحسان إلى الغير ومن ثم تكون في حقه مشروعة لقوله تعالى: ( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)(البقرة:الآية195) .

الثالث: الاستعانة بمخلوق حي حاضر غير قادر فهذه لغو لا طائل تحتها مثل أن يستعين بشخص ضعيف على حمل شيء ثقيل.

ودليل الاستعاذة قوله تعالى: )قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) (الفلق:1) .

، و )قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) (1) (الناس:1) .

الرابع: الاستعانة بالأموات مطلقاً أو بالأحياء على أمر غائب لا يقدرون على مباشرته فهذا شرك لأنه لا يقع إلا من شخص يعتقد أن لهؤلاء تصرفاً خفيا في الكون.

الخامس: الاستعانة بالأعمال والأحوال المحبوبة إلى الله تعالى وهذه مشروعة بأمر الله تعالى في قوله: ) اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ)(البقرة:الآية153).

وقد استدل المؤلف رحمه الله تعالى للنوع الأول بقوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الفاتحة:5) وقوله صلى الله عليه وسلم : "إذا استعنت فاستعن بالله".

(1) الاستعاذة : طلب الإعاذة،والإعاذة الحماية من مكروه فالمستعيذ محتم بمن استعاذ به ومعتصم به والاستعاذة أنواع:

الأول: الاستعاذة بالله تعالى وهي المتضمنة لكمال الافتقار إليه والاعتصام به واعتقاد كفايته وتمام حمايته من كل شيء حاضر أو مستقبل ، صغير أو كبير ، بشر أو غير بشر ودليلها قوله تعالىخليجيةقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ* مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ) (الفلق:2) إلى آخر السورة وقوله تعالى : )قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ*مَلِكِ النَّاسِ* إِلَهِ النَّاسِ*مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ) (الناس:1-4) إلى آخر السورة.
.

الثاني: الاستعاذة بصفة من صفاته ككلامه وعظمته وعزته ونحو ذلك ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق" (17)وقوله : "أعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي"(18)وقوله: في دعاء الألم "أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر" (19)، وقوله: " أعوذ برضاك من سخطك" (20)، وقوله صلى الله عليه وسلم حين نزل قوله تعالى: )قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ )(الأنعام:الآية65) فقال: "أعوذ بوجهك"(21)

الثالث: الاستعاذة بالأموات أو الأحياء غير الحاضرين القادرين على العوذ فهذا شرك ومنه قوله تعالى: )وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً) (الجـن:6)

الرابع: الاستعاذة بما يمكن العوذ به من المخلوقين من البشر أو الأماكن أو غيرها فهذا جائز ودليله قوله صلى الله عليه وسلم في ذكر الفتن : "من تشرف لها تستشرفه ومن وجد ملجأ أو معاذاً فليعذبه" (22) متفق عليه وقد بين صلى الله عليه وسلم هذا الملجأ والمعاذ بقوله: "فمن كان له إبل فليلحق بإبله" الحديث رواه مسلم، وفي صحيحه أيضاً عن جابر رضي الله عنه أن امرأة من بني مخزوم سرقت فأتي

ودليل الاستغاثة قوله تعالى: )إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ ) (1) (لأنفال:الآية9) .

بها النبي صلى الله عليه وسلم فعاذت بأم سلمة(23) الحديث، وفي صحيحه أيضاً عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه بعث" (24)

الحديث.

ولكن إن استعاذ من شر ظالم وجب إيواؤه وإعاذته بقدر الإمكان ، وإن استعاذ ليتوصل إلى فعل محظور أو الهرب من واجب حرم إيواؤه.

(1) الاستغاثة طلب الغوث وهو الإنقاذ من الشدة والهلاك ، وهو أقسام :

الأول: الاستغاثة بالله عز وجل وهذا من أفضل الأعمال وأكملها وهو دأب الرسل وأتباعهم ، ودليله ما ذكره الشيخ رحمه الله ( إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين) وكان ذلك في غزوة بدر حين نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المشركين في ألف رجل وأصحابه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً فدخل العريش يناشد ربه عز وجل رافعاً يديه مستقبل القبلة يقول : " اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض"(25) وما زال يستغيث بربه رافعاً يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأخذ أبو بكر رضي الله عنه رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه ، وقال : يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله هذه الآية.

ودليل الذبح قوله تعالى: )قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ) (1) (الأنعام:الآية162-163) ومن السنة : "لعن الله من ذبح لغير الله".(26)

الثاني: الاستغاثة بالأموات أو بالأحياء غير الحاضرين القادرين على الإغاثة فهذا شرك ؛ لأنه لا يفعله إلا من يعتقد أن لهؤلاء تصرفاً خفياً في الكون فيجعل لهم حظاً من الربوبية قال الله تعالى: )أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ) (النمل:62)

الثالث: الاستغاثة بالأحياء العالمين القادرين على الإغاثة فهذا جائز كالاستعانة بهم قال الله تعالى في قصة موسى : ) فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ )(القصص:الآية15).

الرابع: الاستغاثة بحي غير قادر من غير أن يعتقد أن له قوة خفية مثل أن يستغيث الغريق برجل مشلول فهذا لغو وسخرية بمن استغاث به فيمنع منه لهذه العله، ولعلة أخرى وهي الغريق ربما اغتر بذلك غيره فتوهم أن لهذا المشلول قوة خفية ينقذ بها من الشدة.

(1) الذبح إزهاق الروح بإراقة الدم على وجه مخصوص ويقع على وجوه

الأول: أن يقع عبادة بأن يقصد به تعظيم المذبوح له والتذلل له والتقرب إليه فهذا لا يكون إلا لله تعالى على الوجه الذي شرعه الله تعالى، وصرفه لغير الله شرك أكبر ودليله ما ذكره الشيخ رحمه الله وهو قوله تعالى: خليجية قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *لا شَرِيكَ لَهُ) .

ودليل النذر (1) قوله تعالى: ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً)(2) (الإنسان:7) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الثاني: أن يقع إكراماً لضيف أو وليمة لعرس أو نحو ذلك فهذا مأمور به إما وجوباً أو استحباباً لقوله صلى الله عليه وسلم : "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه" (27) وقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف "أو لم ولو بشاة"(28).

الثالث: أن يقع على وجه التمتع بالأكل أو الاتجار به ونحو ذلك فهذا من قسم المباح فالأصل فيه الإباحة لقوله تعالى: )أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ* وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ) (يّـس:71-72) وقد يكون مطلوباً أو منهياً عنه حسبما يكون وسيلة له.

(1) أي دليل كون النذر من العبادة قوله تعالى: ( يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً) .

(2) وجه الدلالة من الآية أن الله أثنى عليهم لإيفائهم النذر وهذا يدل على أن الله يحب ذلك ، وكل محبوب لله من الأعمال فهو عبادة.

ويؤيد ذلك قوله : ( وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ) .

واعلم أن النذر الذي امتدح الله تعالى هؤلاء القائمين به هو جميع العبادات التي فرضها الله عز وجل فإن العبادات الواجبة إذا شرع فيها

يتبع….

شرح الثلاثة الاصول _بشرح الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى

قال الشافعي -رحمه الله تعالى (1) _: " لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم" (2) وقال البخاري -رحمه الله (3) -: "باب العلم قبل القول والعمل" . والدليل قوله تعالى: )فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ)(محمد:الآية19) ، فبدأ بالعلم قبل القول والعمل(4) .

(1) الشافعي هو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي القرشي ، ولد في غزة سنة 150 هـ وتوفي بمصر سنة 204 هـ وهو أحد الأئمة الأربعة على الجميع رحمة الله تعالى:

(2) مراده رحمه الله أن هذه السورة كافية للخلق في الحث على التمسك بدين الله بالإيمان ، والعمل الصالح ، والدعوة إلى الله، والصبر على ذلك، وليس مراده أن هذه السورة كافية للخلق في جميع الشريعة.

وقوله : "لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم" لأن العاقل البصير إذا سمع هذه السورة أو قرأها فلا بد أن يسعى إلى تخليص نفسه من الخسران وذلك باتصافه بهذه الصفات الأربع: الإيمان، والعمل الصالح ، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر .

(3) البخاري هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، ولد ببخارى في شوال سنة أربعة وتسعين ومائة ونشأ يتيماً في حجر والدته ، وتوفي رحمه الله في خرتنك بلدة على فرسخين من سمرقند ليلة عيد الفطر سنة ست وخمسين ومائتين.

(4) أستدل البخاري رحمه الله بهذه الآية على وجوب البداءة بالعلم قبل القول والعمل وهذا دليل أثري يدل على أن الإنسان يعلم أولاً ثم يعمل ثانياً ، وهناك دليل عقلي نظري يدل على أن العلم قبل القول والعمل وذلك لأن القول أو العمل لا يكون صحيحاً مقبولاً حتى يكون على وفق الشريعة ، ولا يمكن أن يعلم الإنسان أن عمله على وفق الشريعة إلا بالعلم، ولكن هناك أشياء يعلمها الإنسان بفطرته كالعلم بأن الله إله واحد فإن هذا قد فطر عليه العبد ولهذا لا يحتاج إلى عناء كبير في التعلم ، أما المسائل الجزئية المنتشرة فهي التي تحتاج إلى تعلم وتكريس جهود.

أعلم رحمك الله : أنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم ثلاث هذه المسائل والعمل بهن، الأولى : أن الله خلقنا(1) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(1) ودليل ذلك أعني أن الله خلقنا سمعي وعقلي :

أما السمعي فكثير ومنه قوله عز وجل: )هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمّىً عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ) (الأنعام:2) وقوله: )وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ )(الأعراف:الآية11) الآية ، وقوله تعالى خليجيةوَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ) (الحجر:26) وقوله : )وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) (الروم:20) وقوله: )خَلَقَ الإنسان مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ) (الرحمن:14)

)اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ )(الزمر:الآية62) وقوله: )وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) (الصافات:96)

وقوله: )وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56)

إلى غير ذلك من الآيات. أما الدليل العقلي على أن الله خلقنا فقد جاءت الإشارة إليه في قوله تعالى: )أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ) (الطور:35) فإن الإنسان لم يخلق نفسه لأنه قبل وجوده عدم والعدم ليس بشيء وما ليس بشيء لا يوجد شيئاً ، ولم يخلقه أبوه ولا أمه ولا أحد من الخلق، ولم يكن ليأتي صدفة بدون موجد؛ لأن كل حادث لا بد له من محدث ؛ ولأن وجود هذه المخلوقات على هذا النظام البديع والتناسق المتآلف يمنع منعاً باتاً أن يكون صدفة. إذ الموجود صدفة ليس على نظام في أصل وجوده فكيف يكون منتظماً حال بقائه وتطوره ، فتعين بهذا أن يكون الخالق هو الله وحده فلا خالق ولا آمر إلا الله، قال الله تعالى: ) أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ )(الأعراف:الآية54)

ورزقنا (1) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ولم يعلم أن أحداً من الخلق أنكر ربوبية الله سبحانه وتعالى إلا على وجه المكابرة كما حصل من فرعون ، وعندما سمع جبير بن مطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة الطور فبلغ قوله تعالى: )أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ) (الطور:35- 37) وكان جبير بن مطعم يومئذ مشركاً فقال: "كاد قلبي أن يطير وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي"(6).

(1) أدلة هذه المسألة كثيرة من الكتاب والسنة والعقل أما الكتاب : فقال الله تعالى: )إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (الذاريات:58)

وقال تعالى: )قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ )(سـبأ:الآية24) وقوله: )قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ) (يونس:31)

والآيات في هذا كثيرة.

وأما السنة : فمنها قوله صلى الله عليه وسلم في الجنين يبعث إليه ملك فيؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله ، وعمله وشقي أم سعيد. (7)وأما الدليل العقلي على أن الله رزقنا فلأننا لا نعيش إلا على طعام وشراب، والطعام والشراب خلقه الله عز وجل كما قال الله تعالى: )أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ * إِنَّا لَمُغْرَمُونَ* بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ* أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ* لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ) (الواقعة:63-70)

ولم يتركنا هملاً (1) بل أرسل إلينا رسولاً (2) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ففي هذه الآيات بيان أن رزقنا طعاماً وشراباً من عند الله عز وجل.

(1) هذا هو الواقع الذي تدل عليه الأدلة السمعية والعقلية:

أما السمعية فمنها قوله تعالى: )أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ )(المؤمنون: 115-116) وقوله خليجيةأَيَحْسَبُ الإنسان أَنْ يُتْرَكَ سُدىً * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى* ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى* فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى* أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى) (القيامة:36-40)

وأما العقل : فلأن وجود هذه البشرية لتحيا ثم تتمتع كما تتمتع الأنعام ثم تموت إلى غير بعث ولا حساب أمر لا يليق بحكمة الله عز وجل بل هو عبث محض ، ولا يمكن أن يخلق الله هذه الخليقة ويرسل إليها الرسل ويبيح لنا دماء المعارضين المخالفين للرسل عليهم الصلاة والسلام ثم تكون النتيجة لا شيء ، هذا مستحيل على حكمة الله عز وجل.

(2) أي أن الله عز وجل أرسل إلينا معشر هذه الأمة أمة محمد صلى الله عليه وسلم رسولاً يتلو علينا آيات ربنا ، ويزكينا ، ويعلمنا الكتاب والحكمة ، كما أرسل إلى من قبلنا، قال الله تبارك وتعالى: ) وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ)(فاطر:الآية24) ولا بد أن يرسل الله الرسل إلى الخلق لتقوم عليهم الحجة وليعبدوا الله بما يحبه ويرضاه قال الله تبارك وتعالى: )إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً) *وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً * رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (النساء:163-165)

فمن أطاعه دخل الجنة(1) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ولا يمكن أن نعبد الله بما يرضاه إلا عن طريق الرسل عليهم الصلاة والسلام لأنهم هم الذين بينوا لنا ما يحبه الله ويرضاه ، وما يقربنا إليه عز وجل فبذلك كان من حكمة الله أن أرسل إلى الخلق رسلاً مبشرين ومنذرين الدليل قوله تعالى: )إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً*فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً) (المزمل:15-16)

(1) هذا حق مستفاد من قوله تعالى: )وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ*وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران:132-133) ومن قوله تعالى: ) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)(النساء:الآية13) ومن قوله تعالى)وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) (النور:52)

وقوله : )وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً) (النساء:69)

وقوله: ) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)(الأحزاب:الآية71) والآيات في ذلك كثيرة

يزااج الله خير الغاليه ..

موضوع لا أروع ..

بارك الله فيك ..

جزاك الله خيرا اختي العزيزه..

واياكم وتسلمون على المرور

السلطه اليونانيه ع الاصول بالصور

السلام عليكم و رحمه الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

المقادير
2 بندوره
4 خيار
1 صغير بصل احمر
حبات زيتون
جبن فيتا

الصوص
فنجان شاهي زيت زيتون
3ليمون
ملح – اوريجانو

الطريقه
0 نقطع الخيار والبندوره مربعات
0 نقطع البصل حلقات
0 نضع الملح والليمون وزيت الزيتون ونخلطهم جيدا
0 نضع الزيتون
0 نقطع الجبن الفيتا ونضعه على الوجه
0 ونرش الاوريجانوا فوق الجبن
0
0
0
والنتيجه الذ سلطه يونانيه ع الاصول
0

خليجية

اممم سلطتي المفضلة تسلم ايدج

انا اتعيبني وايد بس دوم الاحظ انه يحطون فيها خس بعد

تسم ايدج

وايد احب هالسلطة

ﻧﺂﯾﺳ..

فوائد من كتاب الاصول الثلاثه

أنواع العبادة التي أمر الله بها، مثل الإسلام، والإيمان، والإحسان، ومنه الدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والخشوع، والخشية، والإنابة، والاستعانة، والاستعاذة، والاستغاثة، والذبح، والنذر، وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله بها، كلها لله تعالى .
لما قرر المصنف رحمه الله تعالى فيما تقدم من الكلام ان الرب هو المعبود , كان من المناسب ان يذكر بعد ذلك انواع العبادة التي يعبد الله عز وجل بها والتي يجب افراد الله جل وعلا بها فهذه بداية من المصنف في تفصيل لما يجب ان يفرد الله به من العبادات .
والعبادة لها تعريفات عند اهل العلم ولكن ايسرها تعريف شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله فقد عرف العبادة فقال : هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الاقوال والاعمال الظاهرة والباطنة .

والعبادات تنقسم الى قسمين :
1- عبادات قولية .
2- عبادات عملية .

والعبادات انواعا كثيرة :
منها اعمالا قلبية مثل الخوف والرجاء والاستغاثة والذبح والنذر والركوع والسجود الصيام الحج الجهاد , هذه تسمى اعمال الجوارح , وهناك انواعا اخرى وانما ذكر الشيخ رحمه الله هذه على سبيل المثال لهذا قال بعد ذلك " وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله بها، كلها لله تعالى "

فالعبادة من حقه سبحانه وتعالى .

ثم قال رحمة الله :
والدليل قوله تعالى: { وَأنَّ المَسَاجِد لِلَّهِ فَلا تَدعُوا مَعَ اللَّهِ أحَداً }
هذا نهي ان يدعوا الناس احدا مع الله جل وعلا , يعني نهي ان يعبدوا احدا مع الله , والدعاء هو العبادة كما جاء في الحديث .
الله جعل اماكن العبادة ( المساجد ) مستحقة له جل في علاه { فَلا تَدعُوا مَعَ اللَّهِ أحَداً } وهذا يشمل النهي عن دعاء المسألة ويشمل النهي عن دعاء العبادة .

ثم قال رحمه الله :
فمن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر.
من صرف يعني : من توجه بشيء من انواع تلك العبادات لغير الله فهو مشرك كافر , يريد ( يقصد ) الشرك الاكبر الذي يخرج من المله لانه اشرك بالله اي عبد مع الله غيره وجعله ندا لله في عبادته .
فمن صرف شيئا لغير الله من انواع العبادات التي لا تنبغي الا لله فهو كافرا كفرا اكبر مخرج من الملة .
اذا دعاء غير الله تعالى من الأموات والغائبين أو رجاهم أو خافهم أو سألهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات أو غير ذلك فهو مشرك الشرك الأكبر المخرج من الملة .

ثم قال المصنف رحمه الله :
والدليل قوله تعالى: { وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ }
هذه الاية دليل على عدم جواز صرف العبادة لغير الله , وان من صرف منها شيئا لغير الله فقد كفر , لذلك الله عز وجل يقول { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } وقال ايضا : { وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }
وقوله هنا { وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ } إلها هنا نكرة في سياق الشرط ( الشرط في قوله { وَمَن يَدْعُ } وجواب الشرط في قوله { َإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ }) فإذن إلها نكرة في سياق الشرط فتعم كل مدعو وتعم كل دعاء . فالنكرة في سياق الشرط تفيد العموم .
إذن الشرط في قوله { وَمَن يَدْعُ } ثم جاء جواب الشرط { َإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ } وهذا فيه التهديد وفيه الوعيد لكل من دعا غير الله عز وجل .

قال رحمه الله تعالى :
وفي الحديث: [ الدعاء مخ العبادة ] .
بدا الشيخ الان في الاستدلال على كل نوع من انواع العبادات التي ذكرها بالبداية الاستدلال على كل نوع بدليله , فبدأ بالنوع الاول وهو الدعاء لأنه أهم أنواع العبادة .
فهذا الحديث [ الدعاء مخ العبادة ] اخرجه الامام الترمذي عن أنس رضي الله عنه – وهو حديث ضعيف لكن معناه في معنى الحديث الصحيح – حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما الي رواه ابو داوود والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ الدعاء هو العبادة ] , فالحديث يدل على ان الدعاء هو العبادة .

قسم العلماء الدعاء الى قسمين :
1- دعاء المسألة : وهو الطلب الصريح , كقولك مثلا : اللهم اغفر لي , اللهم ارحمني , اللهم اهدني , هذا دعاء مسألة , مثل قول الله تعالى :
{ اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ } .
2- دعاء العبادة : وهي سائر العبادات : الصلاة دعاء , الصيام دعاء , الحج دعاء , الذكر كله دعاء , دعاء يعني دعاء عبادة , وسميت العبادة دعاء لان العبد طالبا للثواب من الله عز وجل .
ثم قال رحمه الله :
والدليل قوله تعالى: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }
انظر في هذه الاية قال تعالى { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي } ثم في اخر الاية قال { إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي } فسمى الدعاء عبادة .

قال رحمه الله :
ودليل الخوف قوله تعالى: { فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }
الله عز وجل امر بالخوف منه , وينبغي عليك ايها الحبيب اللبيب أن تعلم
أن الخوف الذي يجب افراد الله سبحانه وتعالى به هو خوف السر , فهذا نهى الله عز وجل عن صرفه لغيره , وخوف السر هو الخوف الذي يتقرب به الخائف للمخوف ويتعبد به الخائف للمخوف منه , وذلك بان يستحضره في الغيب والشهادة وفي السر والعلن ولذلك سماه العلماء بخوف السر , يعني الخوف العبادي الذي يحمل الانسان على فعل الطاعات وترك المنكرات فهذا لا يجوز صرفه لغير الله عز وجل .
وشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يقول : " الخوف المحمود ما حجزك عن محارم الله "
وقال بعض السلف : " لا يعد خائفا من لم يكن للذنوب تاركا "
والخوف من الخلق انواع :
* منه ما هو شرك اكبر كالخوف من الاوثان والخوف من الاموات واعتقاد انهم يعلمون الغيب وانهم يؤثرون بالنفع والضر فهذا شرك اكبر .
*ومنه ما هو معصية كمن قعد عن الجهاد خوفا من العدو وكمن ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر خوفا من ان يلحقه اذى الناس .
* اما خوف الانسان من الاسباب المؤذية لخوفه من السبع او غير ذلك من هذه اشيئاء والامور التي تضره فهذا خوف طبيعي جبلي لا يذم به المرء ولا يأثم .

ثم قال رحمه الله تعالى :
ودليل الرجاء قوله تعالى: { فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً }
الرجاء هو الطمع في الفضل والعفو والرحمة كما قال ربنا تبارك وتعالى : { أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ }
والرجاء يتضمن التذلل والخضوع .
والرجاء نوعان:
1- رجاء محمود: وهو رجاء رجل عمل بطاعة الله على نور من الله فهو راج لثوابه , أو رجاء رجل أذنب ذنوبا ثم تاب منها فهو راج لمغفرة الله تعالى وعفوه وإحسانه وكرمه.

– رجاء مذموم: وهو رجاء رجل متماد في التفريط والخطايا ثم هو يرجو رحمة الله بلا عمل فهذا هو الغرور والتمني والرجاء الكاذب.

والفرق بين الرجاء والتمني: أن الرجاء يكون مع بذل الجهد وحسن التوكل , والتمني يكون مع الكسل.

وقوله تعالى : {فمن كان يرجوا} أي: يعمل ويطلب وينتظر. وقوله {لقاء ربّه} المراد باللقاء أو اللقى هنا المعاينة والمراد بها الملاقاة الخاصة
لأن اللقاء يوم القيامة نوعان:
1- نوع خاص: وهذا للمؤمنين وهو لقاء الرضا والنعيم من الله سبحانه وتعالى.
2- لقاء عام: لجميع الناس وقد دل على اللقاء العام قوله تعالى
{ يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ }

قال المصنف رحمه الله :
ودليل التوكل قوله تعالى: { وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } وقوله: { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ }
تعريف التوكل : هو صدق اعتماد القلب على الله مع الاخذ بالاسباب .
فيجب على المؤمن ان لا يتوكل الا على الله ولا يتوكل على سواه , لذلك اثنى الله عز وجل على المؤمنين بالتوكل عليه قال تعالى :
{ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }
وهذا التوكل يجب افراد الله عز وجل به لفظا وعقدا
اما لفظا فلا يجوز لك ان تقول توكلت على فلان .
واما عقدا ( اي باعتقاد القلب )فلا يجوز ان تركن بقلبك وان تعتمد على غير الله عز وجل فيما لا يقدر عليه الا هو سبحانه …
{ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }

يقول ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين بين منازل اياك نعبد واياك نستعين – في قوله تعالى { وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } : " فجعل التوكل على الله شرطا في الايمان فدل على انتفاء الايمان عند انتفاءه فمن لا توكل له لا ايمان له "

قال المصنف رحمه الله :
ودليل الرغبة والرهبة والخشوع قوله تعالى: { إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ }
الرغبة معناها : السؤال والتضرع والابتهال مع محبة الوصول إلى الشيء المحبوب .
فإذا كان يدعو وعنده قوة لحصول مطلوبه فهذه رغبة .
فالرغبة هي الصدق في الرجاء , فهي نوع من الرجاء وهي اعلى مراتبه .

اما الرهبة بمعنى : الخوف المثمر للهروب من المخوف , فهي خوف مقرون بعمل . قال اهل اللعة : الرهبة والرهب: هي مخافة مع تحرز واضطراب .

والرهبة هي الصدق في الخوف , فهي نوع من الخوف وهي منتهى الخوف .

اما الخشوع هو الذل لله عز وجل , والذل امر لا تستقيم العبادة بغيره , فالخشوع هو التذلل وهو بمعنى الخضوع إلا أن الخضوع يغلب أن يكون في البدن والخشوع في القلب أو البصر أو الصوت. الخشوع يكون في القلب قال تعالى: { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ }, ويكون الخشوع في البصر قال تعالى: { خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ } ويكون الخشوع في الصوت قال تعالى: { وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً } .

ثم قال رحمه الله :
ودليل الخشية قوله تعالى: {فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي }
الخشية بمعنى: الخوف ولكن الخشية أخص لأنها مبنية على علم بتعظم من يخشاه. قال ااهل اللغة : الخشية: خوف يشوبه تعظيم.
وأكثر ما يكون ذلك عن علم بمن يخشى منه , لذلك خص العلماء بها في قوله: { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء } .

قال رحمه الله :
ودليل الإنابة قوله تعالى: { وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ }
الانابة هي: الرجوع الى الله سبحانه وتعالى في كل الامور , والاقبال عليه بعبادته .
وحقيقة الإنابة عكوف القلب على طاعة الله ومحبته والإقبال عليه .

ثم قال رحمه الله :
ودليل الاستعانة قوله تعالى‏:‏ ‏ {‏اِيَّاكَ نَعْبُدُ واِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏} , وفي الحديث : [ اذا استعنت فاستعن بالله ]
الاستعانة هي: طلب العون , لأن الألف والسين والتاء في اللغة للطلب، فإذا قيل : استعان فمعناه طلب الإعانة، وإذا قيل : استغاث، أي : طلب الغوث. وإذا قيل : استخبر، أي : طلب الخبر. واذا قيل : استغفر , اي طلب المغفرة .
وطلب العون من الله جل وعلا يكون على الامور الدنيوية وعلى الامور الدينية , فإن من اقر بأن الله عز وجل هو المعبود طلب العون منه وحده .

{‏اِيَّاكَ نَعْبُدُ واِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏} اي اطلب العون منك يا الله

وفي الحديث [ فاذا استعنت فاستعن بالله ] هذا الحديث رواه احمد والترمذي وحسنه الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله في كتابه جامع العلوم والحكم .وهذا جزء من حديث ابن عباس : [ احفظ الله يحفظك ] وفيه [ اذا استعنت فاستعن بالله ].

[ اذا استعنت فاستعن بالله ] : اي عليك ان تحصر استعانتك وطلبك العون في الله سبحانه وتعالى، فمن استعان بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله فهو مشرك .

ثم قال رحمه الله :
ودليل الاستعاذة قوله تعالى: { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ }
الاستعاذة : هي طلب العوذ او طلب العياذ والعصمة , نقول استعيذ بالله او اعوذ بالله { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } , { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } ,
{ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ }
اي قل اعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
فالاستعاذة هي الاعتصام والالتجاء إلى من تعتقد أنه يعيذك ويلجئك.
{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } , { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } هذه آيات عظيمة , جاء في حديث عقبة ابن عامر رضي الله عنه عند مسلم في صحيحه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ ألم ترى آيات أنزلت الليلة لم يرى مثلهن قط قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ]
ويدخل في الاستعاذة بالله جل وعلا : الاستعاذة بصفاته، والاستعاذة بكلماته وبعزته، ونحو هذا، كما ورد في الاحاديث الصحيحة :
جاء في الحديث [أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ] كما عند مسلم في صحيحه ،
وجاء ايضا [ أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر ] عند مسلم . فهذه استعاذة بالله سبحانه وتعالى .
أما الاستعاذة بالأموات أو بالأحياء غير الحاضرين القادرين فهذا شرك ,أما الاستعاذة بملخوق يمكن العوذ به لأنه قادر، فهذا يجوز كما لو هربت من سبع والتجأت إلى شخص آخر يحميك، أو هربت من عدو والتجأت إلى شخص آخر يمنعك منه. وقد يكون الالتجاء إلى أمكنة، كأن يتسلق شجرة أو يدخل في مكان، فمثل هذا لا بأس به , جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال : [ من وجد ملجأ أو معاذاً فليعذ به ] .

ثم قال رحمه الله :
ودليل الاستغاثة قوله تعالى: { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ }
الاستغاثة هي : طلب الغوث ممن يستطيع ان ينقذك من شدة او من ضيق .

والفرق بين الاستغاثة والاستعاذة :
أن الاستعاذة ان تطلب منه أن يعصمك وأن يمنعك وأن يحصنك، والاستغاثة ان تطلب منه أن يزيل ما فيك من شدة، وهذا لا يكون إلا لله سبحانه وتعالى القادر على كل شيء.

الاستغاثة والاستعاذة يتضمنان كمال الافتقار إلى الله سبحانه وتعالى .

وقوله تعالى : { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ } أي : تستجيرون ربكم وتطلبون منه الغوث فاستجاب لكم. وهذه الآية نزلت في غزوة بدر الكبرى. وكان المشركون أكثر من المسلمين ثلاث مرات، فالمسلمون بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم تضرعوا إلى الله سبحانه وتعالى وتوجهوا اليه بأن يمدهم بالنصر وأن يخلصهم من هذا الموقف الذي هم فيه.

ثم قال رحمه الله :
ودليل الذبح قوله تعالى: { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } , ومن السنه : [ لعن الله من ذبح لغير الله ] .

الذبح لغة : هو شق حلق الحيوان .
والمراد هنا : ذبح ما يتقرب به لله عز وجل .

والذبح تقربا الى الله عز وجل انواع :
* الاضحية .
* الهدي في الحج والعمرة .
* العقيقة .
وكلها من القرابين والانساك التي جاءت في الشريعة .

وقوله عز وجل { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي } قيل ان المراد بالصلاة هنا : الدعاء , وقيل المراد بالصلاة : الصلاة المعروفة المفتتحة بالتكبير المختتمة بالسليم , فالصلاة لله وحده جل في علاه .

وقوله تعالى { وَنُسُكِي } النسك قيل في تفسيره : هو ما يتقرب به الى الله من الذبائح والقرابين , وقيل ان النسك هنا يشمل كل ما يتعبد به .
والنسك لغة يطلق على ما يتقرب به من العبادات ,
منه ايضا الحج والعمره المناسك , فالمناسك هنا لا تقتصر على الذبح بل النسك يشمل الذبح ويشمل غيره .

وقوله تعالى { وَمَحْيَايَ } اي امر حياتي وما اعمله فيها .

وقوله تعالى { وَمَمَاتِي } اي امر موتي وما القاه بعد ذلك .

وقوله :
ومن السنة : [ لعن الله من ذبح لغير الله ]
طبعا اللعن يقتضي تحريم الفعل الملعون صاحبه , وهذا الحديث [ لعن الله من ذبح لغير الله ] جزء من حديث عليا رضي الله عنه قال : " حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات : [ لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثًا، لعن الله من غيَّر منار الأرض ] اخرجه مسلما في صحيحيه , الشاهد منه ما ذكره الشيخ رحمه الله من قوله عليه الصلاة والسلام : [ لعن الله من ذبح لغير الله ] .

واللعن: هو الطرد والإبعاد من رحمة الله.

ثم قال رحمه الله :
ودليل النذر قوله تعالى:{ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرا }
النذر : أن يلزم الإنسان نفسه شيئًا غير لازم بأصل الشرع، فيلزم نفسه بصدقة أو صيام أو صلاة أو غير ذلك، إما بتعليقه على شيء نحو : إن شفى الله مريضي لأصومن ثلاثة أيام أو أتصدق بكذا، أو يكون ابتداء نحو : لله عليَّ أن أتصدق بكذا. والجمهور على أنه مكروه. وقال طائفة بتحريمه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه، وقال : [ إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل ] كما في الصحيحين .
ولكنه إذا وقع وجب الوفاء به في الجملة .

قوله { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ } وجه الدلالة من الآية على أن النذر عبادة : أن الله مدح واثنى على الموفين بالنذر، وكل أمر مدحه الشارع، أو أثنى على من قام به فهو عبادة , ولهذا أمر الله تعالى بالوفاء به في قوله تعالى : { وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ } أي : أعمال حجهم وسميت نذورًا لأن من أحرم بالحج فقد ألزم نفسه إتمامه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري : [ من نذر أن يطيع الله فليطعه ]
فالنذر عبادة لا يجوز للإنسان أن ينذر لغير الله تعالى. فمن نذر لصنم أو لنبي او لولي فهو نذر باطل يحرم الوفاء به بالإجماع .

جزاك الله الف خير

وجزاج بمثله

شرح الثلاثة الاصول _بشرح الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى

ومن عصاه دخل النار (1) والدليل قوله تعالى: )إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً) (المزمل:15-16) الثانية: (2) أن الله لا يرضى أن يشرك معه أحد في عبادته لا ملك مقرب ، ولا نبي مرسل. والدليل قوله تعالى: )وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً) (الجـن:18) .

= ومن قوله صلى الله عليه وسلم "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى" فقيل : ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: "من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني دخل النار"(8) رواه البخاري.

(1) هذا أيضاً حق مستفاد من قوله تعالى : )وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) (النساء:14) وقوله: (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً)(الأحزاب: الآية36) وقوله: ( وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً)(الجـن: الآية23) ومن قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق: "ومن عصاني دخل النار".

(2) أي المسألة الثانية مما يجب علينا علمه أن الله سبحانه وتعالى لا يرضى أن يشرك معه في عبادته أحد، بل هو وحده المستحق للعبادة ودليل ذلك ما ذكره المؤلف رحمه الله في قوله تعالى: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً) (الجـن:18) فنهى الله تعالى أن يدعو الإنسان مع الله أحداً،

الثالثة(1) أن من أطاع الرسول ووحّد الله لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب ، والدليل على قوله تعالى:

والله لا ينهى عن شيء إلا وهو لا يرضاه سبحانه وتعالى وقال الله عز وجل : )إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ )(الزمر: الآية7)، وقال تعالى: ) فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ)(التوبة:الآية96) فالكفر والشرك والقضاء عليهما لا يرضاه الله سبحانه وتعالى بل إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب لمحاربة قال الله تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ )(الأنفال:الآية39) وإذا كان الله لا يرضى بالكفر والشرك فإن الواجب على المؤمن أن لا يرضى بهما ، لأن المؤمن رضاه وغضبه تبع رضا الله وغضبه ، فيغض لما يغضب الله ويرضى بما يرضاه الله عز وجل ، وكذلك إذا كان الله لا يرضى الكفر ولا الشرك فإنه لا يليق بمؤمن أن يرضى بهما. والشرك أمره خطير قال الله عز وجل: )إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)(النساء:الآية48) وقال تعالى: ) إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ)(المائدة:الآية72) وقال النبي صلى الله عليه وسلم "من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة ، ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار" (9)

(1) أي المسألة الثالثة مما يجب علينا علمه الولاء والبراء ، والولاء والبراء

)لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (المجادلة:22)

أصل عظيم جاءت فيه النصوص الكثيرة قال الله عز وجل: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً )(آل عمران:الآية118) وقال تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51) وقال سبحانه وتعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (المائدة:57)

وقال تعالى : )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْأِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ*)قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) (التوبة:23-24) وقال عز وجل: )لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب:21) وقوله تعالى: )قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (الممتحنة:4)

………………………….

كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده) {سورة الممتحنة، الآية: 4} . ولأن موالاة من حاد الله ومداراته تدل على أن ما في قلب الإنسان من الإيمان بالله ورسوله ضعيف ؛ لأنه ليس من العقل أن يحب الإنسان شيئاً هو عدو لمحبوبه ، وموالاة الكفار تكون بمناصرتهم ومعاونتهم على ما هم عليه من الكفر والضلال ، وموادتهم تكون بفعل الأسباب التي تكون بها مودتهم فتجده يوادهم أي يطلب ودهم بكل طريق، وهذا لا شك ينافي الإيمان كله أو كماله ، فالواجب على المؤمن معاداة من حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب إليه، وبغضه والبعد عنه ولكن هذا لا يمنع نصيحته ودعوته للحق.

أعلم (1) أرشدك الله (2) لطاعته (3) : أن الحنيفية (4) ملة (5) إبراهيم (6) : أن تعبد الله وحده (7) مخلصاً له الدين (8) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(1) تقدم الكلام على العلم فلا حاجة إلى إعادته هنا.

(2) الرشد : الاستقامة على طريق الحق.

(3) الطاعة: موافقة المراد فعلاً للمأمور وتركاً للمحظور .

(4) الحنيفية: هي الملة المائلة عن الشرك ، المبينة على الإخلاص لله عز وجل .

(5) أي طريقه الديني الذي يسير عليه ؛ عليه الصلاة والسلام.

(6) إبراهيم هو خليل الرحمن قال عز وجل: ) وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً)(النساء:الآية125) هو أبو الأنبياء وقد تكرر ذكر منهجه في مواضع كثيرة للاقتداء به.

(7) قوله "أن تعبد الله" هذه خبر "أن" في قول "أن الحنيفية" والعبادة بمفهومها العام هي "التذلل لله محبة وتعظيماً بفعل أوامره واجتناب نواهيه على الوجه الذي جاءت به شرائعه". أما المفهوم الخاص للعبادة-يعني تفصيلها- فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "العبادة أسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال، والأعمال الظاهرة والباطنة كالخوف ، والخشية ، والتوكل والصلاة والزكاة ، والصيام وغير ذلك من شرائع الإسلام.

(8) الإخلاص هو التنقية والمراد به أن يقصد المرء بعبادته وجه الله عز وجل والوصول إلى دار كرامته بحيث لا يعبد معه غيره لا ملكاً مقرباً ولا نبياً

وبذلك (1) أمر الله جميع الناس وخلقهم لها كما قال الله تعالى: )وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56)

ومعنى يعبدون يوحدون(2) . . . . . . . . . . . . . . .

مرسلاً قال الله تعالى : )ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (النحل:123) . وقال الله تعالى: )وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ*إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ* وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (البقرة:130-132)

(1) أي بالحنيفية وهي عبادة الله مخلصاً له الدين أمر الله جميع الناس وخلقهم لها ، كما قال الله تعالى: )وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء:25)

وبين الله عز وجل في كتابه أن الخلق إنما خلقوا لهذا فقال تعالى: )وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56) .

(2) يعني التوحيد من معنى العبادة و إلا فقد سبق لك معنى العبادة وعلى أي شيء تطلق وأنها أعم من مجرد التوحيد.

وأعلم أن العبادة نوعان:

عبادة كونية وهي الخضوع لأمر الله تعالى الكوني وهذه شاملة لجميع الخلق لا يخرج عنها أحد لقوله تعالى: )إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً) (مريم:93) فهي شاملة للمؤمن والكافر،

وأعظم ما أمر الله به التوحيد وهو : إفراد الله بالعبادة (1) . . . . . . . . . . . . . . . . .

و البر والفاجر .

والثاني : عبادة شرعية وهي الخضوع لأمر الله تعالى الشرعي وهذه خاصة بمن أطاع الله تعالى واتبع ما جاءت به الرسل مثل قوله تعالى: )وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً) (الفرقان:63) . فالنوع الأول لا يحمد عليه الإنسان لأنه بغير فعله لكن قد يحمد على ما يحصل منه من شكر عند الرخاء وصبر على البلاء بخلاف النوع الثاني فإنه يحمد عليه.

(1) التوحيد لغة مصدر وحد يوحد ، أي جعل الشيء واحداً وهذا لا يتحقق إلا بنفي وإثبات ، نفي الحكم عما سوى الموحد وإثباته له فمثلاً نقول: إنه لا يتم للإنسان التوحيد حتى يشهد أن لا إله إلا الله فينفي الألوهية عما سوى الله تعالى ويثبتها لله وحده.

وفي الاصطلاح عرفه المؤلف بقوله: "التوحيد هو إفراد الله بالعبادة" أي أن تعبد الله وحده لا تشرك به شيئاً، لا تشرك به نبياً مرسلاً ، ولا ملكاً مقرباً ولا رئيساً ولا ملكاً ولا أحداً من الخلق ، بل تفرده وحده بالعبادة محبة وتعظيماً ، ورغبة ورهبة، ومراد الشيخ رحمه الله التوحيد الذي بعثت الرسل لتحقيقه لأنه هو الذي حصل به الإخلال من أقوامهم.

وهناك تعريف أعم للتوحيد وهو: "إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص به" .

وأنواع التوحيد ثلاثة:

الأول: توحيد الربوبية وهو "إفراد الله سبحانه وتعالى بالخلق، والملك

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

والتدبير" قال الله عز وجل: )اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ )(الزمر:الآية62) وقال تعالى : ) هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) (فاطر:الآية3) وقال تعالى: )تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (الملك:1) . وقال تعالى : ( أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)(الأعراف:الآية54).

الثاني: توحيد الألوهية وهو "إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة بأن لا يتخذ الإنسان مع الله أحداً يعبده ويتقرب إليه كما يعبد الله تعالى ويتقرب إليه".

الثالث: توحيد الأسماء والصفات وهو "إفراد الله سبحانه وتعالى بما سمى به نفسه ووصف به نفسه في كتابه ، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك بإثبات ما أثبته ، ونفي ما نفاه من غير تحريف ، ولا تعطيل ، ومن غير تكييف، ولا تمثيل

ومراد المؤلف هنا توحيد الألوهية وهو الذي ضل فيه المشركون الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم واستباح دماءهم وأموالهم وأرضهم وديارهم وسبى نساءهم وذريتهم، ، وأكثر ما يعالج الرسل أقوامهم على هذا النوع من التوحيد. قال تعالى: )وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ)(النحل:الآية36). فالعبادة لا تصح إلا لله عز وجل، ومن أخل بهذا التوحيد فهو مشرك كافر وإن أقر بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات ، فلو فرض أن رجلاً يقرّ إقراراً كاملاً بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات ولكنه يذهب إلى القبر فيعبد صاحبه أو ينذر له قرباناً يتقرب به إليه فإنه

وأعظم ما نهى عنه الشرك . وهو : دعوة غيره معه والدليل قوله تعالى: )وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً )(النساء:الآية36).

مشرك كافر خالد في النار قال الله تعالى: ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ)(المائدة:الآية72) وإنما كان التوحيد أعظم ما أمر الله لأنه الأصل الذي ينبني عليه الدين كله، ولهذا بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله، وأمر من أرسله للدعوة أن يبدأ به.

(1) أعظم ما نهى الله عنه الشرك وذلك لأن أعظم الحقوق هو حق الله عز وجل فإذا فرط فيه الإنسان فقد فرط في أعظم الحقوق وهو توحيد الله عز وجل قال الله تعالى: ) إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)(لقمان:الآية13)وقال تعالى : ) وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً)(النساء:الآية48) وقال عز وجل : ) وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً)(النساء:الآية116) وقال تعالىخليجية إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أنصار)(المائدة:الآية72) وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )(النساء:الآية48) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "أعظم الذنب أن تجعل لله نداً وهو خلقك"(10) . وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم عن جابر، رضي الله عنه: "من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار" (11)

يتبع ……

ولا رد ؟!!!!

بارك الله فيك عزيزتي سديم الليل ..

شرح الثلاثة الاصول بشرح الشيخ بن عثيمين رحمه الله تعالى ()

فإذا قبل لك: ما الأصول(1) الثلاثة التي يجب على الإنسان . . . . .

و قال النبي صلى الله عليه وسلم "من مات وهو يدعوا من دون الله نداً دخل النار(12) رواه البخاري واستدل المؤلف رحمه الله تعالى لأمر الله تعالى بالعبادة ونهيه عن الشرك بقوله عز وجل )وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً )(النساء:الآية36) فأمر الله سبحانه وتعالى بعبادته ونهى عن الشرك به، وهذا يتضمن إثبات العبادة له وحده فمن لم يعبد الله فهو كافر مستكبر ، ومن عبد الله وعبد معه غيره فهو كافر مشرك ، ومن عبد الله وحده فهو مسلم مخلص. والشرك نوعان : شرك أكبر ، وشرك أصغر.

فالنوع الأول: الشرك الأكبر وهو كل شرك أطلقه الشارع وكان متضمناً لخروج الإنسان عن دينه.

النوع الثاني: الشرك الأصغر وهو كل عمل قولي أو فعلي أطلق عليه الشرع وصف الشرك ولكنه لا يخرج عن الملة.

وعلى الإنسان الحذر من الشرك أكبره وأصغره فقد قال تعالى(إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) (النساء:الآية48)

(1) الأصول جمع أصل ، وهو ما يبنى عليه غيره ، ومن ذلك أصل الجدار وهو أساسه ، وأصل الشجرة الذي يتفرغ منه الأغصان ، قال الله تعالى )أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ) (إبراهيم:24) .

معرفتها (1) ؟ فقل : معرفة العبد ربه (2) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . …

وهذه الأصول الثلاثة يشير بها المصنف رحمه إلى الأصول التي يسأل عنها الإنسان في قبره :ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟

(2) أورد المؤلف رحمه الله تعالى هذه المسألة بصيغة السؤال وذلك من أجل أن ينتبه الإنسان لها ؛ لأنها مسألة عظيمة وأصول كبيرة ؛ وإنما قال: إن هذه هي الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها لأنها هي الأصول التي يسأل عنها المرء في قبره إذا دفن وتولى عنه أصحابه أتاه ملكان فأقعداه فسألاه من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فأما المؤمن فيقول: ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد، وأما المرتاب أو المنافق فيقول هاه ؛ هاه لا أدري ، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته.

(2) معرفة الله تكون بأسباب:

منها النظر والتفكر في مخلوقاته عز وجل فإن ذلك يؤدي إلى معرفته ومعرفة عظيم سلطانه وتمام قدرته ، وحكمته ، ورحمته قال الله تعالى: )أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ )(الأعراف:الآية185) وقال عز وجل: )قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا)(سـبأ:الآية46) وقال تعالى: )إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) (آل عمران:190) وقال عز وجل: ) وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ)(يونس:الآية6) وقال سبحانه وتعالى : )إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (البقرة:164)

ودينه (1). . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ومن أسباب معرفة العبد ربه النظر في آياته الشرعية وهي الوحي الذي جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام فينظر في هذه الآيات وما فيها من المصالح العظيمه التي لا تقوم حياة الخلق في الدنيا ولا في الآخرة إلا بها ، فإذا نظر فيها وتأملها وما اشتملت عليه من العلم والحكمة ووجد انتظامها وموافقتها لمصالح العباد عرف بذلك ربه عز وجل كما قال الله عز وجل : )أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (النساء:82) .

ومنها ما يلقي الله عز وجل في قلب المؤمن من معرفة الله سبحانه وتعالى حتى كأنه يرى ربه رأي العين قال النبي عليه الصلاة والسلام ، حين سأله جبريل ما الإحسان ؟ قال : "أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".(13)

(1) أي معرفة الأصل الثاني وهو دينه الذي كلف العمل به وما تضمنه من الحكمة والرحمة ومصالح الخلق، ودرء المفاسد عنها ، ودين الإسلام من تأمله حق التأمل تأملاً مبيناً على الكتاب والسنة عرف أنه دين الحق، وأنه الدين الذي لا تقوم مصالح الخلق إلا به ، ولا ينبغي أن نقيس الإسلام بما عليه المسلمون اليوم، فإن المسلمين قد فرطوا في أشياء كثيرة وارتكبوا

ونبيه محمداً صلى الله عليه وسلم (1)

فإذا قيل لك :ربك(2) ؟ فقل : ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمه(3) ، . . . .

محاذير عظيمة حتى كأن العائش بينهم في بعض البلاد الإسلامية يعيش في جو غير إسلامي.

والدين الإسلامي -بحمد الله تعالى- متضمن لجميع المصالح التي تضمنتها الأديان السابقة متميز عليها بكونه صالحاً لكل زمان ومكان وأمة ، ومعنى كونه صالحاً لكل زمان ومكان وأمة : أن التمسك به لا ينافي مصالح الأمة في أي زمان ومكان وأمة ، فدين الإسلام يأمر بكل عمل صالح وينهى عن كل عمل سيء فهو يأمر بكل خلق فاضل ، وينهى عن كل خلق سافل.

(1) هذا هو الأصل الثالث وهو معرفة الإنسان نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ، وتحصل بدراسة حياة النبي صلى الله عليه وسلم وما كان عليه من العبادة ، والأخلاق ، والدعوة إلى الله عز وجل ، والجهاد في سبيله وغير ذلك من جوانب حياته عليه الصلاة والسلام ، ولهذا ينبغي لكل إنسان يريد أن يزداد معرفة بنبيه وإيماناً به أن يطالع من سيرته ما تيسر في حربه وسلمه ، وشدته ورخائه وجميع أحواله نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المتبعين لرسوله صلى الله عليه وسلم ، باطناً وظاهراً ، وأن يتوفانا على ذلك إنه وليه والقادر عليه.

(2) أي من هو ربك الذي خلقك ، وأمدك ، وأعدك ، ورزقك .

(3) التربية هي عبارة عن الرعاية التي يكون بها تقويم المربى ، ويشعر

وهو معبودي ليس لي معبود سواه (1) والدليل قوله تعالى: ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (2) (الفاتحة:2) وكل ما سوى الله عالم

كلام المؤلف رحمه الله أن الرب مأخوذ من التربية لأنه قال: "الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمه" فكل العالمين قد رباهم الله بنعمه وأعدهم لما خلقوا له ، وأمدهم برزقه قال الله تبارك وتعالى في محاورة موسى وفرعون: )قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى* قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) (طـه:49-50)

فكل أحد من العالمين قد رباه الله عز وجل بنعمه.

ونعم الله عز وجل على عباده كثيرة لا يمكن حصرها قال الله تبارك وتعالى: )وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا )(النحل:الآية18) فالله هو الذي خلقك وأعدك ، وأمدك ورزقك فهو وحده المستحق للعبادة .

(1) أي وهو الذي أعبده وأتذلل له خضوعاً ومحبة وتعظيماً ، أفعل ما يأمرني به، وأترك ما ينهاني عنه ، فليس لي أحد أعبده سوى الله عز وجل ، قال الله تبارك وتعالى : )وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء:25) وقال تعالى: )وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (البينة:5)

(2) أستدل المؤلف رحمه الله لكون الله سبحانه وتعالى مربياً لجميع الخلق بقوله تعالى: )الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الفاتحة:2) يعني الوصف بالكمال والجلال والعظمة لله تعالى وحده.

(رب العالمين) أي مربيهم بالنعم وخالقهم ومالكهم ، والمدبر لهم كما شاء عز وجل.

وأنا واحد من ذلك العالم (1) ، فإذا قيل لك بم عرفت ربك (2) ؟ فقل بآياته ومخلوقاته (3) ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر ، ومن مخلوقاته السماوات السبع والأرضون السبع ومن فيهن وما بينهما (4) .

(1) العالم كله من سوى الله ، وسمو عالماً لأنهم علم على خالقهم ومالكهم ومدبرهم ففي كل شيء آية لله تدل على أنه واحد.

وأنا المجيب بهذا واحد من ذلك العالم ، وإذا كان ربي وجب علي أن أعبده وحده.

(2) أي إذا قيل لك: بأي شيء عرفت الله عز وجل؟

فقل: عرفته بآياته ومخلوقاته.

(3) الآيات : جمع آية وهي العلامة على الشيء التي تدل عليه وتبينه.

وآيات الله تعالى نوعان : كونية وشرعية ، فالكونية هي المخلوقات ، والشرعية هي الوحي الذي أنزله الله على رسله ، وعلى هذا يكون قول المؤلف رحمه الله "بآياته ومخلوقاته" من باب عطف الخاص على العام إذا فسرنا الآيات بأنها الآيات الكونية والشرعية. أو من باب عطف المباين المغاير إذا خصصنا الآيات بالآيات الشرعية وعلى كل فالله عز وجل يعرف بآياته الكونية وهي المخلوقات العظيمة وما فيها من عجائب الصنعة وبالغ الحكمة، وكذلك يعرف بآياته الشرعية وما فيها من العدل ، والاشتمال على المصالح ، ودفع المفاسد .

وفـي كـل شـيء لـه آيـة تــدل على أنــه واحــد

(4) كل هذه من آيات الله الدالة على كمال القدرة، وكمال الحكمة ، وكمال

الرحمة ، فالشمس آية من آيات الله عز وجل لكونها تسير سيراً منتظماً بديعاً منذ خلقها الله عز وجل وإلى أن يأذن الله تعالى بخراب العالم، فهي تسير لمستقر لها كما قال تعالى: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (يّـس:38) وهي من آيات الله تعالى بحجمها وآثارها ، أما حجمها فعظيم كبير ، وأما آثارها فما يحصل منها من المنافع للأجسام والأشجار والأنهار ، والبحار وغير ذلك ، فإذا نظرنا إلى الشمس هذه الآية العظيمة ما مدى البعد الذي بيننا وبينها مع ذلك فإننا نجد حرارتها هذه الحرارة العظيمة ، ثم انظر ماذا يحدث فيها من الإضاءة العظيمة التي يحصل بها توفير أموال كثيرة على الناس فإن الناس في النهار يستغنون عن كل إضاءة ويحصل بها مصلحة كبيرة للناس من توفير أموالهم ويعد هذا من الآيات التي لا ندرك إلا اليسير منها.

كذلك القمر من آيات الله عز وجل حيث قدره منازل لكل ليلة منزلة )وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) (يّـس:39) فهو يبدو صغيراً ثم يكبر رويداً رويداً حتى يكمل ثم يعود إلى النقص ، وهو يشبه الإنسان حيث أنه يخلق من ضعف ثم لا يزال يترقى من قوة إلى قوة حتى يعود إلى الضعف مرة أخرى فتبارك الله أحسن الخالقين.

والدليل(1) قوله تعالى )وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (فصلت:37) وقوله (2) تعالى:

)إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (الأعراف:54) .

(1) أي والدليل على أن الليل والنهار ، والشمس والقمر من آيات الله عز وجل قوله تعالى

} ومن آياته الليل والنهار{ . . . . إلخ أي من العلامات البينة المبينة لمدلولها الليل والنهار في ذاتهما واختلافهما ، وما أودع الله فيهما من مصالح العباد وتقلبات أحوالهم ، وكذلك الشمس والقمر في ذاتهما وسيرهما وانتظامهما وما يحصل بذلك من مصالح العباد ودفع مضارهم .

ثم نهى الله تعالى العباد أن يسجدوا للشمس أو القمر وإن بلغا مبلغاً عظيماً في نفوسهم لأنهما لا يستحقان العبادة لكونها مخلوقين ، وإنما المستحق للعبادة هو الله تعالى الذي خلقهن.

(2) وقوله أي من الأدلة على أن الله خلق السماوات والأرض )إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ)(الأعراف:الآية54) وفيها من آيات الله:

أولاً : أن الله خلق هذه المخلوقات العظيمة في ستة أيام ولو شاء لخلقها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بلحظة ولكنه ربط المسببات بأسبابها كما تقتضيه حكمته .

ثانياً : أنه استوى على العرش أي علا عليه علواً خاصاً به كما يليق بجلاله وعظمته وهذا عنوان كمال الملك والسلطان.

ثالثاً : أنه يغشي الليل النهار أن يجعل الليل غشاء للنهار ، أي غطاء له فهو كالثوب يسدل على ضوء النهار فيغطيه.

رابعاً : أنه جعل الشمس والقمر والنجوم مذللات بأمره جل سلطانه يأمرهن بما يشاء لمصلحة العباد .

خامساً : عموم ملكه وتمام سلطانه حيث كان له الخلق والأمر لا لغيره.

سادساً : عموم ربوبيته للعالمين كلهم.

والرب هو المعبود (1) ، والدليل (2) قوله تعالى: } يأيها الناس (3) أعبدوا ربكم الذي خلقكم (4) والذين من قبلكم لعلكم تتقون. (5) الذي

(1) يشير المؤلف رحمه الله تعالى إلى قول الله عز وجل : )إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (الأعراف:54) فالرب هو المعبود أي هو الذي يستحق أن يعبد أو هو الذي يعبد لاستحقاقه للعبادة ، وليس المعنى أن كل من عبد فهو رب فالآلهة التي تعبد من دون الله وأتخذها عبادها أرباباً من دون الله ليست أرباباً . والرب هو الخالق المالك المدبر لجميع الأمور .

(2) أي الدليل على أن الرب هو المستحق للعبادة.

(3) النداء موجه لجميع الناس من بني آدم أمرهم الله عز وجل أن يعبدوه وحده لا شريك له.

فلا يجعلوا له أنداداً، ويبين أنه إنما استحق العبادة لكونه هو الخالق وحده لا شريك له.

(4) قوله (الذي خلقكم) هذه صفة كاشفة تعلل ما سبق أي اعبدوه لأنه ربكم الذي خلقكم فمن أجل كونه الرب الخالق كان لزاماً عليكم أن تعبدوه ، ولهذا نقول يلزم كل من أقر بربوبية الله أن يعبده وحده وإلا كان متناقضاً.

(5) أي من أجل أن تحصلوا على التقوى ، والتقوى هي اتخاذ وقاية من عذاب الله عز وجل باتباع أوامره واجتناب نواهيه.

جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً (1) وَالسَّمَاءَ بِنَاءً (2) وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً (3) فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ (4) فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً (5) وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (6) (البقرة:21-22)
(1) أي جعلها فراشاً ومهاداً نستمتع فيها من غير مشقة ولا تعب كما ينام الإنسان على فراشه.

(2) أي فوقنا لأن البناء يصير فوق السماء بناء لأهل الأرض وهي سقف محفوظ كما قال الله تعالى : )وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ) (الأنبياء:32)

(3) أي أنزل من العلو من السحاب ماء طهوراً كما قال تعالى: ) لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ)(النحل:الآية10) .

(4) أي عطاء لكم وفي آية أخرى: )مَتَاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) (النازعـات:33)

(5) أي لا تجمعلوا لهذا الذي خلقكم ، وخلق الذين من قبلكم ، وجعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناء ، وأنزل لكم من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم لا تجعلوا له أنداداً تعبدونها كما تعبدون الله ، أو تحبونها كما تحبون الله فإن ذلك غير لائق بكم لا عقلاً ولا شرعاً.

(6) أي تعلمون أنه لا ند له وأنه بيده الخلق والرزق والتدبير فلا تجعلوا له شريكاً في العبادة.

يتبع …..

جزاك الله الف خير

واياكي عزيزتي واسعدني مرورج

سبحان الله وبحمدلله سبحان الله العظيم