center][size="4"4?"]بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم …
الأحبة في الله تعالى ..
أسأل الله تعالى أن يقسم لنا من خشيته ما يحول بيننا وبين معاصيه ، ومن طاعته ما يبلغنا به جنته ، ومن اليقين ما يهون علينا به مصائب الدنيا ، متعنا ربنا بأسماعنا وابصارنا وقوتنا أبدًا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منَّا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل في قلوبنا حبًا إلا لك ، ولا تعلقًا إلا بك .
أحبتي ..
هل تذكرون شعار هذه الدورة ، نعم " على اليقين كنت " ، نعم نجتمع لنتداوى من الشبهات القاطعة بيننا وبين ربنا ، لنغرس غرس اليقين في قلوبنا ، لتطمئن قلوب ، ولتزكو أنفس ببلسم اليقين الشافي ، لندخل زمان العشر بعدة إيمانية جديدة ، أساسها ليس مجرد معرفة الفضل ، أو التصديق بصدق الوعد من قبل الله ورسوله بعظيم الأجر لمن يجتهد في هذه الأيام العشر ، ولكن بيقين يبعث على العمل ، وينفض الكسل ، ويحيي في القلب ما مات ، ويعيدنا للصراط المستقيم .
تعالوا نتدارس أسباب اليقين :
ومن أعظمها : عبودية التفكر . قال تعالى : "
وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ " [الأنعام : 75 ]
والتفكر المنشود هنا ثلاث :
(1) التفكر في أسماء الله وصفاته .
(2) التفكر في النفس :" وفي أنفسكم أفلا تبصرون "
(3) التفكر في الرسائل الربانية .وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا " [ الإسراء : 15 ]
ونبدأ بالتفكر في الاسماء والصفات وكيف نغرس به غرس اليقين :
تعالوا نتأمل اسمًا جميلاً كاسمه " اللطيف جل وعلا " ونتعبد ربنا به ، ونعرف ونصدق ثم نوقن بمعاني هذا الاسم في حياتنا .
قال اهل العلم : إنَّ اللطف في اللغة يدور حول ثلاث معانٍ : الرقة والحنان والرفق .
واللطف في حقه تعالى :
هو الذي اجْتَمع له العِلْمُ بدَقَائق المصَالح وإيصَالها إلي مَن قدّرها له مِن خَلْقه ، والرّفْق في الفِعْل والتنفيذ ، يُقال لَطَف به وله ( اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ) لطف بهم ، وقال : ( إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ ) لطف لهم .
والله لطيف بعباده رفيق بهم قريبٌ منهم ، يعامل المؤمنين بعطف ورأفة وإحسان ، ويدعو المخالفين مهما بلغ بهم العصيان إلى التوبة والغفران ، فالله لطيف بعباده يعلم دقائق أحوالهم لا يخفى عليه شيء مما في صدورهم
( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ ) (الملك :14)
قال تعالى : ( يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ) (لقمان16) .
وهو الذي يسر لهم أمورهم ويستجيب دعاءهم ، فهو المحسن إليهم في خفاء وستر من حيث لا يعلمون ، نعمته سابغة ظاهرة لا ينكرها إلا الجاحدون ، وهو الذي يرزقهم بفضله من حيث لا يحتسبون : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ) (الحج63) ، ( اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ) (الشورى19) كما أنه يحاسب المؤمنين حسابا يسيرا بفضله ورحمته ، أو يحاسب غيرهم من المخالفين وفق عدله وحكمته .
ومن أجمل ما قرأت في معاني لطفه :
ما ذكره السلمي : أنَّ اللطيف هو الذي ينسى العباد في الآخرة ذنوبهم لئلا يتحسروا .
واللطيف هو الذي لطف بعباده حتى يعرفوه .
استشعروا معي هذا اللطف ، وتحببوا إلى ربكم ، وذاكروا هذه المعاني ، واكتبوا في دفتر خاص ، مشهد واقعي من مشاهد لطف الرحمن بكم ، ودللوا على فهمكم بأن تتوبوا لربكم من ذنب تفعلوه لجهلكم به ، وقولوا لأنفسكم : ألا يعلم من خلق وهو اللطيف ، فحقه أن لا أختار مع اختياره ، وأرضى بما يعاملني ، فنحن له عبيد يفعل بنا ما يريد .
تعالوا ندعو ربنا بأن يلطف بنا ، فاللهم الطف بي في تيسير كل عسير ، فإن تيسير كل عسير عليك يسير ، وأسألك اليسر والمعافاة في الدنيا والآخرة .
تعبدوا الله باسمه اللطيف ، وترقبوا رسالتنا القادمة مع كلام ماتع لابن القيم في اللطف الرباني ليزداد الذين آمنوا إيمانًا .
لا تنسوا :
اللهم تقبل منا رمضان ، وسلم لنا أيام عشر ذي الحجة ، وسلمنا فيها ، وتسلمها منَّا متقبلة .
اللهم إن كتبتنا في الحجيج هذا العام فمنَّا منك وفضلاً ، وإن حُرمنا فقد حبسنا العذر فلا تحرمنا ربنا الأجر .
هل سمعتم : أعظم أيام الدهر ؟ ليتكم تفعلون
وكتبه
محبكم في ربكم
هاني حلمي [/size][/center]